تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دراسة قانونية للإجهاض غير الآمن.... دعوة إلى تعديل القانون ومنع التلاعب باسم الضرورة!

علوم
الثلاثاء 6/12/2005م
ميساء الجردي

تختلف آراء الفقهاء والمجتهدين وتختلف أبحاثهم واجتهاداتهم حول مسألة الاجهاض وخصوصا بعد أن أصبحت أمرا قائما في العيادات والمشافي تحت تسميات مختلفة ولأسباب متعددة, فهل يمكن إعادة تنظيم هذه المسألة تنظيما قانونيا لا يتعارض مع الموقف التشريعي ويأخذ بعين الاعتبار حق الأم في حياة سليمة جسديا ونفسيا ويعالج ما تطرحه الموجة الاجهاضية المعاصرة.

هذا ما توجه اليه المشاركون من أطباء قانونيين في ندوة الدراسة القانونية المتعلقة بالاجهاض غير الآمن التي نظمتها جمعية تنظيم الأسرة بهدف تناول هذا الموضوع من كافة جوانبه وطرح كل ماهو جديد من أفكار ايجابية تخدم هذه المسألة وتضعها في الاتجاه المناسب والأقل خطورة على المرأة والمجتمع.‏

يقول الدكتور محمد أنور الفرا رئيس اللجنة الطبية في جمعية تنظيم الأسرة‏

إن الهدف من هذا اللقاء هو العمل بمشورة ومساعدة رجال القانون والتشريع على النظر في ظاهرة الاجهاض غير الامن وايجاد السبل القانونية والتشريعية للحد من هذه الظاهرة غير الصحية والتي تعرض امهاتنا وأسرنا لكثير من المصائب ونحن قادرون بتشريعات حديثة تتلاءم مع الوضع الاجتماعي المستحدث والمتغير خلال العقود الخمسة الأخيرة أن نقي أمهاتنا وأسرنا من هذه الكوارث.‏

النظرة القانونية للاجهاض‏

كيف أصبح القانون يعترف بمبررات الاجهاض وما النظرة القانونية له, وماذا وراء التغيير في تشريعات الاجهاض في الدول الأخرى وفي سورية?‏

الاستاذ محمد جهاد اللحام نقيب محامي دمشق‏

قدم ايضاحات حول كل ذلك مبينا أن للاجهاض أنواعا: فهناك الاجهاض العفوي الذي يحدث دون تدخل أحد, والاجهاض المحرض الذي إما أن يكون جنائيا وهو ما يحاسب عليه القانون وإما علاجيا لانقاذ حياة الحامل.‏

وعن تطور النظرة القانونية للاجهاض يقول: حتى الأمس القريب كان الاجماع منعقدا أن ليس للاجهاض مبرر إلا أن يكون استمرار الحمل مهددا لحياة الأم وهناك عقوبة إن كان المجهض طبيبا أو صيدلانيا أو قابلة, ولكن ما شهدته السنوات الأخيرة من تطور في تشريعات الاجهاض في بعض البلدان أدى الى اعتراف القانون بمبررات للاجهاض غير المبررات الطبية وأولها: أنه وسع في مدلول الدواعي الطبية التي بدأت بالخطر على حياة الأم إن استمر الحمل, ثم الخطر على صحتها, ثم على صحتها الجسدية والنفسية, ثم على الصحة النفسية والجسدية لأفراد الأسرة الآخرين, وثانيا: الدواعي الجنينية وهي التيقن أو الترجيح أن الجنين مصاب بمرض أو عاهة, وثالثا: الدواعي الانسانية مثل الحمل الواقع على قاصر أو المجنونة أو بسبب الاعتداء, ويأتي ضمن هذا السياق الدواعي الطبية الاجتماعية التي تأخذ في اعتبارها غزارة الانجاب أو تقارب الولادات وصغر السن أو كبره والظروف الحرجة التي تتعرض لها الانثى غير المتزوجة إن حملت.‏

وأخيرا الاجهاض حسب الطلب وهي الصيغة التي تود أن تحرر حتى من التحايل على القوانين وهي خاتمة المطاف للموجة الاجهاضية المعاصرة.‏

