لكننا شهدنا بالأمس القريب انتقادات قادتها الولايات المتحدة ضد سورية وحلفائها عند عقد اتفاق مشابه مع داعش، بل وادعت بأنها لن تدخل بأي حوار أو مفاوضات مع هذا التنظيم. لكن الواقع والتقرير الإخباري الذي بثته الـ بي بي سي نيوز اكد كذب ما تتشدق به وبطلانه.
يؤكد الواقع بأنه على مدى سنتين أن الولايات المتحدة ووكلائها من قوات قسد في سورية قامت بعقد عدة صفقات مع داعش. ومن الأمثلة على ذلك أنه جرى التفاوض والاتفاق مع مقاتلي داعش عام 2016 للخروج من منبج والتوجه نحو الحدود التركية لتجنب حدوث أي إصابات خلال النزاع على المدينة.
على مدى الاشهر الأخيرة عمد عملاء الولايات المتحدة من هؤلاء إلى محاصرة الرقة وبذلوا كافة الجهود للاستحواذ عليها بدلا من داعش. في الحين الذي تقوم به القوات الأميركية وحلفاؤها بقصف شديد على المدينة مدعية بأن الهدف من ذلك هوتخفيض عدد الاصابات بين صفوف وكلائها. وبالمعنى الأصح لتلك المقولة هو «تدمير المدينة»، وقتل الكثير من سكانها المدنيين. وخلال الأيام الأخيرة تم تداول اشاعات حول اتفاق أبرم بين الولايات المتحدة وداعش حيث يتمكن بموجبه مقاتلو داعش الانتقال عبر ممر حر لمغادرة المدينة. أما الآن فقد تأكد للجميع صدقيةتلك الإشاعات، حيث ذكرت منظمة حقوق الانسان في سورية معلومات استقتها من مصادرة مستقلة تؤكد التوصل إلى هذا الاتفاق بين التحالف الدولي وما يسمى قوات سورية الديمقراطية من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى حيث يقضي الاتفاق بخروج المقاتلين المتبقين من تنظيم داعش في مدينة الرقة.
منظمة حقوق الانسان السورية أكدت بأن هذا الاتفاق قد تم توقيعه، وأكدت بأن مقاتلين سوريين تم إخراجهم، ولم يبق سوى مقاتلين أجانب ممن لا يحملون الجنسية السورية حيث اعترضت الاستخبارات الفرنسية على خروجهم منها، لأنها ترى بأن البعض منهم قد ساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في الهجوم الذي جرى في باريس.
كما وأن مصادر أخرى ذكرت بأن ثمة حافلات قد وصلت لنقل مسلحي داعش باتجاه منطقة الحدود العراقية السورية. وقال مسؤولون محليون بأن مقاتلين أجانب ينتسبون لتنظيم داعش سيغادرون أيضا. وقد أكد التحالف الذي ينضوي تحت القيادة الأميركية عملية الإجلاء لكنه نفى أي مشاركة له بتلك العملية حيث تم الإعلان عما يلي:
«إن قافلة المركبات تتوجه للخروج من الرقة بموجب ترتيبات قام بها المجلس المدني بمدينة الرقة والقبائل العربية المحلية.»
إن مقولة «التحالف لم يشارك في المناقشات التي قادت إلى تلك الترتيبات»عارية عن الصحة ويؤكد الواقع بأن عقد ذلك الاتفاق قد جاء بغية إتاحة الفرصة لقوات سورية الديمقراطية بدخول الرقة، الأمر الذي يظهر نفاق أميركا عند ادانة الاتفاق الذي عقده حزب الله مع مسلحي داعش المحاصرين وعائلاتهم وعرقلتها لعملية الإجلاء في الصحراء جراء إقدامها على استخدام طائراتها المسيرة في قصف القافلة وحظر الطيران.
من دواعي الاستهجان أن نرى الولايات المتحدة التي ناهضت الاتفاق بين حزب الله وتنظيم داعش تلجأ هي وحلفاؤها إلى عقد اتفاقية مشابهة تتيح لمقاتلي تنظيم داعش مغادرة الرقة. وقد تم فعلا نقل أولئك المقاتلين باتجاه الحدود العراقية- السورية حيث ستجد القوات الحكومية السورية نفسها مضطرة إلى خوض معارك ضارية ضد داعش ومقاتليها.
إضافة إلى ما ذكر، عمدت القيادة المركزية الأميركية إلى نقل مقاتلين في تنظيم داعش إلى الحدود مع إسرائيل بهدف تلقي التدريبات ذلك لأن تلك المنطقة تعتبر آمنة من قصف الطائرات السورية والروسية، حيث تهدد القوات الجوية الإسرائيلية أية جهة تعتبرها موضع خطر لها وتكن العداء لداعش.
بعد كل تلك الوقائع نجد الولايات المتحدة تدعي «عدم انخراط التحالف في المفاوضات مع داعش» تلك الكذبة التي كشفت أمام الجميع خاصة بعد أن تحدث تقرير نشرته بي بي سي نيوز عن اجتماع جرى مع داعش ومكانه ونتائجه. وأرفقت تقريرها بصورة الجنرال جيم غلين في 12 تشرين الأول يجتمع مع مسؤولين في الرقة لمناقشة الاتفاق.
بقلم: مون أوف ألاباما