والمختبر لا يمتلك أجهزة لقياس حرارة العواطف, ولا يقدم وصفات لجلب الغائب واستمالة الحبيب, إنه معني فقط بدراسة الأسباب التي تؤدي إلى فشل الزواج وانهيار الأسرة, وقبل مدة نشر المختبر دراسة ميدانية أجريت على مدى عشر سنوات, وشملت آلاف الأزواج خلال تلك السنوات كان الباحثون خلالها يتابعون حياتهم بشكل دائم, ويراقبون أسلوب تعاملهم مع بعضهم بعضا, ويدرسون ردود أفعالهم وطريقة تصرفهم في لحظات الغضب والاتهامات التي يتبادلونها, والكلمات التي يستخدمونها لوصف علاقتهم الزوجية, ويقول الدكتور جوتمان إن هذه المتابعة جعلته قادرا على الحكم ما إذا كان الزوجان يستطيعان الاستمرار في حياتهما معا, أم إن علاقتهما ستنتهي بالانفصال, وذلك بنسبة نجاح تزيد على 94%.
فهي تقول إن العامل الرئيسي في فشل الحياة الزوجية هو كثرة تبادل الانتقادات بين الزوجين, وغياب التسامح, وأن يشعر أحدهما انه في موقف الاتهام دائما, فيتحفز للدفاع عن نفسه بأن لا يترك مجالا لشريكه للنقاش, أو يلجأ إلى الافتراء عليه ووصفه بأشياء ليست فيه, ليذكره بأن (من كان بيته من زجاج, ينبغي ألا يقذف الناس بالحجارة) والهدف بالطبع هو (مباغتة الخصم) وعدم إتاحة الفرصة أمامه للاستمرار في المحاسبة وتوجيه الاتهامات. ومن الأمور التي تساعد على نجاح الحياة الزوجية سعة الصدر, وتذكير الشريك بصفاته الإيجابية أثناء الخلاف, بدلا من الحديث عن صفاته السلبية, وبدلا من أن يبدأ كل طرف بكيل الاتهامات للطرف الآخر دون حساب, يمكن أن يقول له مثلا: (كنت دائما عاقلا ورزينا فماذا حدث?) أو يلجأ إلى النكتة لتخفيف حدة التوتر. والأهم من ذلك أن يكون لدى كل طرف القدرة على التحلي بشجاعة الاعتذار إذا شعر أنه على خطأ.
ويقول الدكتور جوتمان إنه تعلم الكثير من خلال متابعته للمشكلات بين الأزواج خلال السنوات العشر الماضية, ومن ذلك أن العلاقة بين الزوجين يجب أن تكون علاقة صداقة بالدرجة الأولى, وأن لا يتصور أحدهما أن من حقه على الآخر أن يتحمله, مهما فعل, لمجرد أنه يشاركه العيش تحت سقف واحد, وثانيهما أن كل طرف ينبغي أن يتذكر, عندما ينشأ خلاف بينه وبين الطرف الآخر, أن أمامه دائما خيارين: أولهما أن يتصرف بعصبية, ويتلفظ بعبارات تدفع الطرف الآخر إلى الخروج عن طوره والتضحية حتى بالعلاقة الزوجية, وثانيهما أن يأخذ الأمور ببساطة ويحاول حصر الخلاف في أضيق نطاق.
ومعظم الخلافات سببها أن أحد الطرفين يعتقد, حقاً أو باطلاً, إن الطرف الآخر لا يحاول فهمه, ولا يقيم وزنا لمشاعره, وربما كان من الأولى لهذا الطرف أن يتساءل: هل يفعل هو ذلك بالنسبة لشريكه? فالعلاقة الزوجية, كأي علاقة أخرى, ليست طريقا باتجاه واحد, وإنما باتجاهين, يعتبرهما الزوجان ذهابا وإيابا بنفس الحرية.