باعدامها فقط بل جعلها موردا اقتصاديا مهما ومزودا للمصانع ببعض المواد الخام عالميا توصف صناعة اعادة تدوير النفايات او recycling بأنها الصناعة التي تدر ذهبا فالمواد الاولية لهذه الصناعة متوافرة ورخيصة بل يزداد توافر هذه المواد بازدياد السكان وازدياد الفضلات التي يخلفونها ثم ان المنتجات المدورة تلقى طلبا في الاسواق بسبب رخصها ايضاً كما ان صناعة النفايات اصبحت تستخدم كمؤشر يساعد الشركات في معرفة تحليل الاسواق ومعدلات الاستهلاك ولقد استطاعت احدى الشركات المكسيكية المتخصصة بتسويق المواد الغذائية ان تتصدر الاسواق هناك بتحليلها لحاويات القمامة المنزلية لمدة شهر ومعرفة المعلبات والاصناف الاكثر استهلاكا ومن ثم التصرف في الاسواق بناء على نتائج هذه الدراسة.
التجربة السورية
مازالت التجربة السورية محدودة جدا في مجال معالجة النفايات الصلبة وتوجد بعض المعامل التي تستهلك بعض المخلفات واهمها معمل المعالجة في منطقة نجها في ريف دمشق والذي تشرف عليه محافظة دمشق حيث تبلغ طاقته الانتاجية 700 طن يوميا في الوقت الذي تتراوح كمية القمامة الناتجة عن المدينة بين 1100-1200 طن يوميا وقد تصل الى 1400 طن في بعض المواسم ما يعني ان هناك مئات الاطنان من النفايات غير مستغلة في دمشق وحدها.
وتكون نواتج المعمل اليومية موزعة كالاتي 280 طن سماد عضوي و5 أطنان حديد و100 طن مرفوضات وهي تشمل البلاستيكية والورق والكرتون والنسيج وبعض المعادن اما النسبة المتبقية من الكمية الداخلة الى المصنع فتذهب على شكل ابخرة لان الرطوبة تشكل نسبة عالية من النفايات قد تصل في بعض الاحيان الى 55 بالمئة.
الإدارة المتكاملة للنفايات
ظهرت في السنوات الاخيرة فكرة الادارة المتكاملة للنفايات وهي تقوم على النظر اليها بصفتها موردا يمكن استثماره والاستفادة منه لاعبئا يجب التخلص منه ويعتقد القائمون على المعمل ان هذه الادارة تحتاج للمشاركة الفاعلة من السكان خصوصا لجهة الحد من النفايات والمساعدة في فرزها من المصدر سواء المنزلي ام المؤسساتي ويسترشد هؤلاء بنجاح كل من المانيا وهولندا وكندا في تطبيق فكرة الفرز من المصدر اما فيما يخص دراسة الجدوى فقد تبين وخلافا لما هو سائد ومتوقع ان تكلفة الانتاج ومعالجة الطن الواحد من النفايات في القطاع العام هي بحدود 5 دولارات بينما في الخاص تصل الى 40 دولارا...!!
معمل آخر
ويشير معاون مدير المعمل المهندس محمد برهان حافظ الى اهمية انشاء معمل اخر لاستيعاب المزيد من قمامة المدينة غير المستفاد منها مؤكدا وجود دراسة لانشاء معمل بطاقة 1000 طن يوميا يكون رديفا للمعمل الحالي اما عن سير العمل حاليا فبين حافظ ان الهدف الرئيسي من المعمل هو انتاج السماد الذي يباع للفلاحين بواقع 240 ل.س للمتر المكعب الواحد في حين يتم ارسال خردة الحديد الى مصنع حديد حماة لصهره واعادته على شكل قضبان تسليح لصالح المحافظة اما ما تبقى من القمامة فيرسل الى المقلب النهائي لاعادة فرزه واستثماره.
