فكان أن هيمنت أحداث الأزمة التي تمر بها سورية على نتاجهم، سوى بعض قصائد العشق والغزل التي أضفت على المكان نسائم معطرة بهمسات القلوب ونجوى الأمل باللقاء واستقرار البلاد بأمن وأمان.
بدأت الأمسية بقصيدة للشاعر أيهم الحوري باللهجة المحكية عبَّر فيها عن ألمه الشديد لما يحدث في الوطن من جرّاء تلك الهجمات الإرهابية والتكفيرية، وخصَّ بالذكر أولئك الأطفال الذين استشهدوا بتفجير إرهابي في مدينة حمص وهم يؤدون واجبهم المدرسي ويدخلون إلى صفوفهم والجرس يشير لهم إلى بداية الدرس فقال:
رنَّ الجرس تكفنوا يا ولاد
ومع بعضكن قولوا نشيد الليلكي
ومن صفكن روحوا بصداري رماد
كرمال أم ديانتها حكي..
لاتتأخروا ع بيوتكن الجداد
مطرح م الله شاهد ع البكي
ثم ألقت الشاعرة عدنة خير بيك قصائد كان قاسمها المشترك عشق الوطن والانتماء لكل ذرة من ترابه ولكل طفل يبشر بمستقبل واعد وللشهيد الحصة الأكبر، ومن قصيدتها بيني وبينك نقتطف:
حزن وحب.. لا الحزن فارق مقلتي..
ولا حبك رحم خافقي التعب
بيننا دروب وحكايات شوق..
مساءاتنا مترعة بالحنين والبكاء
النرجس والسرو مع حساسينها..
تناديك لم أعد احتمل
الحلم يتعبني.. أحلم بقدومك فألبس الحلم
الانتظار مني ولا أمل..
من أمل قدومك إلي متشحاً بالقمر
أما القاص علي أحمد العبدالله في قصته (كمثل كابوس) فتحكي قصته عن أسرة هجرت أكثر من مرة وكيف عاش الأب خوفاً كبيراً على أطفاله، فكان يتنقل بهم من منطقة إلى أخرى، وخلال هذا التنقل كان يحدث أطفاله عن ذكرياته الدراسية ولكنه يستطيع بالنهاية أن يصل بأطفاله إلى منطقة آمنة في حديقة عامة بعد هروبه من المناطق الساخنة وطبعاً هذه القصة تحكي معاناة الأسر السورية التي كانت تعيش في المناطق الساخنة وماتعرضت له من تنقلات ومآسٍ.
يقول: (انتفض فزعاً وهبطت عليه نشوة وحماس وفتح عينيه ينظر في سقف الخيمة المتثاقل، ثم نظر نحو أطفاله الذين كانوا يتكورون على بعضهم كصغار القطط، يتدثرون ببطانيات معونة الهلال الأحمر، وأيقن أنه نجا وأطفاله فهبَّ يهرول خارجها واعتراه الذهول والسعادة لما رأى، كان الثلج يطوف دمشق في وشاح أبيض كقلوب أطفالها، تاركاً وراءه كابوساً غارقاً في الوحدة والظلام.
كما قدم صفوح المعراوي مجموعة قصائد تبدأ بدمشق (عشق الشام) تحكي عن تفاصيل من الشام وكيف نشأ هذا الشاعر بالبيت الدمشقي الذي يحمل بين ضلوعه كل تفاصيل الحياة الدمشقية العريقة.
ومن كان في هذه الأمسية أدرك عمق الأسى الذي يعانيه شعبنا من جرّاء هذه الأزمة التي يمر بها الوطن ومدى انعكاسها على نتاجات أدبائنا ومثقفينا وسائر المخلصين لهذا الوطن، وكل ما نتمناه أن تزول هذه الغيمة القاتمة من سماء بلدنا الحبيب لتعود شمسه الألقة وحضارته العريقة تعم العالم بأسره.