ها هو العالم يقبع خلف شاشات التلفزيون ساعات طويلة..
ها هي الشاشة تتحول إلى المعلم الأول والأهم في كل شيء في السياسة في العلوم في الاجتماع في الفن والأدب والثقافة..
والطفل ينطبق عليه شروط جمهور التلفزيون.. فمن الذي يحمي عقل الطفل مما يشاهده.. إذا كان الكبار أو بالأحرى بعضهم قادرين على التمييز والفصل بين الصح والخطأ.. بين العلم والدجل.. بين الصدق والكذب.. فمن يحمي الطفل من ذلك كله..
يتوقف مستقبل الشعوب على درجة اهتمامهم بالطفل وثقافته.. فالدول التي تحرص على عقول شبابها الصغير توفر لهم كل الوسائل لتنشئتهم في جو يسمح لهم بمعرفة العالم من حولهم وصقل مواهبهم الإبداعية والإبتكارية لتجني ثمار هذا العمل مستقبلا.. وللأسف لا نجد ذلك متوفرا في وطننا العربي مع الاعتراف بوجود بعض الجهود المبذولة في ذلك المضمار.
وللإعلام دور كبير في تلك القضية وبخاصة أجهزة الإذاعة والتلفزيون التي تقتحم ببرامجها كل منزل عربي, وتستطيع أن تبلور اهتمامات الطفل. وينبغي على القنوات الفضائية العربية أن تحدد القضايا الفعلية التي يحتاجها الطفل العربي وتعد البرامج التي تنمي القيم وتحافظ على العادات التي نشأ عليها.
إن الطفل العربي يقضي أمام التلفزيون ما بين 3 4 ساعات يوميا خلال أيام الدراسة وتزداد بصورة أكبر في أيام العطلات.. ويقضي حوالي /23/ ساعة أمام التلفزيون أسبوعيا وهو وقت يزيد عن الوقت الذي يقضيه في اللعب أو في الدراسة أو الحديث مع والديه.
التلفزيون والتنشئة الاجتماعية
يمكن النظر إلى علاقة التنشئة الاجتماعية بأنماط مشاهدة الأطفال للتلفزيون لذلك ينبغي إيجاد نوع من التعاون بين الأطراف المسؤولة عن عملية التنشئة الاجتماعية من خلال توفير المعايير والضوابط التي تحكم عمليات المشاهدة ذاتها.
فهناك نمط مشاهدة يتسم بإبراز كثير من مظاهر العنف الزائد في كثير من أفلام الكرتون هذا العنف يؤدي إلى سلوك عدواني وعنيف بين الأطفال.
بالإضافة إلى نمط مشاهدة يتسم بزيادة الجرعات الخيالية.
وخلاصة القول إن أغلب ما تتسم به البرامج الموجهة للطفل هو تناولها لموضوع قضاء وقت الفراغ لدى الأطفال دون تخطيط ودراسة كافية لكيفية الربط بين قضاء وقت الفراغ وتحقيق الاستفادة المرجوة منه. فالغالبية من برامج الأطفال تعتمد على البرامج الأجنبية المستوردة يراد منها النيل من عاداتنا وتقاليدنا وقيمنا العربية الأصلية.
والبرامج التي تعرض على القنوات تأتي في صورة نمطية وسطحية فقد اعتدنا على مشهد ظهور المذيعة وبجوارها مجموعة أطفال منذ كنا صغارا و الآن نفس المشهد يتكرر عند أطفالنا.
فلماذا لا يوجد كتاب متخصصون في أدب الأطفال كما يوجد في الغرب.. وما المانع مع إرسال بعثات تعليمية خاصة في ذلك الإطار.. ولماذا لا يكون لدينا قسم خاص في الجامعات يدرس فيه مواد علم نفس الأطفال وذلك لإعلان كتاب ومعدي برامج لا يهم معرفة بما يجب أن يقدم للطفل.
فالطفل العربي بحاجة لبرامج تعالج مشكلاته وتعلمه كيف يعيش وكيف يتعامل مع مشكلاته كذلك أن تعوده على الاختبار والتمييز وتجعله شديد التعلق ببيئته وثقافته العربية.
أخيرا أقول أنه ينبغي إيجاد نوع من التعاون بين الأطراف المختلفة المسؤولة عن عملية التنشئة الاجتماعية للطفل كالأسرة والمدرسة والقائمين على برامج التلفزيون..