وأرسل هذه الهدايا والعطايا مع وكيل له, يزعم أنه شاعر. على أن هذا حمل مع الألطاف بعض شعره وكان غثاً تافهاً. من مثل قوله:
فؤادي قد انصدع وضرسي قد انقلع
ولليالي عقلي قد انهوى وما رجع
ياحب ظبي غنج كبدر لما أن طلع
فقلت: ته ته ته فقال لي: مر يالكع
هات قطع ثم قطع ثم قطع ثم قطع
وضع بكفي وفي جيبي أدعك أن تضع
وفوجئ المتنبي بهذا (الشاعر) أي مفاجأة, لكنه لم يشأ أن يؤذي مشاعره فهو رسول أحد الأمراء. وضمن مديحه المطلوب أبياتاً متهكمة ساخرة لاذعة, تحدث فيها عن هذا الشويعر الذي تقحم مهابة أمير الشعراء عصره قال المتنبي:
تيممني وكيلك مادحاً لي واسمعني من الشعر الغريبا
ولست بمنكر منك الهدايا ولكن زدتني فيها أديباً
فآجرك الاله على عليل بعثت إلى المسيح به طبيباً
يقول العوضي الوكيل في كتابه (مطالعات وذكريات) الصادر في القاهرة في سلسلة المكتبة الثقافية سنة 1972:
إن المتنبي يقول للأمير:
لقد وصلتني الهدايا كاملة غير منقوصة, بل إنها وصلت مزيدة والزيادة هي هذا الأديب الذي أنشدني بعض أشعاره, وهذه سخرية لاذعة,كما أنه يقول: آجرك الله على هذا العليل فقد بعثت طبيباً إلى المسيح الذي يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله.
وينتهي الأستاذ الوكيل إلى القول: الحق أن الرسول يستحق كل هذا التهكم من سيد الشعراء, وكان يجب عليه أن يعلم أنه موفد إلى المتنبي.