|
مقاطعة حفل رقص على أشلائنا! آراء لكني انطلق الآن من بدهية إنسانية تاريخياً تقول (ليس هناك أي تبرير أو ذريعة لأي جريمة) خاصة أنها- أي تلك الجريمة- تقع عن سبق اصرار وتخطيط وتصميم, فكيف إن كانت الجريمة تلك مقترفة بحق شعب بكامله, وفي ذكراها الستين سيكون عديد هذا الشعب نحو عشرة ملايين إنسان, يعيش نحو مليون وربع المليون منهم تحت سقف الاحتلال الذي تم قبل ستين عاماً, ونحو ثلاثة ملايين ونيف في الشق الثاني من الوطن الذي تم احتلاله في عدوان حزيران عام ,1967وهناك نحو خمسة إلى ستة ملايين منهم في الشتات, ما بين مخيمات في أصقاع الأرض العربية, ومناف في عدد من دول العالم? في العادة يحتفى بمن قدم انجازاً متميزاً للإنسانية, إن على صعيد الابداع الفني أو الأدبي أم على صعيد الإنجاز العلمي والفلسفي, وأما عن النجاح في إطفاء جذوة حرب , إلى آخر الحقول المعرفية و العملية التي تسعد أو تسهم في إسعاد البشرية, أو في الحد الأدنى تعمل على رفع مستوى الحياة لدى شعب أو شعوب في العالم. لم يحدث في التاريخ البشري أن تم تكريم قاتل, أو جزار, أو عدو للإنسانية لذا ليس غريباً أن تنتابنا الدهشة والاستغراب من هذا التصرف الذي يشكل عدواناً مباشراً على إنساننا وإنسانيتنا وتشجيعاً منقطع النظير لقاتل- لص- مجرم, مستهتر بالخلق الإنساني وبقوانين الدنيا الوضعية والسماوية على السواء. رابطة الكتاب الأردنيين كان لها موقف مشرف من الدعوة حيث أصدرت بياناً يدعو الكتاب والمبدعين العرب إلى مقاطعة هذا المعرض. ولكن الدعوة لم تجد لدى المدير (الشهم) إلا أن يرد بقسوة مستهيناً بكل العرب عبر الاستهانة بمنجزهم الحضاري والابداعي, إذ يقول: إن الكتاب العرب (إن كانوا كتاباً) (كذا) بالحرف, مقدماً نفسه على أنه القاطع المانع المستهين بكل العرب عبر السخرية من كتابهم أو في الحد الأدنى, التقليل من شأنهم وبالتالي من شأن انجازهم عبر التاريخ كله.. كل هذا من أجل أن يسدر في غيه على الرغم من أن عدداً من الكتاب (في الكيان الصهيوني) بالذات رفضوا الدعوة قائلين إنهم لا يتشرفون بتمثيل (دولة القتل والاحتلال ), بحسب تعبيرهم. وإذا كان السيد فيريرو لا يعرف الحقائق, أو هو يتجنب المعرفة الأمنية لها فنحن نضرب له ولأمثاله أمثلة تقدم نماذج من (إنجازات) الدولة الصهيونية في حقول: الإلغاء, والتصفيات الجسدية وسرقة التراث الوطني الفلسطيني, والإبداع (العالي في التفنن) بأساليب حروب الإبادة والإلغاء والقتل فقط نورد له أن (وزير الحرب الراهن) في الكيان الصهيوني إيهود باراك تباهى قبل عقدين من الزمن وهو يقص حكاية تسلله إلى بيروت في زي امرأة واشتراكه في اغتيال قادة فلسطينيين كان الشهيد الشاعر كمال ناصر من (نصيبه) في حفل الاغتيال ذاك حيث يردد أنه أفرغ الرصاصات في فم الشهيد, لأن الشهيد كان ينشد للحرية وللحق الفلسطيني العربي, ليحتل بالكلمة قلوب الملايين في أرجاء المعمورة. ولنذكره بأن (الدولة التي يريد أن يحتفي بها في عيدها الستين) قد فخخت سيارة الروائي المبدع الفلسطيني الشهيد غسان كنفاني في العاصمة اللبنانية أيضاً. ولن ننسى أن الموساد طارد الكاتب الفلسطيني ولاحق الكلمة الفلسطينية في العواصم كلها ومنها روما- عاصمة الدولة الايطالية تحديداً. أما إن كان لم يسمع فعليه فقط أن يشاهد ما تعرضه الفضائيات من مسلسلات (إنسانية الإبداع الصهيوني) في جنين وغزة ونابلس وأنحاء الضفة الغربية والقطاع, بما في ذلك شهادات جنود الاحتلال عن (معاناتهم) وهم يسحقون عظام الرجال والأطفال والنساء وطحنها مع أشلاء البيوت والأشجار بسحر سرفات الدبابات (الميركافا) والجرافات, أو ابتداع (خلطة) نادرة من عجين معادن السيارات, ولحوم البشر, وإلى حد انصهار المعادن كلها من اللحم والعظم والعصب والألياف والحديد وإطلاق روائح شواء اللحوم الآدمية واختلاطها بالنار والبارود ودخان ا لحرائق. إنه يتحدانا كلنا: يتحدى أدباءنا ورسامينا وفنانينا والروح الإنسانية فينا, ويتحدى معنا العدالة والشرائع والنواميس والقوانين والأخلاق. بيد أننا في موقف كهذا لا يمكن أن ننجرف إلى هاوية عدونا بل نبرهن عن احتجاجنا الحضاري وبروح تأبى استفزاز مشاعر إخوتنا في الإنسانية, الشعب الإيطالي, بأن نعلن رفضنا حضور مهرجان وعرس يقومان على أشلاء حقنا, وتشرب فيهما دماء بنينا وشهدائنا خمراً في كؤوس (الاستضافة الشرفية). كلنا مدعوون إلى الانتغاض على مايدار من عملية إلغاء للعقل العربي وللإبداع العربي وللإنجاز العربي المعرفي والحضاري إلى جانب إلغاء الحق العربي في فلسطين. لكن ثمة عزاء لنا جميعاً. نحن في دمشق, وهي عاصمة الثقافة العربية لهذا العام فلتكن مرتع أشعارنا وقصصنا ولواعجنا وموسيقانا وحناجرنا ولتنعم الشام بالصوت الأروع والأجمل والأكمل, فيروز, وهي ترتقي ب (راجعون) وعلى أسوار القدس, ومن فوق الجسر الحزين, وإلى حيث تنتصر إرادة الخير والعدل والحق على الأشرار والقتلة ومريديهم ومن يحتفي بهم (كضيوف شرف) في حفل فقد شرفه منذ عام ,1897 وصولاً إلى مجازر غزة وحصارها عام .2008 nawafabuylhaija@yahoo.com "> nawafabuylhaija@yahoo.com
|