الصهاينة أنفسهم لم يقدموا أي دليل ملموس ولم يتقدم أي يهودي أو غير يهودي باثباتات قاطعة، وعلى العكس من ذلك هناك شخصيات دينية وسياسية عالمية شككت بحقيقة المحرقة أو حجمها،ليس آخرهم الاسقف الانكليزي ريتشارد وليامسون، ومع ذلك اعتبرت القضية حقيقة لاتقبل التشكيك.
كما أن هناك كتابا وأدباء أنكروا كتاباتهم بعد سنوات واعترفوا أن ماورد فيها قصص مختلقة وافتراءات لا أساس لها، اضافة إلى أن هناك أطرافا يهودية تدحض الادعاءات الاسرائيلية وتستنكر الممارسات الارهابية ضد شعب اعزل يدافع عن وجوده وجذوره ويرون أن اسرائيل تتجه في الاتجاه الخاطىء. وهذه الممارسات دفعت استاذا جامعيا يهوديا في جامعة نييس الفرنسية إلى وصف العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة بأنه تكرار لسلوك هتلر وأن إسرائيل بأعمالها العدوانية تحفر قبرها بيدها.
وتأتي في هذا السياق رسالة الكاتب اليهودي الفرنسي جان بريتورغ الرمزية الذي طلب فيها من الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز التدخل لدى المسؤولين الاسرائيليين لسحب اسم جده موشيه بريتورغ من لائحة ضحايا النازية في متحف ياد فاشيم الذي شيد لتكريس ضحايا النازية من اليهود لأنه لايريد أن يكون اسمه ذريعة للظلم والقهر الذي يعاني منه الفلسطينيون، معبرا عن اعتقاده بأن ماجرى في غزة وما جرى للشعب الفلسطيني منذ ستين عاما يفقد اسرائيل حقها في التذكير بالاساءات التي لحقت باليهود.
حتى الألمان انفسهم بدؤوا يتخلصون من عقدة الذنب حيث عبر أكثر من الثلثين في استطلاع نشرته مجلة شتيرن أنه لم يعد عليهم أي التزام خاص حيال اسرائيل بعد مرور أكثر من ستين عاما على النازية.
هذا الكيان الارهابي القائم على الاساطير أسس هولوكوست مفتوحا للعرب الفلسطينيين، محاولا الغاء حقهم بالوجود منذ اكثر من ستين عاما وكانت المجازر الاسرائيلية ولازالت اسلوبه في ترويع الشعب الفلسطيني ودفعه إلى التخلي عن أرضه على مرأى من عالم يرى القتل والمجازر والدماء ويصمت .. ويريد في نفس الوقت اسكات أي صوت ينتقد الارهاب الاسرائيلي أو يشكك بالاساطير المؤسسة لهذا الكيان ، وشتان ما بين الصمتين.
إن ما تقوم به الحكومات الاسرائيلية من تداول للمجازر له هدف واحد هو اقتلاع الفلسطينيين من اراضيهم تم التخطيط له من قبل مؤسسي هذا الكيان وتم تنفيذه من قبل عصابات أصبح زعماؤها رؤساء حكومات ودعاة سلام ورغم كل المفاوضات واللقاءات والمؤتمرات التي عقدت تحت يافظة السلام، لم ينل الفلسطينيون على أيدي الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة إلا العنف والقتل والاشلاء والمعتقلات والحصار والجدران العازلة ومراكز التفتيش وهدم المنازل وتشريد ساكنيها.
وها هي حكومة نتنياهو المقبلة تعلن أن تصفية المقاومة في الاراضي الفلسطينية هدف استراتيجي وفوري، والمقاومة ليست فقط البشر بل هي الشجر والحجر التي لاترحمها الجرافات.. فأي حديث عن أي محرقة بعد ذلك!
إن ما حصل في غزة مؤخرا من قتل جماعي وسفك لدماء الاطفال والكبار واستخدام لاسلحة محرمة دوليا وقبله من مجازر متوالية مثبتة بالادلة، هو هولوكوست حقيقي يتطابق مع المعايير الدولية للابادة الجماعية، كما يتطابق مع تهديدات مسؤولين في الحكومة الاسرائيلية باقامة هولوكوست جديد في غزة، يضاف إليها قول رئيس مجلس المؤسسات اليهودية في فرنسا إن الأكثرية الساحقة من شعب اسرائيل تؤيد العملية العسكرية في غزة وترى فيها عملية قيصرية إنسانية لابد منها.
لقد اجمع خبراء في القانون الدولي على أن ما جرى في غزة هو محرقة بكامل المعنى وتزيد من قناعة الكثيرين في اوروبا والعالم أن الهولوكوست لم يحدث أصلا من منطق أن من تعرض للقتل والابادة لا يمكن أن يرتكب فعلا مماثلا ضد شعب آخر.
وتأتي شهادات الجنود الاسرائيليين التي تم الكشف عنها مؤخرا والعبارات المطبوعة على ملابسهم أو التي خلفوها على جدران البيوت التي اقتحموها في قطاع غزة اثباتا لا يقبل التشكيك أن ما ارتكبوه في غزة هو جرائم حرب موصوفة مهما بلغ التستر عليه من قبل الغرب، كما أن استخدام الفوسفور الابيض في الحرب على غزة هو شهادة مرئية على العلن لاتحتاج إلى تنويه.