تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الاستهتار بالمجتمع الدولي

دراسات
الأحد 30/10/2005م
د. سعيد مسلّم

أن تستخف الادارة الاميركية بعقول الملايين في العالم / وخاصة الاسلامي منه فهذا أمر أصبح مألوفاً ومكشوفاً. وأن تستهتر بكل القرارات والمواثيق والأعراف الدولية المتعلقة بالعرب, فهذا أصبح جزءاً واضحاً من سياستها يكشفه انحيازها لاسرائيل.

أما أن تصادر إرادة المجتمع الدولي ورغباته وتلغي دور هيئاته الرسمية وقنواته الدبلوماسية فهو حديث ما بعده كلام..!‏

بالأمس وزعت الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا مشروع قرار ( مسودة) على الدول الاعضاء في مجلس الأمن, تتعلق بقضية اغتيال رفيق الحريري, وذلك بعد جلسة استماع لعرض رئىس اللجنة الدولية المكلفة بالتحقيق بموجب قرار مجلس الأمن 1595 السيد ( ديتليف ميليس).‏

والاستماع إلى كلمات الوفد اللبناني, والوفد السوري ورغم البيانات الإيجابية والهادئة التي سادت جلسة مجلس الأمن بتاريخ 25/ 10/ 2005 وما نتج عنها من أجواء مطمئنة, تفهمت التفنيد السوري للمغالطات القانونية والإجرائية في تقرير السيد ميليس والاستعداد السوري لمتابعة التعاون بهدف الوصول إلى الحقيقة, إلا أن المندوبين الأميركي والفرنسي, سارعا الى تسليم مسودة قرار لمناقشته من قبل وفود الدول الأعضاء, وقبل أن تسلم هذه النسخة - المشروع- لممثلي الدول, كانت وسائل الإعلام تنشره كاملاً كما حصل مع تقرير ميليس المقدم الى الأمم المتحدة بتاريخ 21/10/.2005‏

والغريب في الأمر أن مسودة المشروع لم تناقش بعد والأغرب هو السرعة في طرح مشروع لا حاجة له أصلاً, بعد اعترافات السيد ميليس نفسه بأن التحقيق لم يكتمل وهو سيواصل إجراءاته وعمله خلال المرحلة القادمة مع تطمينات سورية بالتعاون التام.‏

والمزعج في هذه الخطوة الاستفزازية, والتي تنم عن استهتار واضح, بجميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن, أنها تتضمن مسبقاً اتهامات وإجراءات ضد سورية.‏

ولا يكتفي المشروع بالإشارة الى تبني الأحكام المسبقة وإصدار الإدانات, بل يطلب الأخذ بالبند السابع من ميثاق الأمم المتحدة, الذي يجيز الإجبار واستخدام القوة.‏

وهكذا فإن المصداقية والسيادة للدول الأعضاء في مجلس الأمن, في اختبار حقيقي يكاد يكون الأخير..‏

فهل تقبل الدول الأعضاء في المجلس هذا الإملاء الفاضح وهل تسلم قرارها وقوتها وشأنها الدولي, الذي على أساسه كانت عضويتها في هذه المنظمة العالمية, بهدف الدفاع عن مصالح الشعوب وحمايتها وإقرار الحق والعدالة..‏

هل تسلم هذه الدول بكل دورها للهيمنة الأميركية وتذهب بعيداً لتأخذ دور الموظف (الطيع) لأسياده..!‏

وفيما لو تم ذلك- وهو ما نتمنى ألا يحدث ألا يجوز القول بضرورة تحويل هذه المنظمة إلى هيئة أميركية أو مجلس أميركي?..‏

القول بهذا الانهيار الصاعق للمنظومة الدولية سابق لأوانه والتسليم بأن قرار الهيمنة سيكون سيد الموقف فيه مبالغة كبيرة, وقد نجد نقاشات حادة, ورفضاً دولياً كبيراً لمثل هذه التوجهات الأميركية حيث يحتاج العالم إلى حماية الشرعية الدولية وليس الذهاب إلى عالم الغاب وقوانينه.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية