|
الأزمة المالية تلقي بظلالها على سوق العمل.. القطاع الخاص يعلن عجزه عن تعبئة الموارد الجديدة فرصة عمل يبحثون عن عمل ولايجدون من يوفره لهم في القطاعين العام أو الخاص، وتشير مصادر وزارة العمل إلى أن هناك نحو 1.5 مليون منتظر فرصة عمل!! ويزداد الأمر سوءاً بالنسبة للشباب الذين تصل معدلات البطالة بينهم نحو 30٪. ويمكن تصور نسبة الخسارة الناجمة عن هذه البطالة إلى إجمالي الناتج المحلي، ويصبح السؤال: مامدى أهليتنا لاستيعاب العمالة الجديدة في ظل الأزمة؟ وهل يسمح واقع القطاع الخاص حالياً بمواجهة حقيقية لمشكلة البطالة؟ ليتها نافعة! يقال رب ضارة نافعة، فالأزمة كسرت «تابوهات» لدى المستثمر الوطني عن مناخ الاستثمار في الغرب، ما يدفعهم للاستثمار في بلدهم لما تتميز به الآن من معدلات أمان عالية مقارنة بالدول الأخرى ،فعودة الاستثمارات الوطنية من شأنها التخفيف من حدة مشكلة البطالة ويساعد على خلق فرص عمل وهذا يفرض بدوره تحدياً بالعمل على تحسين مناخ الاستثمار وتحفيز المستثمرين الوطنيين للاتجاه نحو مشروعات الاقتصاد الحقيقي. ويرى الاقتصادي د. قدري جميل: «إن استقرار التشريعات الاقتصادية وتنقيتها من القوانين المعوقة لحركة المستثمرين عامل أساسي في مواجهة تفاقم مشكلة البطالة من أجل الحفاظ على معدلات التشغيل الحالية وخلق فرص عمل مستقبلية». ويواجه القطاع الخاص تحدياً غير مسبوق في ظل الأزمة لجهة تأمين فرص العمل للقوة العاملة التي تشهد اليوم حركة معاكسة، فإذا سلمنا أن القطاع العام ليس مصدراً رئيسياً لخلق وظائف جديدة لأن أي توسع في التوظيف سيؤدي إلى تكلفة مالية حكومية متزايدة، فإن المسؤولية تقع على القطاع الخاص باعتباره المسؤول عن تأمين الاستثمارات المطلوبة، لكن أين المؤسسات القادرة على تعبئة الموارد لإيجاد فرص عمل ونمو اقتصادي في ظل الأزمة؟ يرى الدكتور راتب الشلاح «أن مشاريع التنمية والإنفاق العام الحكومي هي المؤسسات الأولى القادرة على تعبئة الموارد يليها القطاع الخاص وخصوصاً أن مشاريعه ليست كافية لاستيعاب الآخرين، لافتاً أن على الحكومة تبني إجراءات متكاملة كإقامة مشاريع التنمية في المحافظات بطيئة النمو، وتنشيط عمل القطاع الخاص في تلك المحافظات عن طريق خارطة استثمارية يلحظ فيها جميع متطلبات العمل». خلايا التنمية ولا يستبعد الكثيرون أن تزداد معاناة سوق العمل في ظل الأزمة مع جرعة تفاؤل إضافية بتوفير التمويل للقطاع الخاص من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فتمويل المشروعات أصبح اليوم مشكلة كبيرة وسيواجه مشكلات أكبر في التعامل مع الأجهزة المصرفية والتمويلية وسط الظروف الجديدة مع العلم أن مثل هذه المشروعات ستساعد على إحداث حالة رواج وخلق المزيد من فرص العمل، لكن د. علي كنعان استاذ الاقتصاد يرى «أن المشاريع الصغيرة غير قادرة اليوم على نمو استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل إنما القطاع الصناعي الكبير القادر على تعبئة الموارد البشرية، مشيراً إلى ضرورة تقديم الدولة ميزات ومساعدات وإجراءات إدارية جديدة للمنشآت الكبيرة ولاسيما الشركات المساهمة القادرة على استيعاب عمالة كبيرة على أن تمتلك نسبة 25-50 ٪ من رساميلها عبر تقديم التمويل الميسر من أي مصرف تنموي تختاره لدعم هذه المشروعات». وبلغ عدد الفرص الذي وفرها القطاع الخاص خلال (2006 - 2007) حسب إحصائية وزارة الصناعة نحو 106 آلاف عامل ما يساوي نسبة مقدارها 53٪ من فرص العمل ويأتي النشاط الصناعي في المرتبة الأولى من حيث فرص العمل يليه بقية النشاطات الاقتصادية من (خدمات - تجارة - مطاعم - نقل - مواصلات - مال وتأمين) وقد أظهرت نتائج مسح قوة العمل أن حجم اليد العاملة العاطلة عن العمل بلغ عام 2006 ما يقدر ب 412.860 عاملاً عاطلاً عن العمل في حين أن هذا العدد بلغ عام 2007 نحو 432.240 عاملاً عاطلاً عن العمل أي بزيادة مقدارها 19.380 ألف عامل!! على كلٍ ما زال هناك الكثير من الآليات التي تعمل بمعزل عن سوق العمل مثل المؤسسات التعليمية ومراكز التدريب التي لا تتوافق واحتياجات السوق الأمر الذي يجعل من تكاتف الجهود أمراً حتمياً اليوم لمواجهة البطالة المتزايدة وإن كانت تكلفتها مرتفعة فإنها مازالت ممكنة وبعد ذلك ستكون المواجهة صعبة وغير ممكنة، وخصوصاً أن التحدي الماثل الآن أمام اقتصادنا هو تخفيض حجم البطالة إلى الضعف عما هو عليه الآن ليصل إلى 6٪ من قوة العمل ويتطلب ذلك توفير فرص عمل تقدر بنحو 400 ألف فرصة سنوياً!!
|