ملابس مهترئة، كهربائيات لا تعمل، جنط سيارة مفتول، زرافيل ومفاتيح لأبواب لم تعد موجودة، كراكيب متنوعة كثيراً ما تضيق بها مساحات البيوت الصغيرة..
وبرغم أنها لا تخرج عن كونها مخلفات تقبع في مكان مهمل، إلا أن الكثيرين يصرون على الاحتفاظ بها، يختارون لها مكاناً ما تحت السرير أو أعلى الخزانة، على الدرج أو على سطح المنزل، فيما يفسر علماء نفس هذا الاهتمام لأسباب مختلفة.. لأنها ذات قيمة مرتفعة، أو تحمل ذكرى أثيرة، أو حصلوا عليها بصعوبة أو تحسباً لأنهم قد يحتاجونها ذات مرة، وليس من السهل أن يفرطوا بها أو يعطوها لآخرين، أو كونها تعزز حب التملك لدى البعض.
إضافة لكونها بؤرة لتكاثر الحشرات في المنزل، تؤكد أبحاث بأنها تتسبب في تبديد الطاقة والاكتئاب والإحباط وزيادة الوزن وعدم القدرة على التفاعل مع الجديد وقيم التسامح والخير، فوضعها داخل غرفة النوم يعيق عمل موجات المخ التي يبعثها الجسم لتساعده على النوم والاسترخاء، وفي المطبخ تزيد من إفراز هرمون الكورتيزول الذي يفتح الشهية ومن ثم يدفع إلى تناول الطعام بصورة مبالغ بها، ما يؤدي إلى سمنة تكون مفرطة في كثير من الأحيان.
وتتهم ربات البيوت بأنهن الأكثر حرصاً على وجود بقايا أثاث ومحتويات منزل تالفة أو قديمة، يعتبر التخلص منها أمراً صعباً، وقد يحتاج لالتحاقهن بدورة "الأشياء المبعثرة" كما تفيد بذلك خبيرة في الكراكيب المنزلية لمؤسسة "كراوس فيرك" الهولندية وتقول: كثير من السيدات يلزمهن تدريب يستغرق ثلاثة أيام، يطلب منهن في اليوم الأول تعبئة استمارة بالموجودات المكدسة لديهن ومدى احتياجهن لها، وفي "الثاني" يجبرن على الوقوف أمام كومة من الأوراق والأغراض تضعهن في حيرة من أين يبدأن، وقد يصبن بصداع أو إرهاق من فظاعة المشهد، وإذا ما ترك الأمر على حاله فالمشكلة ستزيد تعقيداً، وفي "الثالث" يتم تدريبهن على الجرأة في اتخاذ قرار الاستغناء عنها إلى غير رجعة وذلك إما بمنحها للآخرين أو رميها في سلة القمامة.
ومن خلال مفهوم ابتعد عن مقتنيات أصبحت بلا فائدة، تذهب المؤلفة "كارين ستون" في كتابها "عبودية الكراكيب" إلى عالم الحياة والناس "المكركب" ووفق فلسفة "الفينج شوي" الصينية القديمة: تنظيم وترتيب العالم الإنساني والاجتماعي والسياسي والروحي بطريقة تتماشى مع القوى الكونية، تعرف الكاتبة بفن توازن وتناغم الطاقات الطبيعية بهدف خلق مؤثرات فعالة في الحياة". وتتساءل: "لماذا لا نعيش نحن بالصورة التي نريدها ونترك الآخرين يعيشونها بالطريقة التي يفضلون" ؟ إذ إن انغماس الناس في ترديد الشائعات والنميمة المغرضة بحق الآخرين سيغرقنا في "كركبة" من جهة، ويؤكد بأن حياتنا فارغة وتافهة وهي يجب أن تكون غير ذلك إطلاقاً..
ووجود (600000) فكرة، 95 منها تتكرر كل يوم، يلزمها وصفة ناجعة لتصفية الذهن، وهذا ما يقدمه الكتاب "سالف الذكر" في نصائح تطالب بالتوقف عن القلق والتركيز على ما نريده نحن وليس ما نخاف منه، من خلال الإمعان بالأشياء الجيدة التي حدثت وتوقع المزيد منها، والكف عن توجيه اللوم والنقد للآخرين لأنهما جهد مهدر، إضافة لترديد الإشاعات والنميمة المغرضة بحق الغير، والابتعاد عن الثرثرة العقلية، فليس هناك ما يؤكد مثلاً بأن الضحك سينقلب إلى حزن، أو أن تغيير مكتب المدير فأل سيىء، وقد يكون من نصيب آخر وغيرها من الادعاءات الشائعة التي لا نجني من ورائها سوى القلق..
ومن أشياء غير صالحة للاستعمال، تتجسد الكراكيب في صور مختلفة من فوضى وضغوط والتزامات وظروف وعادات تضج بها دروب الحياة والناس جعلتها كذلك.. تقول موظفة وربة بيت: حياتي كلها "مكركبة" بين مهام الوظيفة والبيت والأبناء، أحاول قدر الإمكان تنظيم الأمور لكنها كثيراً ما تكون خارج السيطرة. ويقول "أنور": العمل والتزامات الأسرة، عززت من طبيعتي الفوضوية، اعتقدت بأن الزواج سيخفف منها لكن على العكس، المسؤوليات زادتها "كركبة" أكثر.
فيما يصف كثير من محدودي الدخل والموظفين وضعهم المادي السيىء خاصة في منتصف الشهر ب "المكركب".
وفي مفارقات مختلفة.. يقال بأن امرأة في جنوب إيرلندا تحتفظ بأكثر من 2000 اكسسوار على شكل ضفدع، وفي بريطانيا طفل على خنزير من البلاستيك فأصبح يرسمه في كل مكان فهرب أصدقاؤه منه، أما سيدة أخرى فلم تجد الزوج المناسب إلا بعد أن قذفت بكل أشكال البط التي رسمتها ووصلت إلى أكثر من مائة صورة.