تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


موسيقا الدهشة وامتحانات الورد الشفهية?!

آراء
الاثنين 28/1/2008
حسين عبد الكريم

العاشق يبرم صفقات جديدة مع الذاكرة, ويصادق دفاتر الشجر والمطر والجبل والسهل ,

كمن يحضر افتتاح مهرجان شتاء, تقرأ فيه صبايا البروق مطالع قصائد الغيم العاشق... من هو العاشق ,‏

وما هي علاماته الفارقة, وحروف إطلاقه ورفعه وجرّه وعناوين وقته المرهون والذاكرة المراد التعاهد معها, وصولاً إ لى انبهار بكرٍ, غير ملول وغير ملوّث بدخان الأحلام المتفحمة , وسواد الخيبات والرغبات المحترقة?! لهذه الدهشات سلالم موسيقية وأفعال عزف وتلحين ,لايتعلمها من لم يتعالق مع عفوية صفاء عميق , لايمحى.. الذاكرة حقيبة سفر عجيبة, مملوءة بعقود وصكوك ووكالات فرح, يستعين بها الحلم, لأداء مهماته الصعبة, ويستفيد منها في انجاز انبهاراته القديمة الجديدة, ذات الجذور والأغصان, والأصول والفصول.. تتسع امكانات الذاكرة فتصير وقتاً عجيباً ممزوجاً بالماضي والحاضر.. واللحظات تغدو أبداً من الاشتياق.. المطر يكتب كلمة أو كلمتين أو عشر كلمات أو قصة كاملة , أو خاطرة أو قصيدة , أو ديوان شعر.. والصبايا طالبات في صفوف الحب الانتقالية.. يخرجن من دروس الكحل وحمرة الشفاه ,ويدخلن في حوارات ومحادثات لغات التأمل والعشق, ولايرسبن في امتحانات الرسائل الغرامية .. يعرفن عن ظهر قلب مواعيد الامتحانات النهائية والقرارات.. يبدأن الامتحانات النصفية للبهجة , وبعدها يحضرن المقابلة الشفهية لأناشيد الغيمات المتقابلة مع البروق وأشرعة الرّيح.. يبدأ العاشق إبرام صفقاته مع بروق العمر المتروكة عند منعطف السنين الطالعة إلى وهج الانبهار وصواعق الدهشات.. وتتم هذه الصفقات بإشراف البال المختص بالحبّ وأحوال الاشتياق والرؤى السارحة في جغرافيا الذكريات..‏

لايمكن لأي مبتكر في الكون, أن يجدد في يوميات وجده ومهنة الوجع النبيل, وأن يكتشف دوراناً جديداً للأرض ومجرات العشق خارج مدرسة ومكتبة الطبيعة التي من أهم مؤلفاتها الانسان وهوامش الوجد الكوني.. أمام نوارة الحب الجميلة ينطفىء عتم الخشية ونحضر الامتحانات الشفهية لصبايا من كحل طفلٍ وعطرٍ واعدٍ بالمزيد من الأناقة وثرثرات الجسد وبلاغة المفاتن التي لاتخرج عن المنهاج المقرّر في مادة الإعجاب وأسئلة الدّهشة..‏

القرى مفردات منقوطة الحروف, وفتيات المدارس ألفات وهمزات استفهام وحروف نداء, ومضاف إليهن ورد الروح , حين تتفاصح الكروم وأزرار قمصان الغيوم الساكبة دهشتها على عجل أو على مهل, كقبلٍ عاشقةٍ تعلن مواثيق الشفاه على طريقتها العفوية, لأول مرّة .. والوقت أولٌ لأن وهلة الحبّ ذات حضور وإدهاش.. العاشق مهما تكن خبرته وسنواته , ناطور عطر في حارة الوردات .. ومهما يكن عمر اشتياقه ولهفته, طالب في قاعة دروس المطر وصبايا البلل الحنون.. يتفقد من جديد دفاتر النظرات الناجحة في امتحان المشافهة العيانية والوله..‏

كلُّ برد له نكهةُ الشوق والبلل النافذ إلى جسد الأحلام .. وكلُّ لفتة شجرة جمل مفيدة, في حديقة التأملات وبستان الحواس المأخوذة بالمباغتة واستفتاحات الخواطر التي تكتبها الطبيعة على سطور الشجر والحجر.. وجهات السفوح.. وقطرات المطر تنقر على أوتار الروح, وتعيد وله الغابات وعتابا الأحزان الجبلية.. قبالة مكتبة الطبيعة الضخمة ذات العناوين الكبيرة والتاريخية , صادفت قصيدة مكتوبة على تفعيلة الشغف وروي النعومة , وقافية الرشاقة والأناقة , وكأنها موصوفة الشاعر القديم:‏

(بيضاءُ باكرها النعيمُ فصاغها‏

بلباقةٍ فأدقَّها وأجلَّها)‏

تسترق من حبر الروح رائحة حرف النداء والاستفتاح , وتطلق في العراء الساكن بيننا العنان لغز الات التدله والأماني, التي كانت مرهقة قبلها ومشتة.. تتشابه هي وأجمل القصائد, وتختفي في نعاس المساء الشتوي وتعزف أرقَّ معزوفاتها على أصعب أوتار الوقت والقلب.. ومن أبّهاتها الراقية أنها تقدم وقتاً مزدهراً وخازناً لكل الوقت والمكان.. تمشي كالاحتفالات , وقربها يرقص العشب, وتتلفت بروق البال كطائر أضاع وقت دفئه المترنِّح وسط أولى العواصف.. الزمن يصير كاهناً يبتعد في حارة الأناقة الأنثى, ويصير الحسن والحزن شاعرين, يمليان علينا مستجدات الوقت الشعري.. ونمسي طلاباً في مدرسة الانبهار , والصبية الطالعة لتوها إلى شرق الوقت والبال, تتلو دروساً في فنّ اللهفة والإصغاء والنظرات, وما يتفرع عن ذلك من شروحات ومعاني التفاتات ووشوشات داخلة في امتحان الرغبات العاشقة.. القصيدة امرأة من حكي حنون, وطفولة مولعة بقمصان الزهر وكلمات حيطان العاشق..‏

كأن لم أكن قبلها, وحروف التشبيه فتّشت عنها في جيب الذاكرة وجدتها منسوفة.. والمتبقي من حروف العطف تساقطت عند أقدام حروف جرِّ النعاس واللهفات المتواطئة مع أجمل الأحزان. كأن لم يكن لدي نقطة حبر وزهر وآمال.. وحين تألّف حضورها , قرأت مبتدأً واحداً من جملها المرمية عند قدّها , تساءلت : هل بمقدور أحد أن يزرّر سترة حرقة واحدة أو يكمل خيطان ديباجة ابتسامتها, أو يلفظ خبراً , وفعل اشتياق قبل أن يُعلّق رياحه على مشجب المساء, ويقيم معاهدة دهشة مع شعرّية وقفتها, وطلاقتها , وموسيقا التفاتتها وطمأنينتها الدلعة, المغناج?!.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية