تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فلاح حكومي

على الملأ
الثلاثاء 27-11-2018
معد عيسى

على طريق الحرير يسير قطاع النسيج في سورية، فبعد أن توقف إنتاج الحرير الطبيعي في سورية بسبب سياسات تسويقية وتصنيعية تغيب عنها الرؤية الاستراتيجية،

وطبعاً مع توقف إنتاج الحرير توقفت الحرف اليدوية ذات القيمة الاجتماعية والمادية العالية المتعلقة بإنتاج الحرير وتصنيعه، قطاع النسيج السوري يسير بنفس طريق الحرير وإن اختلفت الأسباب وإذا استمرت الأمور بهذا المنهج وهذا الغموض في الموقف من هذا القطاع سيكون مصير قطاع النسيج طي صفحة النسيج السوري في المواقع العالمية وسيأتي اليوم الذي سنعمل فيه لإعادة إحياء قطاع النسيج كما نسعى حالياً لإعادة إحياء تربية دودة الحرير بعد أن قطعت أشجار التوت ودمرت الأنوال.‏

الحفاظ على قطاعات الإنتاج الحالية يحتاج إلى حسم الموقف من مسألة التصنيع الزراعي، فعندما تعجز الحكومات المتعاقبة عن إنشاء معمل للعصائر فهذا يعبر عن غياب الإرادة الحقيقية والاستراتيجية من مسألة تصنيع الإنتاج، وعندما تعجز الحكومات عن وضع معايير واضحة لمسألة دعم زراعة القطن وتحديد المساحات والكميات فهذا يعكس أيضاً غياب الرؤية والاستراتيجية، وعندما تعجز الحكومات المتعاقبة عن حسم الجدل بين مُصنعي النسيج ومستوردي الأقمشة والألبسة فإنها تلغي الهوية الحقيقية لهذا القطاع.‏

الدعم لأي مُنتج لا يكون دعم بالمادة فقط وهو آخر أنواع الدعم، فالدعم يحتاج إلى وضع الاستراتيجية وتحديد الهوية وصياغة القرارات الحمائية وتقييم الأمور مرحلياً لا الحكم على التجربة بشكل كامل من خلال مرحلة أو عدة مراحل.‏

المستقبل الزراعي اليوم للمكننة الزراعية والبحوث الزراعية لتطوير الأسمدة والبذار وأساليب الري والتصنيع الزراعي اللاحق وتكاد الكارثة التي أحاقت بموسم الزيتون هذا العام أن تنبئ عن مستقبل مليء بالأخطار عدا أن هذه الأساليب ليست بذات جدوى مع الملكيات الصغيرة التي لا تزال تصغر في ضوء التقاليد الاجتماعية وشح المياه المتزايد، وربما تنجح تجربة الوردة الشامية والزعفران كمشاريع موسمية أو شبه موسمية فيما يتراجع مشروع الحمضيات والزيتون كمشاريع استراتيجية نتيجة غياب الرؤية وضعف التسويق والتصنيع.‏

وحين سكب الفلاحون الجامايكيون الحليب في أقنية الصرف الصحي كانوا مقتنعين تماماً أنهم وبغياب الحماية والدعم لن يستطيعوا أن ينافسوا أقرانهم الأمريكيين والغربيين الذين ربطتهم معاهدات التجارة ووصفات صندوق النقد الدولي بهم وبأسواقهم والذين يأخذون سلفاً قيمة منتجاتهم من دولهم وهم رابحون بأي سعرٍ يبيعونها.. ربما كان حالهم شبيهاً بأقرانهم السوريين الذين يقتلعون أشجار الحمضيات والذين اقتلعوا قبلها أشجار التوت.. كذلك هي الحال لمصنعي النسيج السوريين. تقول الحكمة الصينية: أفضل وقت لزراعة شجرة كان منذ 20 سنة، ثاني أفضل وقت للزراعة هو الآن، ولكن ما نخشاه ألا تنطبق الحكمة الصينية على فلاحنا الذي زرع منذ عشرين عاماً واليوم يقتلع ما زرعه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية