تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مراجعات في النحو العربي

ملحق ثقافي
2018/11/27
سلام الفاضل

مما لا شك فيه أن الاجتهاد الشخصي القائم على الاستقصاء والتصنيف والتفسير والتعليل والمفاضلة بين الأمور والاختيار العلمي المدلَّل هو ما يقوم عليه، أو ما ينبغي أن يقوم عليه البحث العلمي عامة،

‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏

والعلوم الإنسانية خاصة. لذا من الطبيعي أن يظل باب الاجتهاد بهذا المفهوم، وبتلك الأبعاد مفتوحاً أمام المعنيين على مر الأيام مما يجعلهم يشعرون أنه من الطبيعي معاودة القول في مختلف أبواب علوم العربية. وضمن هذا السياق يأتي كتاب (مراجعات في النحو العربي)، تأليف: د. محمد عبدو فلفل، والصادر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب.‏

افتُتح الكتاب بمقدمة بيّن فيها المؤلف أن الإسهامات المجموعة في هذا الكتاب تعاود القول في مسائل أساسية ورائجة في نشأة النحو العربي، وفي درس اللغة العربية ونحوها، كعلاقة الإعراب على اختلاف مفهوماته بالمعنى، والدلالة الإفرادية للفعل، وعدم كفاية القول بدلالته على الحدث والزمن، والقسمة الثلاثية لأضرب الخبر وعدم كفايتها في استيعاب مختلف ضروب التراكيب الخبرية في اللغة العربية، إلى غير ذلك من القضايا التي شُغلت بها مباحث هذا الكتاب.‏

في نشأة النحو العربي‏

يحاول هذا المبحث النظر في نشأة النحو العربي أصيلاً أو متأثراً في نشأته الأولى بمسترفدات من الأمم السابقة، وإلى الواضع الأول له. وذلك بتوسيع زاوية النظر من الناحيتين التاريخية والعلمية؛ أما من الناحية التاريخية فالمراد بها احتمال أن يعود التفكير اللغوي عند العرب إلى العصر الجاهلي، لا كما يلاحظ في الدراسات المعنية من اقتصار البحث عن نشأة النحو في القرن الأول للهجرة. وأما من الناحية العلمية فهي ضرورة البحث في نشأة التفكير النحوي عند العرب في سياق البحث في نشأة تفكيرهم في البحث اللغوي عامة.‏

محدثات في الجملة العربية‏

الهدف الرئيس الذي عُقد من أجله مبحث (محدثات في الجملة العربية) هو مناقشة تقسيمات جديدة للجملة العربية عند أبرز القائلين بهذه التقسيمات في الدرس النحوي العربي الحديث الذي جاء لأسباب عدة، في مقدمتها التأثر بالدرس اللغوي الغربي أي (اللسانيات) بأنواع للجملة في اللغة العربية، لم تعرفها من قبل النظرية النحوية العربية القديمة. وأبرز هذه الأنواع هي الجملة الوصفية، والجملة غير الإسنادية، والجملة وحيدة الركن.‏

أما مبحث (التوكيد من الوجهة الوظيفية) فقد دار الحديث فيه حول ثلاثة محاور، سلط أولها الضوء على مدى كفاية تقسيم أضرب الخبر في البلاغة العربية إلى ثلاثة: ابتدائي، وطلبي، وإنكاري، وثانيها بحث في ما يمكن تسميته بالخبر الانفعالي، وذلك عندما لا يراد بالتوكيد مراعاة حال المخاطب فيما نود الإخبار به، بل التعبير عن الحالة النفسية أو الانفعالية التي يصدر عنها المتكلم، أما المحور الثالث فنظر في نسبة التوكيد إلى السين وسوف ولن.‏

دعا المبحث الرابع والموسوم بـ (الإعراب من الوجهة الوظيفية) إلى ضرورة ترشيد العناية بالإعراب بمعنى التحليل النحوي في دراسة العربية وتدريسها، سواء أكان الغرض من هذه الدراسة علمياً أم تعليمياً، وذلك في ضوء حقيقة مفادها أن الإعراب بهذا المفهوم لا يسهم دائماً في توضيح معنى التركيب المعرب، مما تنتفي معه في هذه الحالة الوظيفة الأساسية للإعراب، وعليه يكون الإعراب في هذه الحالة مجرد محاولة يائسة لتأكيد شمول نظرية العامل في العربية لكل ما جاءت به مدونتها اللغوية.‏

وأسهم مبحث (في الدلالة الإسنادية للفعل) في التدليل على أن ما شاع عند دارسي العربية المحدثين والقدماء من دلالة الفعل الإفرادية على الحدث والزمن هو المقولة الوحيدة في تحديد معنى الفعلية في اللغة العربية، أي أن المقولات المطروحة قديماً وحديثاً في تحديد هذا المعنى بيّنت رأياً مفاده أن الفعل يدل على الحدث وزمنه وفاعله، وبالتالي فإن من مكونات الدلالة الإفرادية للفعل في العربية دلالته على معنى الإسناد.‏

أسهم هذا المبحث في تلمس المعالم الجمالية أو الشعرية المعبَّر عنها بالانحرافات اللغوية على المستوى الصرفي والنحوي واللغوي التي جاءت بها بعض شواهد النحو العربي الشعرية، وذلك بالنظر إلى المحمولات الدلالية والانفعالية لهذه الانحرافات في ضوء العلاقات السياقية النصية العامة للنصوص التي تنتمي إليها هذه الشواهد.‏

بقي أن نشير إلى أن هذا الكتاب يقع في 283 صفحة من القطع الكبير.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية