محسوبكم يتضايق من الأزرار, كل زر يحتاج فكه أو ربطه إلى معاناة مني جربت أن أربط كل زر بعروتة, فاصطدمت بمزيد من التأخير نصف ساعة على الأقل, جربت أول الأمر أن أتحرر من الازرار فألبس ملابس قليلة الأزرار لكن الوضع لم يكن يناسب الموضة فلجأت إلى أسلوب تخفيف عبء معاناتي وتأخري بارتداء ملابس ليس فيها أزرار وبدا هذا عصياً علي لأن الأشياء والحاجيات التي تباع في المحال مزروعة زرعاً بالأزرار.
وبدأ هذا الهاجس يكبر في نفسي وعقلي حتى تصورت أن نهاية العالم كامنة في كثرة أزرار الملابس التي نرتديها, أخيراً توصلت إلى حل أعاد إلي ثقتي بنفسي.
أخذت مقصاً ورحت أقص كل زر في الجاكيت والبنطال والقميص ولبستها كلها خالية من الأزرار, سأعتذر أحسست برضا وبسعادة تغمرانني وخرجت بملابسي الخالية من الأزرار إلى الطريق.
لم ينتبه أول الأمر أحد إلى ما فعلت بثيابي لكن رفاقي وزملائي من أهل الشارع والوظيفة, لاحظوا ذلك وبدؤوا يسألونني عن سر غياب الأزرار عن ملابسي, فوضعت على وجهي علامات الجد وقلت لهم! إنها موضة هذه الأيام, لقد حذف مبتكرو الأزياء الأزرار من قاموس مهنتهم.
من عجب أن زملائي ورفاقي في الشارع والوظيفة راحوا يقلدونني شيئاً فشيئاً وكان المكابر منهم يقول: هكذا أريح.
إن الأعمال الكبرى والمنجزات في التاريخ تهتم بمبادرات جريئة كهذه. من يدري ربما يأتي زمن يقلدونني فيه وتنسب إلي الأزياء بلا أزرار? وهكذا انقلبت العلة إلى منفعة. ومجنون يحكي وعاقل يسمع.