وبلغ عدد الكتب التي أصدرها سعيد الكوسا خمسة عشر كتابا, وكان منها مجموعات قصصية وبحوث أدبية ودراسات قانونية وتحقيقات كتب تراثية, وآخر مؤلفاته مجموعة قصص واقعية طريفة بعنوان ( اضحك مع ظرفاء دمشق) وكان هذا الكتاب مفتاح صلتنا بالكاتب, حيث توصلنا الى عنوانه عن طريق دار النشر , وكان مناسبة للحوار مع الكاتب المخضرم.
> متى كانت الخطوة الاولى نحو الأدب?
>> عندما كنت في الصف السادس في مدرسة الملك الظاهر الابتدائىة طلب منا الاستاذ أنور سلطان مدرس مادة الانشاء كتابة محاورة تتنافس فيها حواس الانسان الخمس فكتبتها , ولاقت منه استحساناً وطلب مني قراءتها على زملائي في الصف ثم انتزعها من كراستي ونشرها لي في مجلة السرتفيكا والبكالوريا التي كانت تصدر آنذاك وهذا ما شجعني على الكتابة في مواضيع شتى نشرت في تلك المجلة.
ثم انتقلت الى مرحلة افضل حيث ارسلت قصة بعنوان (لعينيك يا فلسطين) الى جريدة (الأيام ) التي كان يصدرها الصحفي نصوح بابيل فنشرت في العدد الممتاز الذي يصدر كل جمعة, وقد استغرقت صفحة كاملة من الصحيفة, ومن هنا أعجبت بما حدث واصبح عندي ميل شديد للأدب عامة وبشكل خاص لعالم القصة, ولا أخفيك اني كنت لا أحب درس الرياضيات واتفوق في الانشاء والرسم والخط العربي الذي كان استاذي فيه المرحوم الشريف.
> من تذكر من زملائك الطلاب?
>> الدبلوماسي الراحل رفيق جويجاتي, والحقوقي الدكتور فؤاد دهمان, والشاعر زهير اللحام.
> اذا حدثنا عن البدايات العملية?
>>عملت موظفا في وزارة العدل, وتدرجت في وظائفها من مساعد قاضي الى رئيس ديوان محاكم البداية, فمدير تنفيذ دمشق وتقاعدت في عام 1981 مفتشاً كتابياًَ.
> لماذا لم تتابع الدراسة?
>> كان انغماس جيلنا في مقارعة المستعمر الفرنسي والمشاركة في المظاهرات ضده كان السبب الأول, وكان السبب الثاني إغراءات التوجه الى العمل الوظيفي في الدولة في تلك الحقبة من الزمن, وقد يسر لي ذلك ان والدي كان من موظفي العدلية ورغبته ان اعمل مثله فيها.
> نلاحظ ان جميع أعمالك مجموعات قصصية, لماذا لم تدخل عالم الرواية?
>> الرواية تحتاج الى نفس طويل, وانا بطبعي أميل الى المختصر المفيد وأن أصل بالقارئ الى استيعاب احداث القصة من أقرب طريق, ولم اكتب سوى رواية واحدة هي رواية ( لعبة الشيطان) التي كتبتها قصة قصيرة أولا, ولما شاهدتها فيلما سينمائيا على الشاشة الفضية حولتها الى رواية.
> ما هي حكاية كتابك القانوني إجراءات التنفيذ?
>> حكايته تتعلق بوظيفتي مدير تنفيذ دمشق, حيث اكتسبت خبرة ومعرفة كبيرين من خلال الممارسة فعكفت على تأليف الكتاب خدمة للمحامين وللموظفين الذي سيلونني في الوظيفة, وكان لي أيضا شرف كتابة مقالات في مجلة المحامين حول هذه المواضيع وأنا لا أحمل اجازة في الحقوق, وقد أدرجتها في الكتاب نفسه الذي لاقى ترحيبا كبيرا في الاوساط القانونية والقضائية دفع ناشره لإعادة طبعه.
