تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


التنوع الثقافي ليس ترفاً...

ثقافة
الثلاثاء 6/12/2005م
عن لوموند : سهيلة حمامة... بقلم وزير الثقافة وا

قبل ستة عقود , وعلى أنقاض نزاع يعد الأكثر دموية في التاريخ , كان تأسيس اليونيسكو شهادة ثقة في مستقبل العالم

ودعوة الى العمل على أساس هذا المبدأ والقناعة أن (الحروب تولد في فكر الرجال ويجب أن يرقى الدفاع عن السلام في فكرهم أيضاً ).‏

ما هو الطموح الأرقى من خدمة السلام والوحدة العالمية من خلال التربية والعلوم والثقافة ? لكن أيضاً ما هي المهمة الاكثر معاصرة في عالم اليوم ? علينا ألا نخطىء ! الاجوبة الجوهرية للرد على تحديات الارهاب والعنف في زمننا, هي الحفاظ على هويتنا الثقافية .‏

لأن قضية الهويات ستكون بالتأكيد القضية الكبرى في هذا القرن وراء عوامل الابداع والتعبير الفني والثقافي في عالم ينزع الى ان يصبح أكثر فأكثر منتظما وخاضعا لقواعد التجارة يدرج هذا النص في القانون الدولي القضايا التالية : التنوع , المساواة , وقيم الثقافات وفي ذات الاتجاه حق الدول في اتخاذ اجراءات دعم للسياسات الثقافية .‏

لقد بدأ ( عصر العالم المتناهي ) الذي أعلنه بول فاليري , فالعولمة جعلتنا أكثر قربا ولكن أيضاً أكثر تبعية في ذات الوقت وذلك بإيلاء جيلنا مسؤولية لا مثيل لها حيال كوكبنا على شكل النضال لصالح التنوع الحيوي وحماية بيئتنا الطبيعية .‏

ان التسجيل في نص القانون الدولي على ان التحف الفنية ونتاج الفكر لا يمكن اعتبارهما كالبضائع: ففي زماننا حيث يمكن تبادل كل شيء, ويصبح كل شيء للتجارة , يصبح اعطاء الثقافة مكانة خاصة مطابقة لكرامة الانسان ولمسؤوليتنا تجاه التاريخ .‏

ذلك هو مضمون الخطاب الذي اقترحه الرئيس جاك شيراك للتبني للمرة الاولى خلال القمة العالمية عن التنمية المستدامة التي عقدت في جوهانسبرغ قبل ثلاثة اعوام .‏

إن رسالتنا لا تحمل الانطواء على الهوية انها لا تسلم بإغراء الانغلاق والخصوصيات التي قد تبرر كل أنواع العنف والتطرف .‏

ان رسالتنا هي تعلق فرنسا الذي يرجع الى قرون عديدة بالحرية والتسامح والحكمة والقيم التي أرست الاعلان عن حقوق الانسان الذي يدعو كل حركات التحرر ويجمعها في ذات الشمولية.‏

في هذه الحماسة للجماعة الدولية التي يدعمها الاتحاد الاوروبي بكل ثقله تكمن جدارة فرنسا في المساعدة على فهم أن تبني نص اليونسكو هو احد الشروط الاساسية للتوصل الى عولمة محكمة بشكل أفضل وأكثر انسانية . بذلك تكون فرنسا مخلصة لاخلاقيات حقيقية للثقافة بإعطاء فرص جديدة لاحياء اقتناع مونتين بأن ( كل انسان يحمل الشكل الكامل للمعاناة الانسانية ).‏

قبل خمسة واربعين عاما , اطلقت اليونسكو نداء لانقاذ ابي سمبل وآثار صعيد مصر وكان دعوة لايقاظ الضمير العالمي .‏

لقد أجاب اندريه مالرو الوزير في عهد الجنرال ديغول على منبر اليونيسكو بكلمات اتاحت بعد بضع سنوات ايجاد مفهوم ثوري للتراث العالمي للانسانية :( اقترحتم العمل على دعوة الناس لدرء النكبات الكبرى , ان نداءكم ليس لتاريخ الفكر لانه يريد انقاذ معابد النوبة بل لانها اول حضارة عالمية تطالب علنا بأن الفن العالمي هو إرثها الذي لا يتجزأ.‏

اما اليوم , فإنه يجعل من هذا الارث مشروعا في خدمة الابداع الفني والثقافي وتبادل الافكار والنتاج الادبي واختراع عالم الغد .‏

عندما تأسست اليونيسكو غداة الحرب كان يتوجب عليها خدمة وحدة العالم , بينما يجب عليها اليوم انقاذ التعددية فيه .‏

هذا المشروع ليس ثقافيا وحسب انه ذو بعد سياسي عميق بما تحمله هذه الكلمة من معنى رفيع لانه اساس للسلام . ان التنوع الثقافي ليس غطرسة انه ليس صيحة اقلية انه يد ممتدة ومظاهر احترام . انه أمر ملح في عالم اليوم لوقف انتشار التطرف ونشر السلام والانسانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية