في محاولة منها لتغيير النتائج التي انبثقت عن صناديق الاقتراع والتي أكدت فوز الشيوعيين مجدداً وللمرة الثالثة على التوالي والحصول على أغلبية نواب البرلمان المولدافي، وبالفعل فقد خيبت إعادة فرز الأصوات المعارضة المعادية للنظام الذي ما زال محتفظاً باسمه «الشيوعي» وجاءت النتائج لتؤكد ما أكدته النتائج الأولية بفوز الشيوعيين في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، الأمر الذي يعني أنهم سيؤلفون الحكومة الجديدة منفردين، في وقت ألحت روسيا على احترام إرادة المولدافيين والعمل وفق ما ينص عليه دستور البلاد ، وأشارت المراجع المختلفة المتابعة لعملية الانتخابات الدستورية واللجنة المركزية المولدافية للانتخابات على لسان سكرتيرها يوري تشوكان أن البيانات التي تسلمتها اللجنة لم تظهر أي تزوير لمصلحة أي من المتنافسين في الانتخابات وتطابقت مع النتائج الرسمية التي أعلنت في الخامس من نيسان الحالي، وهكذا سيدخل البرلمان الجديد الحزب الشيوعي المولدافي بحصوله على 49،48 في المئة من الأصوات ويليه الحزب الليبرالي بنسبة 13،14في المئة والحزب الليبرالي- الديمقراطي 12،43 في المئة وتحالف مولدافيا لنا 9،77في المئة، ما يعني أن الشيوعيين حصلوا على 60 في المئة من أصل 101 مقعد في البرلمان الجديد، بينما المعارضة على 41 مقعداً، وهذا ما سيسمح للشيوعيين بتشكيل الحكومة منفردين، لكنهم بحاجة إلى صوت واحد للحصول على ثلاثة أخماس الأصوات لاختيار الرئيس الذي يجري عادة في البرلمان وبهذه النتائج لإعادة فرز الأصوات مجدداً تكون مولدافيا قد قطعت الطريق على ما يسمى «الثورات الملونة» التي شهدتها بعض الجمهوريات السوفييتية السابقة كجورجيا وأوكرانيا والتي لم تجلب سوى الفقر وبيع ممتلكات الدولة للرأسمال الغربي والأجنبي وحرمان شعوب هذه البلدان من خيرات بلادها لصالح طبقة الأثرياء المرتبطة عضوياً بالرأسمال الغربي والتي فقدت انتماءها لأوطانها لقاء تقاسمها خيرات بلدها مع الرأسمال الأجنبي، وفي مولدافيا لم تختلف التوجهات للمعارضة عن هذا التوجه الغربي الليبرالي، فالمحكمة العليا المولدافية وجهت إلى رجل الأعمال غابريل ستاتي تهمة محاولة الاستيلاء على السلطة وتنظيم أعمال شغب عامة على طريقة ساكاشفيلي في جورجيا، وكانت السلطات المولدافية قد ألقت القبض على ستاتي الذي يعتبر أحد أغنى رجال الأعمال المولدافيين، ويشار إلى أن ممولي أعمال الشعب في العاصمة الموالدفية كشينيوف سارعوا لمغادرة العاصمة رغم أنه تم اعتقال نحو 118 شخصاً من مديريها وبينت المحاكمات بأن هؤلاء مرتبطون بالخارج وخاصة مع من يتربص بمولدافيا لتحويلها إلى حظيرة لحلف الناتو في تخوم روسيا الغربية.
ورغم الخلافات بين روسيا ومولدافيا حول مقاطعة ترانسنيستريا ذات الغالبية الروسية والتي تطالب بالانفصال عن مولدافيا ،وبالمناسبة يحكم هذه الجمهورية الصغيرة أيضاً الحزب الشيوعي فيها والذي حصل على أكثرية أصوات الناخبين، لا يرى ضرورة لمعاداة موالدافيا التي تحتفظ بنظامها الشيوعي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 وعن طريق صناديق الاقتراع، ورغم ذلك فإنها تقف إلى جانب مولدافيا في رفضها الانضمام إلى حلف الناتو الذي تصر عليه رومانيا المجاورة، والمشكلة ليست في الأطماع في هذه الجمهورية الصغيرة من حيث المساحة وعدد السكان البالغ 4 ملايين و800 ألف نسمة وليس في ثروات لا تمتلكها وإنما في موقعها الجغرافي المهم بالنسبة لحلف الناتو ولو قيض للمعارضة المناهضة للنظام في مولدافيا انتزاع السلطة بالقوة من الشيوعيين لتحولت هذه الجمهورية الصغيرة إلى قاعدة عسكرية لحلف الناتو في خاصرة روسيا الغربية، رغم أن دستور مولدافيا الذي أقر عام 1994 يتضمن بنداً حول حياد مولدافيا والذي لايسمح لها بالانضمام للناتو أوقبول قواعد عسكرية في أراضيها إضافة إلى أنها عضو في رابطة دول الكومونولث المستقلة التي ترعاها روسيا مع عدد من دول الاتحاد السوفييتي السابق، وكان لروسيا تواجد عسكري دائم في هذه الجمهورية حتى عام 2003 وروسيا حريصة على استقلال مولدافيا رغم أن الأخيرة لا ترفض الانضمام للاتحاد الأوروبي ولكنها ترفض الانضمام للناتو.
وتحافظ كيشينيوف على علاقات جيدة مع بروكسل ولكنها على عكس جورجيا وأوكرانيا تحافظ على علاقاتها الجيدة مع روسيا التي تعتبر سوقاً ضخمة لعمل المولدافيين ولتسويق النبيذ المولدافي المشهور في أرجاء الاتحاد السوفييتي السابق، وبإعادة فرز الأصوات وتأكيد ما هو مؤكد باعتراف العالم تبقى مولدافيا دولة مستقلة ديمقراطية تحدد خياراتها وفق رغبات مواطنيها عبر صناديق الاقتراع وتقف روسيا إلى جانبها التي أعلنت أنها إلى جانب اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع وقوع أي محاولة لزعزعة أركان الدولة أو تحويلها إلى قاعدة عسكرية لحلف الناتو معادية لمصالح روسيا الاستراتيجية الحيوية.
***
مولدافيا
تقع في جنوب شرق آوروبا العاصمة : كيشينيوف
السكان:
خمس ملايين نسمة
المساحة 33.700كلم مربع
الزراعة : الكرمة وهي عماد اقتصادها الوطني
غالبية السكان مولدافيين وليسوا رومانيين