حول هذا الموضوع كتب مراسل نوفيل اوبسرفاتور من واشنطن يقول: شهر حزيران الحالي هو شهر المخاطر لكنه سيكون أيضاً شهر الآمال، ففي الرابع منه ألقى الرئيس أوباما خطابه الموجه إلى العالم الإسلامي وفي 7 حزيران الانتخابات النيابية في لبنان وفي 12 حزيران الانتخابات الرئاسية في إيران، وكل شيء ممكن لأن وصول باراك أوباما إلى السلطة غيّر المعادلات وأطلق الحركة الدبلوماسية في الشرق الأوسط، فمنذ وصوله إلى البيت الأبيض تضاعفت الإشارات الصادرة الدالة على إرادة قوية في تحريك الأمور بدءاً من تسمية جورج ميتشل صانع السلام في ايرلندا الشمالية- موفداً خاصاً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ثم مقابلته الأولى في قناة عربية وبعد ذلك خطابه في تركيا واستقبال بنيامين نتنياهو في واشنطن والذي تبعه مباشرة لقاء مع محمود عباس، فهل في ذلك كله نهاية للنفق مابين الاسرائيليين والفلسطينيين!
حتى قبل أن يعرف مخطط أوباما لايتردد البعض بالحديث عن مرحلة جديدة، كما يعترف الجميع أن الأمور في واشنطن تغيرت وكلمة السر الجديدة هي الرصيد الشعبي الذي يمتلكه باراك أوباما في صفوف اليهود الأمريكيين الذين صوتوا له بقوة، أيضاً التأييد الكبير الذي يتمتع به في جميع أنحاء العالم، حتى الرأي العام الاسرائيلي الذي كان يقف في أكثريته إلى جانب منافس أوباما جون ماكين أثناء الحملة الانتخابية ينتظر الآن زيارة أوباما إلى اسرائيل لاستمالته وتأييد السياسه الإسرائيلية، يضاف إلى ذلك أن هناك عدة نقاط لصالح أوباما في الشرق الأوسط، فهو يأتي خليفة لجورج بوش بعد ثماني سنوات من الغياب الكامل لسياسة جادة حول عملية السلام والتي حاول بوش الولوج إليها في العام 2007 عبر أنابوليس.
لكن وبحسب أستاذ العلوم السياسية ناتان براون فإن إدارة بوش كانت تفتقر إلى التجربة وإلى المصداقية، ومن حيث الأسلوب والطريقة فإن أوباما مختلف عمن سبقوه، فمثلاً كلينتون كان يلزمه سنتين أو ثلاثاً ليستطيع العمل في ملفات الشرق الأوسط رغم الذكاء الذي كان يتمتع به، بينما أوباما تصدى للقضية بشكل مباشر منذ اليوم الأول.
طبعاً لايظنن أحد أن مفاجأة كبرى ستحدث والكثير من المختصين في أمريكا ليسوا متفائلين بالقدر الكافي، ناتال براون نفسه يقول: لا أرى اليوم أن هناك قاعدة دستورية لحصول اتفاق، فأوهام الاسرائيليين كبيرة جداً، والانقسامات تشق صفوف الفلسطينيين، لكن هذا لايمنع من البحث والسعي إلى أمل مرتجى، الجميع ينتظر من أوباما شيئاً ما لأن أميركا هي الأمة الوحيدة القادرة على إيجاد حلول للمسائل الكبرى في العالم...
أحد المختصين في هذا الملف يقول: إن لم تلعب الولايات المتحدة دوراً فعالاً لتسهيل الوصول إلى السلام في الشرق الأوسط والانفتاح على إيران فلن يكون هناك أي تقدم على هذا المسار، لكن ما هذا الدور؟الهدف واضح بالنسبة لأوباما، وهو الوصول إلى اتفاق ثنائي حول حل الدولتين وهذا يتطلب تنازلات من الطرفين وسيكون لهذا بعد اقليمي مهم.
وللبدء بهذا المخطط تنتظر أمريكا نتائج الانتخابات في لبنان وإيران، لكن هل يضغط الأمريكيون على اسرائيل؟ في هذا الصدد وجهت شخصيات أمريكية مهمة رسالة إلى أوباما تطلب منه بذل جهد للوصول إلى هذا الهدف كما تطلب منه الحوار مع حماس واتباع سياسة صارمة تجاه اسرائيل، يقول هنري سيجمان المدير السابق للمجلس اليهودي الأمريكي: من الممكن أن نتصور يوماً ما وجود رئيس أمريكي يتبنى لغة قوية دون مغازلة اسرائيل، إن مصلحتنا في المنطقة تقضي أن تتقدم الأمور نحو الأفضل وتحمل الجميع إلى نقاش القضايا التي يجب أن تؤطر وأن نتخلى عن كل السياسات الماضية الفاشلة وعن دور أمريكا الذي لم يكن يتعدى دور المضيف الذي يقدم القهوة لضيوفه ويتركهم للنقاش دون تدخل.
على الرئيس الأمريكي أن يتكلم باسم الأكثرية اليهودية الأمريكية مع أي قيادة اسرائيلية والكل في واشنطن متفق على ضرورة الضغط على اسرائيل لوضع حد لهذه المسألة تماماً كما فعل جيمس بيكر مع اسحاق شامير عام 1991 والمهم في الموضوع هو إحياء الرغبة في إيجاد التسوية كما حدث بين البريطانيين في إيرلندا الشمالية.
روبرت مالي المستشار السابق في البيت الأبيض أيام كلينتون يقول: باستطاعة أوباما أن يفعل شيئاً مشابهاً لاتفاق اوسلو، والمعروف عن أوباما أنه سياسي شرس وأنه يريد تحريك الأمور ولايحب أن يقال له لا، وهو مقتنع أنه بالإرادة القوية يمكن تحريك الجبال، لكنه أيضاً براغماتي... على أي حال علينا ألانكثر من طموحاتنا، مخطط أوباما يجب أن يسير على عدة مستويات، الأول امكانية حدوث اتفاق بين الاسرائيليين والفلسطينيين وأن يلعب الأمريكيون دوراً في تحسين ظروف الحياة في الضفة الغربية لتغيير الوضع القائم وخاصة في موضوع المستوطنات لدفع العملية السلمية، والثاني هو المراهنة على الحل الذي ستضمنه 57 دولة أي كل الدول العربية والإسلامية، وهذا يستدعي إطلاق المفاوضات مع سورية ولبنان واسرائيل وتبني خطة السلام العربية بشكل جدي، لكن العوائق كثيرة كما يرى روبرت مالي وأولها أن الحكومة الاسرائيلية غير مستعدة لتجميد المستوطنات كما أن بعض الدول العربية غير مستعدة للتطبيع مع اسرائيل.
من أجل ذلك لابد من حدوث انقلاب حقيقي في معادلات الصراع العربي الاسرائيلي.
4/6/2009