> لك كتابات متنوعة بين القصص القصيرة, والكتب القانونية والبحث في الشيب, فمن أين جاء هذا التنوع?
>> هذا التنوع نتيجة للأعمال التي مارستها فقد عملت في الميدان الخيري منذ نشأتي عضوا في جمعية اسعاف الفقراء في حي المهاجرين التي تأسست عام 1924 الى ان اصبحت رئيساً لها منذ مدة طويلة, وتأثرت بهذا العمل فأصدرت مجموعة قصصية تتعلق بالتسول والمتسولين بعنوان (متسولة بالاكراه) وهي مجموعة قصص واقعية مصدرها اصحابها.
وعندما غزا الشيب رأسي أصدرت كتاب ( الشيب ) واعقبته بكتاب ( الشيب في الطب والأدب) وقد كنت عرضت طباعته على وزارة الثقافة عام ,1980 فأعيد لي بكتاب من وزير الثقافة يتضمن ان الدوائر المتخصصة في الوزارة قرأت مخطوطة كتابكم (الشيب) مرتين متواليتين ونحن اذ نثني على الجهد الطيب الذي بذلتموه في جمع المعلومات عن الشيب وتنسيقه لا يمكننا إلا ان نعتذر مرة أخرى عن تبني المخطوط لأن مثل هذه البحوث المتخصصة لا تدخل ضمن نطاق اهتمامات وزارتنا للتأليف والنشر, والأوفق ان تقدم الى كلية الآداب في إحدى الجامعات السورية, هذا مع أحر تمنياتنا بالتقدم في ما تقومون به من جهد تأليفي.
> وصل بك الأدب الى الاذاعة فكيف تم ذلك?
>> قدمت في الاذاعة قصصاً كانت تذاع أسبوعياً ثم توقف هذا البرنامج ,كما شاركت في كتابة خاطرة الصباح التي كانت تذاع صباحا وقد جمعتها في كتاب بعنوان ( خواطر الصباح).
> لماذا لم تتفرغ للأدب?
>> لأن الأدب عندي هواية, فأنا لا أعيش من أدبي,وأرى ان مهنة الادب لا تكفي للعيش بمستوى مقبول , فاخترت الوظيفة لتأمين العيش.
> لكن هناك أدباء أثروا من الأدب?
>> هذا صحيح ولكنهم قلة, وأنت تعلم انه لا يوجد قارئ في الوطن العربي مخلص للقراءة كما هو الحال في اوربا وامريكا والدول المتقدمة, كما لا يوجد سوق رائجة للكتاب في الوطن العربي يعتمد عليها الكاتب ويتفرغ للكتابة من أجلها فالكتاب العربي يطبع منه على أحسن حال مالا يتجاوز ألفي نسخة بينما الكتاب الغربي يطبع منه الملايين في بعض الأحيان.
وجدير بالذكر ان الشاعرين أحمد شوقي وحافظ ابراهيم كانا متساويين في المجد الشعري إلا ان الأول عاش حياة النعيم بسبب ثروة أسرته, والآخر عاش حياة الوسط بسبب عدم اليسر.
> وظل ذكر الاثنين قائما?
>> التاريخ يخلد الفحول في مختلف ميادين الفكر والفن والادب, لكن هذا شيء وان يعيش الاديب والمفكر حياة ناعمة شيء آخر.
> كيف كانت ظروف تأليف سيناريو فيلم لعبة الشيطان?
>> لم اكتب سيناريو الفيلم, والذي كتبه هو الفنان زهير الشوافي وهذا عامل اختصاصي يخرج عن نطاق كتابة الرواية او القصة, ولما كانت تربطني بالفنان زهير صداقة شخصية عرض عليّ ان تكون قصة ( لعبة الشيطان) فيلماً سينمائيا, فوافقته على ذلك فقام عندئذ بتمثيله مع ممثلين سوريين ايضا وعرض الفيلم في دور العرض السورية والعربية.
> علمنا ان لك هوايات اضافة للكتابة والأدب?
>> صحيح انه كانت عندي هوايات عديدة منها الرياضة والرسم والموسيقا
> كيف تمكنت من الجمع بينها?
>> من السهل ان يجمع الانسان بين هذه الهوايات, ولا يوجد تعارض بينها فكلها فنون جميلة, وأنا اخترت من الرياضة ألطفها وهي الجمباز ومارستها في نادي الهلال الرياضي بالمهاجرين.
كما مارست أنواعا متعددة من الرسم كالفحم والزياتي والمائي وكان استاذي فيها منذ المرحلة الابتدائية الفنان ميشيل كرشة الذي كان يهتم بي حتى اصبحت صديقا له حيث قام برسمي شخصيا بالألوان الزيتية وانا اعتز بهذا الرسم, وقد عرض عدد من لوحاتي هذه في المعرض المرافق لحفل اشهار الجمعية السورية للموهبة والابداع في مكتبة الأسد عام ,2006 حيث أنني عضو عامل فيها , اما الموسيقا فقد تعلمت العزف على الكمان من موسيقا زميل لي في العدلية, ولكني لم أتابع هذه الهواية بعد ان ألممت بقسط منها, ومارستها فترة ثم انقطعت عنه .
> هل كان لديك وقت كاف لكل هذه المهن وا لهوايات?
>> عند الموظف فسحة من الوقت بعد ان ينهي عمله ويعود الى داره, لا سيما اذا كان عمله لا يقتضيه ان يشغل منه بعض وقته في البيت وكذلك فترة العطلة القضائية في وزارة العدل وخلال أشهر الصيف.
> لماذا ابقيت على الادب وتركت الهوايات الاخرى?
>> أحب الفنون الجميلة, وقد مارست قسطا من كل منها, ثم وجدت نفسي في كتابة القصة فتبرأت من الباقي لأنه كما يقال: لا تحمل بطيختين باليد.
> خضت تجربة البحث في كتاب الشيب, والبحث يحتاج إلى وقت وصبر وجلد?
>> هذا صحيح , ولكني لم اعمد لتأليفه دفعة واحدة فقد كان نتيجة مطالعات في كتاب الشعر والادب, حيث كنت أسجل ما يمر معي من شعر , او أقوال في هذا المضمار الواسع الى ان اصبح ما لدي كاف لاصداره في كتاب فعرضته على دار الفكر للنشر والتأليف فقامت مشكورة بطباعته طباعة انيقة اعتز بها.
وكما اسلفت فقد أردفته بكتاب آخر تحت عنوان (الشيب في الطب والادب) وذلك بعد ان عملت في نقابة صيادلة سورية ولامست علم الصيدلة عن قرب من علمائه وأهله, واحسب ان بحث الشيب والكلام فيه في كتاب واحد لم يؤلف قبل كتابي المذكورين.
> نلاحظ انك ميال للواقعية في الادب والفن?
>> أنا أحب الواقع عيشا وفكرا فقد عشته في القصر العدلي موظفا, كما عشته مع الفقراء في جمعية اسعاف الفقراء التي مر ذكرها , ويوم الجمعة من كل اسبوع لا أقضيه قبل الظهر مع أفراد اسرتي بل اقضيه في معالجة أمور فقراء الجمعية وهذا بلا شك يريح نفسي وضميري.
وفوق كل ذلك فقد نشرت مئات المقالات وبعض القصص في الصحف والمجلات السورية والعربية, وتوليت حملة توحيد الزي في سورية في جريدة النصر التي كان يصدرها الصحافي وديع صيداوي , واوشك الموضوع ان يدخل المجلس النيابي عن طريق النائب عن ريف دمشق المرحوم حامد ناجي في ذلك الوقت.
كما كتبت ريبورتاجات متنوعة عن محاكم الشرع في صحيفة التحرير العربي التي كان يرأس تحريرها أحمد قدامة.
ثم فتح لنا المجال الصحافي تيسير النحاس في جريدته الحضارة لنشر مقالات وقصائد(جماعة انصار الادب) التي كانت مؤلفة مني ومن المحاميين الشاعر صلاح كديمي والمؤلف القانوني المحامي ياسين دركزنلي ومن الشاعرين ياسين خطاب وعدنان النحاس والكاتب منير قناعة وقد استمر انتاجها فترة غير قصيرة.
> نلاحظ شخصيات وحكايات واقعية في احدث كتبك (اضحك مع ظرفاء دمشق) فماذا قصدت من ذلك ?
>> قصدت من ذلك ان أحيي ذكرى ظريفين دمشقيين عاشا في زمن واحد, أولهما أبو درويش سويد ظريف مجالس الطبقة المثقفة من الناس والرفيعة من القوم كالوجهاء والوزراء واصحاب المهن العالية وكان يعتمده في الادب الفكاهي ويروي النكات على لسانه الصحافي حبيب كحالة في مجلة المضحك المبكي.
بينما الظريف الثاني أبو سليمان الجيرودي الذي حضرت بعض سهراته في دور أثرياء وتجار دمشق والتي كان يحضرها ليضفي على سهراتهم طابع الدعابة والظرف فيضحك الصغير والكبير على حد السواء , وكانت القصص التي يرويها من صنعه وتأليفه ومن معاناته فلا يقتبس عن الآخرين منها شيئاً.
> ما معنى ان تتحدث عن الظرفاء في عصر الكآبة والحروب?
>> إن واقع الحياة الذي نعيشه سواء ما تبثه القنوات التلفزيونية التي تغطي سماء البلاد العربية بالأخبار المفجعة من قتل وهدم وتفجير, أو ما يعقب ذلك من مآس وأحداث سيئة تضغط على الصدور , لا سيما بعدان اصبحت الدنيا قرية صغيرة يحس كل من فيها بالاحداث المأساوية الدامية التي تقع في لحظتها رأيت ان افتح للانسان العربي فسحة من الأمل يخرج بها فترة من هذا الجحيم, كما أحسست ان البسمة مطلب عزيز ومرغوب فيه , وقد دفعني الى ذلك ايضا رواج مجموعة القصص السابقة ( قصص ضاحكة) التي صدرت من قبل.
واذكر بهذه المناسبة ان كتابي ( ثمن الدعاء) ترجم الى الفارسية ونشر في طهران من قبل الاديبة الايرانية (هما شهروئي) والتي لم التق بها او اعرف عنها شيئا لأذكره سوى انها اوشكت على الانتهاء من ترجمة كتابي الجديد (اضحك مع ظرفاء دمشق) كما اعلمتني بذلك اخيراً وان لها رغبة شديدة بزيارة دمشق.
> ما هو جديدك?
>> انني في سبيل نشر كتاب جديد هو عبارة عن مجموعة قصص قصيرة تحت عنوان (حكايا من حارات دمشق) ستصدره دار الفكر بمناسبة احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية عام .2008
مؤلفاته
-سجا الليل 1955
حين من الدهر1957 في طبعتين
دموع الخطايا 1962
متسولة بالاكراه 1991
ثمن الدعاء 1994
قصص ضاحكة 1997
امرأة ذات أزواج 1997
لعبة الشيطان رواية 1973
الشيب 1985 بحث ادبي
الشيب في الطب والأدب 1998
خواطر الصباح 1997
تحقيق كتاب ( نفحات الازهار على نسمات الاسحار في مدح النبي المختار) للشيخ عبد الغني النابلسي .1998
تحقيق كتاب (طوق الحمامة) لابن حزم الاندلسي 1997
اجراءات التنفيذ دراسة قانونية عملية 1973
اضحك مع ظرفاء دمشق 2007