يجب ألا تنتهي عند عتبة الترويض، بل يجب أن تستمر وتستمر وصولاً لتقليم مخالبه ونزع أنيابه وركنه في زاوية الأسواق المحلية التي ذاق زائروها الأمرين وهم يترقبون مع كل إشراقة شمس اللحظة التي سيتحول فيها هذا الوحش الكاسر لكل المحافظ النقدية إلى غول من ورق لا حول له ولا قوة.
نزال كسر العظم الذي بدأت الأجهزة الرقابية الحكومية خوضه في مواجهة هذا الخصم الشرس والعنيد والشره جداً للنيل من كل ما في الجيب، سجلت أولى جولاته نوعاً من التقدم الخجول لمصلحة هذه الأجهزة التي تمكنت من توجيه عدة ضربات جدية (بعيداً عن أسلوب الدغدغة التي كانت تنتهجه) لهذا الغول الذي يجب أن يترنح عاجلاً أم آجلاً على بساط وداخل حلبة خفض مؤشر الأسعار وتسجل هبوطات تنازلية تكون بمثابة جرعة الأوكسجين التي سيتنفس من خلالها أصحاب الدخل المحدود جداً الصعداء، على الرغم من عدم ملامستها (حتى تاريخه) إلا لجزء يسير مما يمنون به أنفسهم ودخولهم وجيوبهم.
هذه الجولات التي لا نتمنى أن تكون استعراضية ولا نتائجها لحظية (تخديرية) تدفعنا جميعاً للمطالبة وبأعلى صوتنا بإخراج القوائم السوداء من الأدراج المغلقة وإماطة اللثام عن أسماء كل من عاث فساداً في أسواقنا وتاجر بلقمة عيشنا.. من احتكر وضارب وتلاعب وأخفى الدواء والغذاء.. من مازال يتمنع بطريقة أو بأخرى عن الامتثال للقرارات التي تعطي لكل ذي حق حقه، بعيداً عن الابتزاز والغش والتلاعب والاحتكار التي كانت ومازالت العلامة الفارقة والمميزة في عمل شريحة من التجار ومصدر فخرهم وتأكيدهم على أن الشطارة التي تقوم عليها تجارتهم لا تعترف إلا بالربح والثراء الفاحش دون الخسارة.
ولأنهم كذلك وأكثر من ذلك بكثير ولأن من بلع السوق وشربه لن يغص بكوب ماء، فهم يستحقون منا ليس شهرياً ولا حتى أسبوعياً بل يومياً قائمة سوداء يتم نشرها على الملأ... ليس بهدف التشهير بهم وبممارستهم وأفعالهم التي كان ومازال لها وقعها السلبي على مئات آلاف الأسر الذين لهم كل الحق في معرفة من تاجر بلقمة أطفالهم والتعامل معه بالطريقة التي يستحقونها أقلها المقاطعة عسى ولعل يكونوا عبرة لمن لم يرتدع.