الآراء تنوعت حول السبب الحقيقي للتضخم في السوق بشكل علني أو خفي وهل ما يجري تضخم سلعي أم نقدي.
مابين الادخار والاستثمار
قبل المتابعةسأعود الى كتاب موجه من حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور أديب ميالة الى وزير المالية الدكتور محمد الحسين يقول فيه استناداً الى كتاب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية المتعلق بالسياسة العامة للدولة ومن أجل تحقيق التوازن بين ضبط المستوى العام للأسعار وضمان استمرار النمو ما بين الادخار والاستثمار بحيث يتم ضبط السيولة وعرض النقود وخصوصاً مع الميل العالمي للاستهلاك والاستيراد.
ومن احدى الاجراءات لتحقيق هذه الأهداف تشجيع النشاط الاستثماري وخصوصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال توفير التمويل بسعر تنافسي بما يحافظ على معدلات النمو الحالية في الاقتصاد الوطني والمساعدة في ضبط السيولة النقدية الاستهلاكية وبالتالي خفض المستوى العام للتضخم خصوصاً في الفترة المقبلة التي يتوقع أن تزداد فيها الضغوط التضخمية الناجمة عن الارتفاع في الأسعار العالمية وارتفاع أسعار الوقود داخلياً.
يضيف الكتاب لذلك لابد من ضبط آلية القروض الاستهلاكية لدى المصارف العامة .. الخ.
تناقض
إذا الكتاب السابق يحدد أن أحد أهم اسباب التضخم هو الارتفاع في الأسعار العالمية اضافة الى ارتفاع أسعار الوقود أما المعالجة فتكون في كبح القروض الاستهلاكية التي تمنحها المصارف العامة وهي على الأغلب قروض الدخل المحدود التي يمنحها مصرف التسليف الشعبي والواضح هنا التناقض في أن سبب التضخم الارتفاع في الأسعار والمعالجة في كبح القروض الاستهلاكية.
بين السلعي والنقدي
لن أجزم أن التضخم الحاصل في السوق السورية هو تضخم سلعي لا نقدي ويعود السبب في ذلك الى الارتفاع الواضح للسلع المستوردة أضف الى ذلك يجب أن نعي أن زبون القروض الاستهلاكية يحسب ألف حساب لهذا النوع من القروض قبل أن يقدم عليها وهي غالباً موجهة أما لاعادة ترميم منزل أو استبدال اساسه أو ادواته الكهربائية وكل ذلك لا يمكن أن يساهم في زيادة التضخم بل يفيد ذلك عملاً اقتصادياً بالمعنى الحرفي للكلمة. بالمقابل يؤكد حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور أديب ميالة أن الارتفاع العالمي للأسعار كان له سبب مباشر على الأسعار المحلية وهذا من أهم اسباب التضخم وهو ما يعرف بالتضخم المستورد.
ترشيد الاستيراد
في سياق مختلف يطالب الدكتور عبد الرزاق حساني استاذ النقد في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق بتحديد السبب الحقيقي الذي يقف وراء التضخم وعندما يتضح أنه جراء المواد المستوردة يجب أن نرشد الاستيراد حسب حاجاتنا الضرورية لا ان نترك الحبل على الغارب وانه من الخطأ تحميل اسباب التضخم على قروض الدخل المحدود.
بالتوازي مع ذلك نجد ان المصرف الزراعي قدم 4 مليارات ليرة قروض زراعية خلال النصف الاول من هذا العام.
اضافة على ذلك يبين مؤشر المصرف المركزي ان المصارف العامة والخاصة قدمت قروضا استثمارية في الزراعة والصناعة والتعدين والانشاءات العقارية وفي التجارة تصل الى مليار ليرة سورية خلال شهري كانون الثاني وشباط من بداية هذا العام بدون المصرف الزراعي .
المشاريع الصغيرة والمتوسطة
بنفس الاتجاه يؤكد وليد عبد النور مدير عام بنك بيبلوس سورية بأن المصارف الخاصة يجب ان تعمل على خط المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تشكل 70-75% من حجم الاقتصاد السوري وايضا فالمصارف الخاصة جاهزة للتمويل الاستثماري وهذا ما حصل مع المصرف الدولي للتجارة والتمويل في تمويل معمل سكر حمص.
اذاً ما يجري على صعيد عرض الكتلة النقدية سواء لقروض استهلاكية او استثمارية في واد لا علاقة له بالتضخم القائم في السوق والعبرة اولا واخيرا لدراسة حكومية تحدد الابيض من الاسود.