وأيهما أفضل للانتقال بالتدريج أم بالصدمة وردتنا المداخلة التالية:
قد يكون مصطلح اقتصاد السوق الاجتماعي جديداً على مجتمعنا في اللفظ اللغوي,ولكن وجوده (فكراً وعملا)قائم جزئياً بأشكال متعددة في الساحة الاقتصادية السورية لعقود مضت,وتحديداً منذ أن تم طرح التعددية الاقتصادية,ولم يسبق أن كانت سياستنا الاقتصادية محكومة كلية بخطة مقررة أو معتمدة رغم وجودها التنظيري,كما لم تكن محكومة كلية بمفهوم السوق رغم وجوده التدبيري,فكلتا الحالتين كانتا قائمتين ولكن دون تنسيق,مما كان يسبب الكثير من حالات التناقض والتضاد والمنعكسات السلبية,وكثيراً ما كان حديث الشارع والمؤسسات يقول,ليس معروفا أين نحن هل في نظام اشتراكي أم غير ذلك هل توجد خطة أم لا توجد?
إن يكن مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي (بنظر البعض) يقوم على ترك آليات السوق تعمل مع ترك الباب مفتوحاً لتدخل الدولة عندما تستدعي الحاجة,أي وصف الدواء عندما يحدث المرض,أرى أننا لسنا ملزمين باتباع نهج معين اتبعته دولة ما,أو تطبيق حرفي لنظرية ومفكر اقتصادي معين, فلنا ظروفنا الاقتصادية والاجتماعية,التي يجب أن ننطلق منها,والأصح الذي يجب أن يتم اعتماده هو ترسيخ هذا المفهوم تشريعاً وتنفيذاًَ باتباع التالي:
1- ضرورة انسجام الفريق الاقتصادي الحكومي في مفاهيمه لاقتصاد السوق الاجتماعي لا أن يكون أحدهم مقتنعاً باقتران كلمة الاجتماعي باقتصاد السوق,ويؤمن بأهمية الابقاء على القطاع العام,ويعلن بأن من لا يخطط لا يجد ما يأكله,ويقدر وجهة نظر الخبرة الصينية بهذا الشأن,ويشكرها قائلاً نؤكد المقولة الموجودة في أدبياتنا والتي تقول اطلبوا العلم ولو في الصين,والآخر الذي لا يزال يصر على تجاهل لفظة الاجتماعي ويستبعد امكانية الربط بين التخطيط واقتصاد السوق ويحصر همه بالخصخصة,ويذكرنا بطروحاته السابقة (لقد ولى عهد التخطيط).
2- اجتناب مفهوم الصدمة الذي يطرحه البعض والذي ستكون عاقبته الصدمة حكماً واعتماد مفهوم التدرج الصاعد بروية وتمكن,لا التعرج المتناوب والمتقطع.
3-اجتناب وجود اجواء تؤدي الى الوقوع في مشكلة وبروز الحاجة لمزيد من العلاج,وانما العمل على ترسيخ أولوية اعتماد مفهوم الوقاية,الذي يجنب الوقوع في المشكلة فدرهم وقاية خير من قنطار علاج,والاسراع لمعالجة بوادر قدوم المشكلة أو حيثياتها في حينها قبل استفحال الأمور.
4- تجذير مفهوم التعددية الاقتصادية وفق التالي: تفعيل نشاط جميع القطاعات الاقتصادية القائمة العام والخاص والمشترك والتعاوني وتسهيل نشاطها لتعمل جميعها في حرية تنافسية,وضمن خطة اقتصاد وطني عامة تأشيرية لكل قطاع بما ينسجم وخصوصياته ولجميع القطاعات بما ينسجم والمصلحة الوطنية العليا حاضراً ومستقبلاً.
ومنح هذه القطاعات كل الدعم الممكن,والسماح لكل قطاع بإقامة الهيكليات التي تدعمه في تأمين المدخلات اللازمة له من مصادرها المشروعة وتصنيعها أو انتاجها محلياً,وتضمن تسويق منتجاته داخلياً وخارجياً بأيسر السبل.
- تشجيع جميع القطاعات لمزيد من الاستثمار في عدة مجالات واطلاق العنان لجميع الفعاليات الاقتصادية بالعمل وفق أنظمة وقوانين تحكمها واقرار واعتماد اجراءات صارمة موجبة التطبيق عند أىة مخالفة على أن تمنح تسهيلات الاستثمار للرأسمال الوطني بنفس التسهيلات الممنوحة للرأسمال الأجنبي,واجتناب غلبة الاستثمارات الأجنبية على الوطنية.
- الابقاء على الدور الرائد للقطاع العام في المجالات الاستراتيجية الطاقة - التعليم - الصحة- المرافق العامة (الطرق - الماء - الكهرباء- الاتصالات) واعتماد خطة قصيرة وطويلة ملتزمة وملزمة في هذا القطاع,واعتماد التخطيط التأشيري على مستوى الاقتصاد الوطني لجميع القطاعات,منفردة ومجمعة.
- تشجيع تكوين الجمعيات التعاونية الانتاجية والتسويقية والتموينية ضمن كل قرية وكل حي بحيث تكون كل جمعية ضمن قطاع سكني أو مهني أو جغرافي معين,تخدم محيطها بأقل كلفة وتعود عليه وله بمجمل الربح المتبقي انفاقاً أو استثماراً حسب الأهمية,وبجو تنافسي حر مع أنشطة القطاعات الأخرى (العام والمشترك والخاص).
على أن تتابع الهيئات العامة لهذه الجمعيات عمل مجالس الادارات وفق القوانين الناظمة لهذه الجمعيات,وبإشراف ومتابعة الجهات العامة المعنية,وتحديداً الرقابية منها,بجدية وصدقية.
وأن تمارس الأجهزة الرقابية دورها الفاعل والبناء في رصد المخالفات الادارية والمالية في حينها وخاصة أن التشريع الجديد الذي يلزم باعتماد الفوترة,سيمنع الكثير من حالات التلاعب التي كانت قائمة.
5 - تشريع الجمعيات الادخارية الاقراضية في القرى والأحياء والادارات والمؤسسات (لانعدام الفائدة) وفقاً لما هو قائم حالياً بالتراضي في كثير من هذه الأوساط وقد يكون من المفيد تشريع عمولة (1% فقط) كأتعاب لمنظم الادخار (القائم بتوزيعه) في الجمعية والتناوب بين المشتركين,الى جانب تشريع الاستثمار الجماعي لهذه الادخارات,وخاصة في الجمعيات التعاونية الانتاجية والتسويقية.
6- تفعيل الأجهزة الرقابية القائمة بأنواعها لمنع نمو بذور الفساد واستئصال ما هو نام منها,وتدعيم ذلك بالاعتماد على تشكيل واسع للجان رقابية شعبية مؤازرة.
ˆ عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية