تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ليـس افتقــاراً للتكنولوجيـا فقـط

شباب
الخميس 9-4-2009م
لينا ديوب

بدأت تـظهر في توصيات الدراسات والأبحاث المتعلقة بالشباب، فقرات وبنود توجه أصابع الاتهام للشباب أنفسهم بأنهم مقصرون نحو تحمل مسؤولية مستقبلهم وخاصة المهني

وأن عليهم السعي جاهدين لبلوغ امكاناتهم، وذلك بالسعي للحصول على خبرة العمل المناسبة والتطوع مع المنظمات غير الحكومية وقراءة الكتب من خارج المنهاج الدراسي وغيرها من الأنشطة.‏

كما تأخذ عناوين مطالبة الشباب بالمبادرة وتحديد الأهداف وعدم الخوف من الفشل في المحاضرات التثقيفية والكتابات الصحفية الموجهة لهم، كما يميل الكثيرون إلى الاعتقاد أن افتقاد، أو محدودية الوسائل التقنية لدى شبابنا بشكل عام هو السبب الرئيس في سلبية دورهم وضعفه، إلا أن جميع تلك الأسباب تضعف حين نرى أنه تتوفر التكنولوجيا الحديثة وبمتناول شريحة لابأس بها من الشباب، ومع ذلك فإن المردود في أداء ممتلكيها عموماً ضعيف عن نظيره في أي مكان آخر من العالم.‏

فالأمر أعمق من تقصير الشباب أو توفر وسائل تكنولوجية، إنه مايمكن أن نختصره بعبارة واضحة وهو خلل بنيوي في مجتمعنا والمجتمعات العربية عموماً، وهذا الخلل لا مسؤولية مباشرة للشباب عنه، بل منشؤه تربوي، اجتماعي، ثقافي، وسياسي.‏

فالقضية ليست امتلاكاً، أو عدم توفر المقدرة التقنية فقط بل هي أيضاً الافتقار إلى العيش بمقومات وشروط متناسبة وعالم اليوم بالدرجة الأولى على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، وتلعب دوراً كبيراً في صنع الفرد المبادر، فتراعي حاجات الإنسان الاجتماعية والسياسية والنفسية.‏

وإذا تابعنا المشكلات العامة والموجودة في التقارير الرسمية ونتائج الدراسات الحكومية وهذه الجهة أو تلك ( والتي تركز على البطالة والفقر الخ، والتفاوت في تفاصيل وطبيعة وحجم المشكلات) لوجدنا أن المشكلة الأساسية هي مشكلة بناء المؤسسات المسؤولة بدءاً من المؤسسة الصغيرة (الأسرة) ومروراً بمؤسسات الدولة التعليمية (المدرسة والجامعة) لتنشئة الفرد بشكل يخوّله ليس فقط استخدام وتنمية مواهبه بل وأيضاً امتلاك روح المبادرة عبر التشجيع على البحث، نجد في عالمنا كل مابه تحديد وتحجيم وشل الفرد وقدراته في مرحلة التنشئة كما في مرحلة الشباب ليصطدم بعدها بمعوقات البيروقراطية التي تعترضه فور خروجه للحياة العملية.‏

إننا نسمع أنه بالإضافة لعدم الاعتماد على التلقين كما في جامعاتنا فإن هناك بعض الأقسام في جامعات العالم في العلوم الإنسانية خصوصاً التي تختار طلابها ممن يمكن تصنيفهم بالمشاكسين دراسياً من حيث تركيز هؤلاء الدائم على إيجاد الفجوات في مدى صلاحية هذه الفكرة أو ذاك المفهوم وتبويب الثغرات والعيوب بدلاً من القبول بالأفكار كما هي واعتبارها حقائق مطلقة للاستفادة من آرائهم وهذه طريقة لإعداد الأجيال في البلدان المتقدمة من العالم وتربيتها لتمكينها من المشاركة في تطوير مجتمعاتها على النضج، إذ يستخلص منه أن لا مفهوم، ولا أفكار ولا معلومات علمية مطلقة من حيث صلاحيتها وسريان مفعولها وإنما جميعها قابلة للتطوير وتخضع لشروط ومعايير الزمان والمكان دون أن يكون هناك تبجح بمقدرة المعلم أو الأستاذ جامعي.‏

وبالعودة إلى تحميل الشباب جزءاً من المسؤولية عن مستقبلهم وخاصة المهني فإن مساهمة الشباب في أخذ دور هام في بناء مجتمعاتهم لا تقتصر على إيجاد فرص عمل مع وضع اقتصادي جيد فقط لأن حاجات إنسان اليوم لا تتوقف عند الوضع الاقتصادي، وإنما تتعدى ذلك لتشمل الجانب السياسي والاجتماعي والنفسي، فالإقصاء أكبر عدو للإبداع، والقيود الاجتماعية هي السجن المباشر لإمكانيات الشباب.‏

ومرة أخرى نشير إلى أن مشكلات شبابنا تكمن في التناقض بين ماهو مسموح ومتاح له اجتماعياً وسياسياً وبين مايحتاجه بشكل فعلي كإنسان يعيش في عالم اليوم.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية