ولا يمكن لأحد أن يقلل من شأن الدعوات التي تحاكي هذا التوجه فمنذ فترة طويلة تتردد الأصوات المطالبة بمراجعة العلاقات الاميركية مع آل سعود لأن ما يطفو على السطح شبه إجماع حول وجود نقمة عارمة في الكونغرس على آل سعود خاصة بعدما جاءت الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» بخلاصة تحمل العاهل السعودي محمد بن سلمان المجرم مسؤولية الجرائم الحاصلة في اليمن والذي يعتبره محللون أنه موقف لحفظ ماء الوجه فقط أمام المجتمع الدولي .
من جانب آخر دعت منظمات الإغاثة الدولية العاملة في اليمن واشنطن إلى وقف دعمها العسكري للعدوان السعودي محذرة من استمرار الدعم الأمريكي وتحمل واشنطن مسؤولية أكبر مجاعة قد تحصل في السنوات المقبلة وجاء في بيان منظمات «أوكسفام «أن الدعم العسكري الأميركي يطيل الحرب في اليمن فإن أميركا تعمق وتطيل أزمة لها عواقب خطيرة على اليمن واليمنيون وحدهم الذين يدفعون الثمن .
ولم تتوقف جرائم العدوان السعودي على قتل اليمنيين انما ايضا تحاول قتل الكلمة الخيط الاخير الذي يستغيث به آلاف اليمنيين لفضح جرائم العدوان ولإيصالها الى المجتمع الدولي ولكي تقنص حتى هذه الفرصة الاخيرة بالنجاة يلجا النظام السعودي الى استهداف أصحاب القلم والكلمة الحق في الدفاع عن الاراضي اليمنية وهي حرب أخرى بالحجب والتشويش على الوسائل الاعلامية حتى ينفرد بالمنطقة وخارجها ،ويذكرنا هذا أن آل سعود يحمل سجلا أسود في المؤشر العالمي لحرية الصحافة لعام 2018 حيث تحتل المرتبة الـ19 عربيا كما احتلت المركز رقم 169 ضمن تصنيف 180 دولة حول العالم وهو ترتيب متدن جدا حيث يكشف إلى أي مدى تنتهك حرية الصحافة والرأي والتعبير و حسب منظمة «مراسلون بلا حدود إن ترتيبها قد يزداد سوءا في العام المقبل 2019 بسبب تصاعد ردود الأفعال الدولية حولها سياساتها القمعية .
فيما تتواصل الهدنة العسكرية في مدينة الحديدة باستثناء اشتباكات محدودة عند أطرافها الجنوبية والشرقية التي رافقتها غارات عنيفة على المدينة وعدد من مديريات المحافظة ووفقا للناطق باسم جماعة أنصار الله فقد شن طيران العدوان أكثر من 35 غارة جوية خلال الساعات الماضية مع قصف مدفعي وصاروخي مكثف على منازل اليمنيين والأحياء السكنية واعتبر محللون أن في ذلك تكذيب صارخ وواضح للتهدئة المزعومة وأن هذا التصعيد ينسف جهود المبعوث الأممي ويكشف النوايا المبيتة لإفشال كل مساعي السلام و يعتبر أي تصعيد بعد مغادرة المبعوث الأممي العاصمة صنعاء بادرة فشل لاتحمل في طياتها الامزيدا من المراوغة والعزف على خيوط استعمارية جديدة على لحن واشنطن .
لكن واحتياطا لهذه المبادرات الملغومة والكاذبة للمجرم السعودي احتفظت صنعاء بحق الرد على أي خرق أو تصعيد والتي جاء مايسمى مشروع القرار البريطاني لوقف العدوان على اليمن والمطروح أمام مجلس الأمن داعما لها حسب زعمهم في حال واجهت عقبات قد تؤذي إلى مسار الحل السلمي ،لربما هي محاولة جديدة من بريطانيا لكسب الوقت او لتبيض صفحتها أمام الرأي العالمي كونها شريكة بهذا العدوان وتتحمل جزءا من مسؤوليتها بالجرائم المرتكبة بحق اليمنيين .
وفي أعقاب الغارات التي شنها طيران التحالف على الحديدة أعلنت القوة الصاروخية في الجيش واللجان الشعبية إطلاق صاروخ باليستي من طراز بدر 1 على معسكر المرتزقة في منفذ علب بعسير.
وعلى رغم المؤشرات السلبية التي يحملها المشهد الميداني من تجاوزا آل سعود لاتفاق وقف اطلاق النار إلا أن الأمور تبقى مرهونة بما سيتوصل إليه المبعوث الاممي « مارتن غريفيث» في كل من الرياض ومسقط وما إذا كان سيتمكن من تمهيد الطريق أمام المشاورات المنتظر انطلاقها مطلع الشهر المقبل في السويد لاسيما ان إعلام العدوان السعودي نشر حديث عن إبرام اتفاق جزئي في شأن الحديدة ومينائها والتي تعتبر خطوة في مسار الجولة التفاوضية المقبلة.