اما عن تركيبة النفايات فيتغلب عليها المواد العضوية بنسبة 60 بالمئة والورق والكرتون 14 بالمئة والعظم 1.5 بالمئة والمعادن 1.5 بالمئة ايضا والزجاج والسيراميك والحجارة 3 بالمئة والأقمشة 7 بالمئة والبلاستيك والمطاط 13 بالمئة.
عوائد الاستثمار
يحدد حافظ عوائد الاستثمار للمصنع بمبيعات السماد والتي تقدر بنحو 6.5 ملايين ليرة سنويا ثم رسوم الإتلاف للمواد المصادرة والمنتهية الصلاحية لصالح العديد من الجهات وهذه تصل الى 5 ملايين ليرة سنويا اما خردة الحديد فلا تباع بل تذهب الى معمل الصهر في حماة بمعدل 250 طناً سنوياً لتعود حديداً صلباً بواقع 15 طناً لاستخدامها في مشاريع المحافظة المختلفة ومنذ عام 2004 باشر متعهد خاص عمله باستثمار مرفوضات المعمل وقيمة العقد الاجمالية 2,160 مليون سنوياً,هذا الى جانب موارد أخرى أقل أهمية.
مشاريع قادمة
ثمة ثلاثة مشاريع قادمة- حسب حافظ- الذي يرى بأنها مشاريع طموحة,حيث يجري الاعداد لمشروع انشاء شبكة غازات للاستفادة من غاز الميتان المتولد نتيجة الضغط الغاز وتحويل النفايات المطمورة منذ سنوات لاستخلاص هذا الغاز وتحويله الى طاقة كهربائية من المتوقع أن تبلغ استطاعتها بحدود 4 ميغا واط ساعي. وهو مشروع يؤمن عدم حدوث انفجارات في النفايات المطمورة نتيجة شدة ضغط الغاز, وسينفذ بدعم من البنك الدولي حسب اتفاقية (كيوتو) ويمكن أن تسد الطاقة الكهربائىة المولدة احتياجات المعمل, وبيع الفائض منها إن وجد.
أيضاً هناك مشروع يهدف لانشاء محطة تعقيم النفايات الطبية, التي توصف بأنها خطرة جداً,بطريقة البخار والمعروفة ب(أوتو غليف ) ثم دفنها في المحرق بشكل آمن بدلاً من دفنها بوضعها الحالي,وبالتالي نقل العوامل الممرضة للعاملين في المكب النهائي.
ثالث هذه المشاريع هو مشروع فرامة اطارات السيارات البالية,ويهدف الى تخليص البيئة من انتشار الاطارات بشكل عشوائي, وبسبب خطورة المواد المطاطية والبلاسيتيكية كونها من المواد التي لا تتحلل في التربة,ويمكن الاستفادة من المواد المفرومة في العديد من الصناعات.
وماذا بعد
يعتقد القائمون على هذا المعمل أن تجربتنا جيدة اذا ما قيست بتجارب الجوار العربي,وأن سورية تأتي بعد مصر وتونس والمغرب في صناعة اعادة تدوير النفايات,ونحن نعتقد أن أمامنا الكثير مما يمكن انجازه,فهذه الصناعة يعول عليها في توفير الموارد والاستفادة من الفرص الضائعة والتقليل من التأشيرات الخطرة على البيئة ثم إنها مدعوة لمنع انتشار جبال من النفايات حول مدننا وبلداتنا وقرانا...
والتي ستتكون بمرور الوقت ونتيجة ما يقذف اليها يومياً من آلاف الأطنان من النفايات المختلفة وتعتبر هذه الصناعة من الصناعات الواعدة حول العالم .
وكمية ونوعية النفايات مرتبطة بالحالة الاقتصادية والسلوك الاجتماعي والثقافي للسكان وثمة اتجاه عالمي اخذ بالتشكل يفضي الى تشجيع هذا الشق من الصناعة اعتمادا على الرؤية القائلة : النفايات انفاق كان بوسعنا ان نوفره او فاقد كان بمقدورنا ان ننتجه.