ولا يتصور أحد مقدار الفرح والعرس الحقيقي الذي يصنعه زوجان في مختبر التحاليل الطبية عندما يأتيان إليه بعد محاولات تطول أو تقصر لوضع البيوض الملقحة داخل رحم الزوجة بعد أن يتم إدخال النطفة إليها اصطناعياً, إنك تجد في ذلك الوقت دموع الفرح وخاصة أن البعض من هؤلاء أمضى 10 أو 15 سنة يحاول إنجاب طفل وربما أكثر دون جدوى ولكن نتيجة لوجود بعض النفوس الضعيفة في كل مكان كما هو الحال في مهنة الطب, يعملون في تقانة سحب البيوض وإلقاحها اصطناعياً خارج الرحم ومن ثم إعادتها ثانية بعد 48-72 ساعة تقريباً.
حيث يأخذون على كل محاولة مبلغاً لا يقل عن 65 ألف ليرة سورية, مع أدوية مثبتة لا تقل قيمتها عن 25 ألفاً , هذا الواقع بات تجارة حقيقية لهم, وفي لقائنا التالي مع د. هنادي الحداد الاختصاصية في هذا المجال والتي تعمل استشارية في مشفى سانت ماري في لندن في تقانة طفل الأنبوب قالت: لقد أذهلني ما يفعله البعض من الذين أعرفهم, لقد عرضوا علي بعضاً من تجاربهم وطرقهم في سحب البيوض من داخل رحم المرأة التي لا تنجب وأخذ السائل المنوي من زوجها ومن ثم إجراء بعض الاختبارات المخبرية والفحوص اللازمة لعزل بعض البيوض وعزل مجموعة من النطاف الأكثر فعالية حتى يتم ضمان أكبر قدر من النجاح في التجربة وهذا كله جيد ولكن الذي يحصل وينافي الأخلاق الطبية وآلمني أنه يحدث في بلدي الأم هو أمر يتعلق بزوجين على سبيل المثال حضرا إلى الطبيب النسائي الذي تخصص في مجال تقانة طفل الأنبوب وزميله الآخر الطبيب المخبري الذي سيقوم بمعالجة البيوض والنطاف وحضنها للحصول على البيضة الملقحة أي البيضة التي تصبح جاهزة لإدخالها ضمن رحم المرأة فتعشش وتنقسم متحولة إلى مضغة ثم إلى جنين حقيقي..
سيأخذان منه مبلغاً كبيراً ناهيك عن الأدوية التثبيتية التي لا يقل سعرها في سورية عن 25000-30000 ل.س وعندما سيجد الزوجان أنهما دفعا مبالغ طائلة ولم يحصل حمل ثم يعيدان التجربة بعد بضعة أشهر ولا يحصل شيء وثالثة فإن البعض يقومون بعد ذلك بإعطاء المرأة دواء يسمى البرغنيل وهو دواء يحرض جسم المرأة على إنتاج HCG وهو الهرمون الخاص بالحمل بعد أن يكونوا قد حقنوا رحمها ببعض البيوض الملقحة, وعندما تأخذ كمية جيدة من البرغنيل أية امرأة وتذهب إلى أي مخبر للتحاليل الطبية وتجري تحليلاً لإكتشاف هل هي حامل أم لا في هذا الوقت بالذات حيث يكون دمها مشبعاً بدواء البرغنيل ويكون HCG قد تم إطلاقه فسيعطي نتيجة مفادها أن المرأة حامل بشكل كاذب ولن يستطيع أحد اكتشاف ذلك لأن تلك المرأة ستعود بعد 2-3 أسابيع إلى نفس الطبيب الذي بدأ معها عملية إخصاب البيوض خارج الرحم وإدخالها ثانية وهي تكون فرحة مسرورة بأن العملية بدأت تأخذ منحى إيجابي سيقول لها ببرودة أعصاب للأسف كان هناك حمل ولكن يبدو أنك أجهدت نفسك أوحملت شيئاً ثقيلاً..
يقول لها عن سبب ما يشعر المرأة بأنها كانت المتسبب الرئيسي بفقدان جنين لم يكن موجوداً أصلاً, ولكن كيف سيبرر هذا الطبيب أخذ مبالغ طائلة من زوجين لم يحصل لديهما حمل برحم الزوجة: لا بإيهامهما بأن الزوجة كانت حاملاً وسقط الحمل في شهره الثاني على سبيل المثال.