ماذا وراء التغيير في التشريعات‏

عن هذا يجيب نقيب المحامين: بسبب ما يسمى الاجهاض الاجرامي والذي أدى الى ازهاق أرواح كثيرات أو اصابة كثيرات بمخاطر صحية تحيا أو تعيش بعدها الضحية بعلة مزمنة فكانت الحجة قوية للمطالبة بإباحة الاجهاض وما دام الاجهاض سيتم فمن الخير أن يتم في ظروف مأمونة وتحت رعاية طبية, وتجدر الاشارة هنا إلى ان القوانين التي وسعت رقعة الاجهاض بدافع الخطر على الصحة الجسمية والنفسية لم تقض على تجارة الاجهاض الاجرامي فمثلا في هنغاريا كان عدد الاجهاضات غير القانونية في حدود مئة ألف الى مئة وخمسين ألفا قبل اباحة الاجهاض ولكنها وصلت بعد الاباحة بأربع سنوات الى مئة وثمانين ألفا.‏

وصدقت ذلك عدد من الدول وفي مثال آخر فإن بعض الدول التي أباحت الاجهاض لتخفيف حدة الانفجار السكاني قادتها تجربتها الى مأزق هبوط معدل الولادة الى 13.5 في الألف.‏

الإجهاض في القانون السوري‏

يشير الدكتور اللحام الى جملة من النقاط المتعلقة بموقف القانون السوري من الاجهاض وهي المشرع السوري حرم الاجهاض كمبدأ عام في قانون مزاولة المهنة الطبية مع وضع بعض الاستثناءات مثل تعرض الأم لخطر محقق واشترط لتطبيقه أن يكون من قبل طبيب مختص وبموافقة طبيب آخر وأن يحرر محضر بتقرير الحاجة المبرمة قبل إجراء العملية, ولكن إذا ارتكب الطبيب جرم الاجهاض دون الالتزام بهذا التشريع فإنه يمنع من مزاولة المهنة لمدة لا تقل عن سنة واحدة وهنا لم يفرق المشرع السوري بين الشروع بالاجهاض وبين انجازه ولا بين الاجهاض في بدء الحمل أونهايته, فقد حرم الاجهاض في جميع مراحل الحمل وفي جميع الأحوال ويعدّ هذا الفعل جريمة يعاقب عليها القانون سواء كان من الأم أو رغما عنها, إلا أنه في نقطة أخرى تساهل مع الأم الحامل التي تجهض نفسها محافظة على شرفها, فالمشرع السوري كان جازما في موقفه تجاه جريمة الاجهاض إلا أنه لم يطلها إذا لم يبلغ عنها.‏

وفي نهاية هذا العرض يؤكد الدكتور جهاد على ضرورة إعادة تنظيم مسألة الاجهاض تنظيما قانونيا وأن يتم ذلك باشراف الدولة في مشافيها الرسمية المختصة مع الأخذ بالحسبان موقف التشريع الاسلامي والتأكيد على التفريق بين الاجهاض العلاجي تبعا لحالة الأم, والاجهاض الذي يهدف فقط للتخلص من الجنين.‏

دعوة إلى تعديل القانون‏

وقدمت القاضية سعاد المسعد المستشارة القانونية‏

توصيات عن نفس الموضوع وهي أولا: الدعوة الى اصلاح القانون أو تعديله ليس تلبية لرغبة طالبي اباحة الاجهاض, بل سد الطريق عليهم حتى لا يتلاعبوا بالقانون باسم الضرورة, وثانيا: الدعوة لإنشاء مؤسسة للاجهاض على غرار مؤسسة نقل الدم, يقوم عليها أطباء عدول يحسنون فهم أصول الحياة الاجتماعية لدراسة كل حالات الاجهاض وتجري الاستطبابات مجانا, فتقطع الطريق على دعاة الاجهاض التجاري, ثالثا: إلغاء السبب المخفف في قانون العقوبات في حال الاجهاض من سفاح لأن هذا يشكل عونا للرذيلة وامتدادا لها.‏

ومن جانبه تحدث المحامي أحمد صوان عن ضرورة أن يتم حصر موضوع إجازة الاجهاض في حالات مثل تهديد الأم بأزمة صحية أو في حال وجود تشوهات في الجنين حتى لا يكون عالة على الأسرة والمجتمع, مؤكدا على تعديل القانون من هاتين الناحيتين حصرا وعدم ترك الأمور بشكل مفتوح لأن هذا يشجع موضوع الاجهاض بشكل عام ومنه السفاح.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية