التشــــكيل.. ســـــلاح مقـــاوم
ثقافة الاثنين 9-9-2013 تماضر ابراهيم للفن لغة انسانية مشتركة، لا يعترف بحدود ولا حواجز،يمتد جسرا بين الشعوب والامم لا يحتاج الى من يفسره، بل هو وسيلة للتغيير عندما يكون في الطريق الصحيح، ويعتبر شكلا من أشكال المقاومة والصمود،ويصبح كفعل مقاوم اكثر تاثيرا بجوار غيره من وسائل المقاومة.
في بداية القرن العشرين شكل الغليان السياسي والاجتماعي والثقافي مناخا ملائما لتشييد الهيكل الفني العربي المقاوم الذي بدأ في العام 1908 حين أقيم أول معهد للفنون الجميلة في مصر، حيث أسس الفنانون الرواد حركة واعية لدورها في ارتقاء مصر الحديثة وأسهموا في النهضة، ولا يزال تمثال النحات محمود مختار أروع شاهد لليقظة الابداعية في ذلك الوقت، ثم تخرج من الأكاديمية النهضوية هذه عددا كبيرا من الفنانين السوريين واللبنانيين والعراقيين الذين ساهموا فيما بعد في تأسيس معاهد للفنون الجميلة في أوطانهم، وفي السبعينيات وحّد هؤلاء الفنانون جهودهم للبحث الفني العربي والابداع التشكيلي ورسموا مستقبل الثقافة العربية ضمن تناقضات وتوترات كثيرة تعيشها المنطقة العربية نتيجة الظروف التاريخية ما دفع هؤلاء الفنانين إلى تنظيم تظاهرات مشتركة، وكان انعقاد مؤتمر الفنون التشكيلية العربي الأول في دمشق عام 1971، الذي تمخض عنه جمعيات عربية للفنانين التشكيليين، ثم تتابعت المهرجانات والنشاطات التشكيلية العربية في العالم العربي، وكان أول بينالي عربي للفنون التشكيلية في بغداد عام 1974،
استقبلت تلك المهرجانات عددا مهما من الفنانين والنقاد العرب من المشرق والمغرب،ما أدى إلى تبادل الخبرات الفردية والجماعية المتراكمة بين المشاركين وعقد صلات وتكوين تيارات وأتاحت التأثيراتالمتبادلة على صعيدي الأساليب والمفاهيم، وفي ظل تنوع مصادر الإلهام الذي شهدته تلك الحقبة، نمت لدى الفنانين العرب روح الالتزام بالمصير المشترك بما يستتبعه هذا الالتزام من ظهور وعي حقيقي، تطور من خلاله الابداع التشكيلي المعاصر في حدود مرآة للواقع العربي وأداة تعبير ونضال تعيد مسرح الأشياء في فضاءات محملة بالمغزى ليجعلوا منها شهادات على ما الحقته تقلبات التاريخ من ضرر في حياتهم الخاصة والعامة تمتزج فيها المعطيات الفلسفية والسياسية والجمالية، منطلقة من تجارب انسانية حملت في باطنها عتاد المقاومة الفتاكة، التي تتطور مع التطور، وتتسلح بالقوة والقدرة على التأثير والتغيير وتدمير حصون العدو بكل أشكاله، فالفن بلغته ا لعالمية التي يفهما العالم كله يعتبر كوسيلة في يد المقاومة أكثر ألما وازعاجا ومصدر قلق وتوتر للعدو الذي تصله الفكرة ويفهم مضمونها، عندها يصل الفنان إلى مبتغاه فيربك ويزعج ويقلق ويؤلم الطرف الآخر، ويبلغه رسالته التي يقول فيها أن الأمة بكامل وعيها وهي وان احتلت أرضها وديست كرامتها لبعض الوقت لكنها رافضة ومقاومة طوال الوقت، وفي ذات الوقت إن العمل التشكيلي المقاوم يوقظ الضمائر ويحي القلوب ويعيد الناس إلى جادة الصواب، فالمقاومة بحد ذاتها هي عنوان الحياة الكريمة وهي حصن المرء الذي يحميه ويمنعه من السقوط، وتتطور وتتجدد وتواجه العدو عدو الحياة وتقهره مهما طال الزمان وتبقى الكلمة الأخيرة للحياة.
|