فهم في ساحات الشرف يحملون بنادق الحقّ بوجه شيطان الإرهاب وهم فوق مقاعد الدراسة يحافظون على بهاء مستقبل سورية وهم في الفعاليات الوطنية والمجتمعية يتصدرون المشهد وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي يشكلون حالة وطنية أبهرنا صدقها وواقعيتها، ولا نعتقد أن تحولاً كبيراً سيطرأ على هذه التفاصيل لأن هؤلاء الشباب مجبولون بحبّ الوطن ويدركون أي دور يقع على عاتقهم بنفس إدراكهم لحقيقة أنهم يدافعون عن مستقبلهم، وقلنا منذ بداية الأزمة في سورية أن الرهان على الشباب هو السلاح الأمضى في التصدّي لكل ما حيكَ ويحاك لوطننا الغالي ولأنهم أجادوا الدور وبرعوا في تحمّل المسؤولية فقد طمعنا بهم ولم يخذلوننا ولهذا نستمر في الطمع بهم ونجزم أنهم لن يخذلونا هذه المرّة أيضاً، ومع أنه من السهل على أيّ منّا أن يستحضر كلّ أسباب الشكوى و«النقّ» وبمقدمات منطقية وموضوعية، لكن هل من السهل على البعض منّا أن يقنع نفسه بأسباب ودواعي عدم تحفيز النفس والانتقال من الشكوى إلى الفعل الذي يلغيها لأننا أصبحنا نرى هذا البعض وفي أحيان كثيرة يستسهل الأمور ويبتعد عن الحماسة وردّة الفعل الإيجابية..
من السهل أن نتحدث عن تقصير واضح في عمل البلديات والمجالس المحلية في موضوع النظافة على سبيل المثال، وسواء اقتنعنا أم لم نقتنع بمبررات هذه المجالس والمتمحورة حول نقص عدد العمال لديها لأسباب مختلفة فإنه من الصعب على البعض أحياناً أن يكون جزءاً من الحل المفترض بسبب كسله من جهة وغياب الجهة القادرة على تحفيزه من جهة أخرى، ولأن الثقافة المجتمعية لا تحضر بقوة معظم الأحيان فينتفض هذا ويحتجّ ذاك ولا يقبل أي منهما أن يرى ابنه وهو يساهم بترحيل القمامة على سبيل المثال بينما يكون مستعداً لدفع أي مبلغ في مبادرة أخرى..
تحوّلَ موضوع النظافة وترحيل القمامة إلى ما يشبه المشكلة في معظم مناطق وقرى محافظة طرطوس، وبعيداً عن المواقف الرسمية تجاه هذا الموضوع يجب أن يحضر تحرّك شعبي ومؤسساتي يدخل على خط البلديات ويؤدي في النهاية إلى النظافة التي نبحث عنها ونكون شركاء في صناعتها... كانت مبادرات الشباب أهم معالم المشهد في السنوات القليلة الماضية ومازال القسم الأكبر منها حاضراً حتى اللحظة وبعض ما ننتظره من شبابنا اليوم هو أن يدخلوا على خطّ مثل هذه التفاصيل ويكونوا محرّكين أساسيين في حلحلتها وتجاوز آثارها وخاصة البيئية والصحية منها إضافة إلى الناحية الجمالية التي طالما تغنّينا بها...
ربما نستطيع تأجيل إنجاز مشروع هنا أو تصريف أمر هناك لكن أن تبقى تلال القمامة في شوارعنا بضعة أيام للأسباب التي ذكرناها سابقاً فهذا موضوع سيصبح أكثر خطورة مع كل يوم ينقضي من الشتاء ويقترب فيه الربيع ومن بعده الصيف لذلك نتمنى أن تحضر المبادرات التي تهتم بهذه التفاصيل.
لا ننسى أن شبابنا في خضم العام الدراسي الثانوي أو الجامعي ولا نتجاوز أن الأولوية هي لتحصيلهم العلمي لكنهم الأقدر على تنظيم مثل هذه المبادرات وقيادتها والوصول بها إلى النتائج المرجوة وسيذكر التاريخ أن الشباب السوري حصّن مستقبل بلاده ودافع عن وجودها وسيادتها وتمسّك بجماليتها وكان نبضها الحقيقي وموضوع النظافة ما هو إلا مثال..