أردوغان الحالم أول المراهقين السياسيين في المنطقة تخطت أفعاله مسألة الدكتاتورية والاستبداد لتصل حد النرجسية السياسية اذا اصطلح القول، فباتت صحافته المهيمنة علىالمشهد الاعلامي التركي تشير إليه باسم «السيد العظيم» وباتت السياسة الخارجية تختصر عملها بفعل ما هو جيد لأردوغان.
بطش أردوغان وصل الى ذقن شريكه الابرز والمؤسس المشترك في حزب العدالة والتنمية عبدالله غل ليتحول الرئيس التركي الى اخطبوط يقبض على تركيا مقوضاَ أركان العلمانية الليبرالية ومتجاهلاً بالبلاد بمسار استبدادي على شكل حكم سلطاني يمجد السلطان وأفعاله، فصار مصدر قلق للغرب ومحل انتقاد شديد للإعلام الغربي وللمحللين والخبراء.
الخبير بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي ستيفن كوك وصف أفعال أردوغان بالمهينة خاصة عندما التقطت صورة له في قصره الضخم الجديد مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وكان خلفهما 16 رجلاً يرتدون الزي العسكري الذي يمجد مقاتلي العهدالعثماني.
كوك اكد في مقال له في مجلة بوليتيكو الاميركية ان الصورة تكشف الكثير حول المسار الاستبدادي للسياسة التركية واصفاً المشهد بـ «الأبهة الفارغة» وأن أردوغان الوريث الطبيعي للسلاطنة العثمانيين ، مشيراً الى انه مثار سخرية واستهزاء وتهكم وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي على حد تعبيره.
وقال كوك في مقاله: لقد اصبح اردوغان المحور الذي تدور حوله السياسة التركية، حتى إن صحافته المهيمنة على المشهد الاعلامي تشير على نحو منتظم الى اردوغان باسم «السيد العظيم»، علماً انه تم سابقاً فرض وإجبار بيع الصحف ومحطات التلفزيون الى اصدقاء اردوغان المقربين.
ويضيف كوك لقد اصبح شائعاً ان يشير المحللون والصحفيون الى «التحول غير الليبرالي» او «الاستبداد المنبعث» في تركيا، لكن هذه التعابير تفشل في التعبير عن الطريقة التي تحولت بها تركيا من نموذج للديمقراطية الاسلامية كما اعتقد الكثير من الاتراك والعرب وأعضاء مؤسسة السياسة الخارجية الاميركية خلال فترة الغزو الاميركي للعراق وبعد الانتفاضات العربية عندما اعتبرت تركيا نموذجاً معيارياً لليبراليين والمحافظين الجدد وبوجوه كثيرة، لا يختلف اسلوب حكم اردوغان عن حكم أولئك الحكام العرب الديكتاتوريين الذين تم خلعهم في الحكم في دولهم.
ويقول كووك: لقد باتت تركيا الاستبدادية تشكل علىنحو متزايد خطراً على المنطقة، وهناك عواقب خارج تركيا لشكل الحكم التركي الذي اصبح يميل بشكل متزايد نحو الشكل السلطاني في الحكم.
ويشير الكاتب الى ان السياسة الخارجية التركية اصبحت فقط القيام بما هو جيد لأردوغان سياسياً، وعلى سبيل المثال يبدو أردوغان متصلباً بشأن تغيير الحكومة السورية ولا يستطيع تغيير موقفه من دون أن يبدو ضعيفاً، وكنتيجة لذلك تصر انقرة على ان القتال ضد داعش يتضمن التزاماً بتغيير الحكومة السورية ما عقّد مهمة التحالف الدولي الذي يقاتل داعش، وأضعف مكانة تركيا في الشرق الاوسط حتى انه لم بيق لها إلا القليل من الاصدقاء غير حركة حماس، كما لم تعد تركيا إحدى الاماكن التي يريد الكثير من الشباب العرب العيش فيها باعتبارها مجتمعاً مزدهراً ومنفتحاً، كل ذلك لم يعد له وجود.
وأشار كوك في مقاله الى ان اسلوب اردوغان البطشي في السياسة يذكّر كثيراً بأولئك الديكتاتوريين الذين ثارت شعوبهم ضدهم في المنطقة، ولا حاجة للقول إن هذه التطورات قوضّت هذف الادارة الاميركية في جعل تركيا «نموذجاً» للمجتمعات الاسلامية الاخرى.
وختم كوك مقاله بالقول: منذ العام 2007 عندما نقل شريكه الابرز والمؤسس المشترك لحزب العدالة والتنمية من وزير خارجية الى رئاسة الجمهورية - الموقع غير السياسي رسمياً - هيمن اردوغان على الساحة السياسية التركية، وهمّش أو تخلص من كل اعضاء الشبكة الداعمة للرئيس غول في الحزب لمنع الرئيس أو اي سياسي آخر طموح من تأسيس قاعدة قوة وسلطة في حزب العدالة والتنمية.