- من جانب آخر لا خطب أن يتم إدخال عدد كبير من البيوض الملقحة إلى داخل رحم المرأة أحياناً 5-6 بيوض وربما أكثر وهذا أيضاً منافٍ للأخلاق الطبية ولا يجب أن يقبل بها لا الطبيب الذي يجري إعادة البيوض ولا الطبيب المخبري الذي يقوم بإخصاب البيوض في الحاضنة الموجودة بمختبره,وإن بعض الحالات التي يحصل فيها حمل 4-5 أجنة دفعة واحدة وتكون هذه الأجنة ناجمة عن إخصاب اصطناعي هذا بحد ذاته يعتبر عيباً وربما يقوم البعض بتسويقه إعلامياً بأن المركز الفلاني استطاع أن يجعل امرأة تنجب أربعة أو خمسة أجنة, بأوروبا كلها لا يجوز إدخال أكثر من 2-3 بيوض كحد أقصى وإن مدى مهارة الأطباء الذين يجرون العمل وضع المرأة بحالة سريرية مناسبة عبر إعطائها علاجات خاصة تناسب حالتها واختيار النطاف الفعالة جداً لجعلها تقوم هي دون غيرها بالإخصاب الاصطناعي, تلك هي العناصر التي تجعل تجربة طفل الأنبوب على امرأة معينة ناجحة أما أن نجعل المرأة حقل تجارب فنقول:
إنه كلما أدخلنا بيوضاً أكثر سيموت بعضها ويعشش البعض الآخر وسيقع المحظور عند البعض كما شاهدت بأم عيني وتتثبت عدة بيوض دفعة واحدة في الرحم بالتالي ستنمو عدة أجنة ستكون غالباً ضعيفة.
**
نقيب الأطباء: حالات التلاعب غير ثابتة
ثم توجهنا بالسؤال إلى نقيب أطباء سورية د. أحمد قاسم حول تجربة طفل الأنبوب في سورية وانعكاسات نجاحها وفشلها وغش بعض ضعاف النفوس من الأطباء الممارسين فيها فقال:
تقانة طفل الأنبوب وسيلة هامة لمعالجة حالات العقم التي كانت مستعصية حتى وقت قصير يتكبد الكثيرون مبالغ طائلة للسفر إلى الخارج للعلاج وهي لا تزال تشكل إحدى الصعوبات الاجتماعية التي يبذل في سبيل تجاوزها المصابون بالعقم الغالي والنفيس.
في سورية بدأت التجربة منذ بضع سنوات وأخذت تؤتي ثمارها بشكل واضح وتحقق نجاحات واضحة بمراكز متخصصة ومرخصة من قبل وزارة الصحة يقوم عليها اختصاصيون بالتعاون مع كوادر متخصصة أخرى, هناك مراكز ترعاها الدولة لا تزال فتية وأخرى خاصة.
وحول سؤالنا للدكتور أحمد عن المنافسة في هذه التقانة أجاب:
المنافسة موجودة دائماً بين القطاع العام والخاص من جهة وبين العاملين في القطاع الخاص أنفسهم, كلٌّ يسعى لتكون نتائجه أفضل من غيره ليحقق النجاح ويحوز ثقة الناس.
هناك بعض الإشكالات المالية بهذا الخصوص حيث يوجد اتفاق ثنائي بين أصحاب المركز والمواطن لا يحده قانون ثابت ولكننا نسعى حالياً لإصدار تعرفة ثابتة بهذا السياق, من جهة ثانية.
وماذا عن بعض الأدوية التي تعطى لمن يتم سحب وإرجاع البيوض للنساء المعالجات ويكون هدفها إيهام المريضة بأنها حامل بينما لا تكون كذلك وهذا أمر ما يقوم به بعض ضعاف النفوس?
يجيب هنا د.أحمد على هذا السؤال قائلاً: توجد أدوية تساعد على الإباضة وتهيىء ظروف الحمل والتعشيش تعطى بالتوازي مع بدء العلاج, وهنا نؤكد على ضرورة التزام هؤلاء الأطباء وغيرهم بالأخلاقيات الطبية وأخلاقيات العمل الطبي والحرص على مصلحة المرضى وحقوقهم وعدم الإفراط بوصف أدوية غير ضرورية أو لها أهداف غير استشفائية..?!
حالات الخلل والتلاعب من قبل البعض غير مثبتة بأية حال ضمن النقابة حتى الآن, نتمنى على المرضى أن يراجعوا المراكز الصحية المرخصة من قبل وزارة الصحة أو المراكز التي ترعاها الوزارة, حيث إن هذه المراكز موضوعة تحت الرقابة الصارمة من قبل المؤسسات الصحية المعنية, لا أن يذهبوا لعيادات غير معروفة.