تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


مغامرات في الحديقة الخلفية لموسكو

شؤون سياسية
الأثنين 15/9/2008
غالب حسن محمد

انضم رئيس الحكومة الروسية فلاديمير بوتين إلى الكتيبة الإعلامية الروسية لينطلق من مواقع هجومية مؤكدا في كثير من أحاديثه التلفزيونية والصحفية زيف الحملات الدعائية الغربية وليكون إضافة ذات مغزى إلى خلفه ميدفيديف الذي اضطرته الأحداث في القوقاز إلى ولوج أتون الحرب.

انطلق بوتين بما عرف عنه من المفردات ليمزق غلالات الأكاذيب الأميركية والأوروبية التي استهدفت تزييف التاريخ ومراجعة حقائق الجغرافيا في محاولة لتحويل القوقاز إلى محمية تابعة للناتو ويؤكد أحقية روسيا وقدراتها العسكرية على أن تقول لواشنطن لا بأعلى الصوت. أعادت موسكو بناء صفوفها لتنطلق في طريق الأسلاف في محاولة استعادة أمجاد الماضي.‏

لقد أكدت الأدبيات والمراجع الأكاديمية أن منطقة القوقاز ترتبط على مدى الكثير من القرون بروسيا الشعب والتاريخ والجغرافيا التي تقول إن المنطقة طالها كانت عبر العشرات من القرون موطنا لكثير من شعوب روسيا الاتحادية المتعدده الأعراق والقوميات التي تتجاوز عددها المئة والخمسين, وهذا ما يؤكد عبثية ما تروجه الدوائر الغربية بشأن اعتبار أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا حقا تاريخيا مكتسبا لجورجيا ودون اعتبار لسابقة طالما حذرت موسكو منها على الرغم من فوارق كثيرة وهي قضية الاعتراف الغربي باستقلال كوسوفو أما تاريخ أبخازيا الذي يشير إلى أنها كانت تضم جورجيا وغيرها من أراض شاسعة حول بحر الخزر قزوين حاليا تحت لواء ملكها في القرن الثامن عشر الميلادي, كما يذكر التاريخ القريب أن أنجازيا عادت لتسقط فريسة حكم المغول والتتار قبل البيزنطيين ثم العثمانيين حتى نهاية القرن التاسع عشر.‏

في الوقت الذي ثمة من يروج اليوم لإدانة ما يسمونه بمحاولات ضم أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا إلى روسيا, نجد من يتناسى عمدا ما يبذلونه من محاولات لانتزاع القوقاز بعيدا عن دائرة المصالح الروسية بغية إاحكام ربقة الحصار حول موسكو وتحقيق المزيد من توسع الناتو من خلال ضم جورجيا وأوكرانيا كمقدمة لابتلاع مناطق أخرى من الفضاء السوفييتي السابق والسيطرة على منابع ومسارات نقل النفط في منطقتي بحر قزوين والقوقاز وهذا ما تدركه موسكو جيدا وتحاول جاهدة توضيحه في الوقت الذي يستمرئ فيه آخرون تبني وجهات نظر من يلهبون ظهورهم بسياطهم السياسية والاقتصادية والعسكرية.‏

ولعل الماضي القريب يقول إن ما اعلنته موسكو على لسان بوتين في ميونخ خلال مؤتمر الأمن الذي عقد في شباط 2007 حول رفض هيمنة القطب الواحد وضرورة بناء عالم متعدد الأقطاب , كان مقدمة لما نشهده اليوم من تطورات تقول إن روسيا غيرها عن تلك التي تعود الغرب إلى التلاعب بمقدراتها إبان حكم الرئيس الأسبق بوريس يلتسين, ويذكر المراقبون أنها صبرت كثيرا قبل أن تضطر إلى أن تعلن صراحة عن رفضها لكل ما اتخذه المحافظون الجدد في واشنطن من قرارات ومنها الخروج من معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية الموقعة في عام 1972, وعدم التصديق على معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية وتعديلات مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي إلى جانب قرار ضم بلدان البلطيق والأعضاء السابقين لحلف وارسو ثم توقيع اتفاقيات نشر عناصر الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا وقرار قمة بوخارست لرؤساء بلدان الناتو حول القبول المبدئي بضم كل من جورجيا وأوكرانيا?! ولكم كان مثيرا للانتباه أن ينبري السياسيون للرد على مرشح الرئاسة الأميركية ماكين الذي سمح لنفسه بالمطالبة نيابة عن الشيشانين بالاستقلال مع بقية جمهوريات القوقاز ربما تمهيدا لابتلاعها لاحقا بعد جورجيا وأوكرانيا.إن تسنى له ذلك.‏

فهل يعيد موقف موسكو في القوقاز بعضا من تاريخ الأمس القريب?!.. هذا ما يتمناه كل المناهضين لسياسات الانفراد بالقرار الدولي وهيمنة القطب الواحد وإن تحفظوا في إعلان تأيبدهم لموسكو في الذود عن مناطق مصالحها الحيوي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية