تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


دولة فلسطين أم دولة الضفة?

شؤون سياسية
الأثنين 15/9/2008
توفيق جراد

عشية الذكرى الخامسة عشرة لاتفاقية أوسلو التي أبرمت يوم الثالث عشرمن أيلول 1993, أعلن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس 6/9/2008 أنهما )

أقرب من أي وقت مضى من السلام فيما روجت مصادر أمنية إسرائيلية أنه في إطار عملية ) مكافحة الجريمة وتبييض الأموال التي تقوم بها )حماس( فإن إسرائيل ستدعم الشرطة الفلسطينية بألف بندقية كلاشينكوف إضافة إلى عشرات آلاف طلقات الرصاص .‏

وهناك من يرى في هذه الخطوة تعزيزاً للثقة بين الجانبين أولاً, وصولاً ل) حل الدولتين للشعبين (عرب 48- 6/9/2008) ولأنه إذا لم تكن هناك قوات أمن فعالة, فإن )إسرائيل لن تثق أبداً في دولة فلسطينية( وإلى هذا التقدير يضيف أنتوني كوردسمان (مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية- واشنطن) أنه من العار أن تكون الخطوة الأولى لإقامة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قرار تتخذه القنصلية الأميركية في القدس, ومجموعة إملاءات صادرة عن وزارة الخارجية الأميركية.‏

إذاً الحفاظ على الأمن الإسرائيلي أولاً, وهذا لايتعارض في المضمون مع قول أكثر من مسؤول إسرائيلي إن قيام دولة فلسطينية ضرورة للحفاظ على أمن إسرائيل, ولكن هل هناك من يعتقد بأن الاستقرار في المنطقة الذي يؤدي إلى الهدوء ومن ثم إلى الأمن أن يتحقق بدون حماس? إلا إذا تمكنوا من الإطاحة بسلطتها في القطاع, وفقاً لمقرات مؤتمر واشنطن 21/8/2007 وضمن هذا السياق ينبغي قراءة إضراب الأطباء في القطاع, ثمة أصوات في إسرائيل تعتبر أنه لامناص من التفاوض مع ) حماس( التي استطاعت بصمودها على مدى أكثر من عام من الحصار المفروض أن تكسر طوق الحصار من جهة البحر عبر دبلوماسية الزوارق التي ابتدعها محبو الحرية في العالم.‏

وفي نطاق الطرح القائم على ضرورة التفاهم مع حماس, رغم ) دمويتها(, كما يقول الكاتب الصحافي في هآرتس آري شابيط, مع إعطائها فرصة للعيش ضمن شروط تضمن أمن إسرائيل, وفق سيناريو ) دولة منزوعة السلاح( فإن شابيط يقول كلاما ربما لم يقله مثله من قبل, وهو يبرر مايبديه الفلسطينيون من )عنف( ضد الدولة العمرية )جارنا قاتل ولكنه ليس هذياناً. لديه أسباب لكراهيتنا. قبل 60 عاماً أخذنا من أمهاته وآبائه بلادهم, قمنا بتهجيرهم من قراهم ومدنهم ودمرنا منازلهم وأزلنا فلسطينهم عن الخريطة, وفي صيف عام 1948 طردناهم حتى غزة, هؤلاء المهاجرون ذاقوا الحسرات التي تحولت مع الزمن إلى كراهية عميقة, كراهية تحولت إلى مطلب بالعدالة المطلقة التي لاتبقي مكاناً للحياة خصوصاً حياتنا نحن الإسرائيليين .‏

وعشية الذكرى الخامسة عشرة لاتفاق أوسلو, وقبل أيام معدودات من استقالة رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت من منصبه إذا ماتم اختيار زعيم جديد لحزب )كديما( يوم 17 أيلول الجاري, يراوح الفلسطينيون والإسرائيليون في مفاوضاتهم بين خطين متوازيين, وإن ضاقت المسافة بينهما فإنهما لن يلتقيا, فبالنسبة لأولمرت, وحتى من وجهة نظر تسيبي ليفني, فإن الصراع لم يبدأ منذ عام 1948, فما أخذه الإسرائيليون آنذاك كان لهم بالقرار 181 المعروف بقرار التقسيم, وعليه فإن الصراع يبدأ من عام 1967 باعتبار الأرض المعروفة الآن باسم الضفة الغربية, هي أرض )متنازع عليها( disputed land بل إن فريقاً منهم كان يعتبرها أرضاً محررةliberated land فيما اعتبرها الأميركيون في عهد جورج بوش الحالي )جائزة( prize فازت بها إسرائيل في الحرب, مكافأة لها وفق دبلوماسية قضم أراضي الغير لتوسيع ممتلكات الدول في القرن التاسع عشر, بمعنى أن لاعلاقة من وجهة نظر أميركية بالقرار 242 الذي اعتبرها أرضاً محتلة, وأرسى في العلاقات مبدأ الأرض مقابل السلام.‏

وإذا يتناول الإسرائيليون من أدراجهم خططاتعرض للتفاتوض من أجل تحقيق السلام وعنوانه إقامة دولة فلسطينية, فإنهم في الوقت عينه يضعون الخطط المناقضة لما بين أيديهم ذلك لكسب مزيد من الوقت من أجل مزيد من المستوطنين والمستوطنات.‏

وفي هذا الصدد يقول كبير المحللين السياسيين في صحيفة هآرتس )عكيفا ألدار(: لقد خلقت (إسرائيل) المصطلح )التكتلات الاستيطانية( ونفختها إلى حجم رهيب رغماً عن المجتمع الدولي.‏

والآن تطالب (إسرائيل) الفلسطينيين بالتنازل عن المساحات التي شغلتها المستوطنات, وأن يوافقوا على أن تمزق تلك الكتل الاستيطانية دولتهم الصغيرة.‏

بالنسبة للإسرائيليين فإن كل دونم من الأرض يسلمونه للفلسطينيين في الضفة والقدس الشرقية هو تنازل عن أغلى ما يملكون, و يقولون إنهم قدموا تضحيات مريرة, ويذكر أن بنيامين نتنياهو الذي ترشحه استطلاعات الرأي للفوز برئاسة الحكومة, وبمقاعد تصل إلى 31 مقعداً, إن جرت انتخابات مبكرة, ولتشهد (إسرائيل) حكومة يمينية متطرفة مغلقة على أحزاب اليمين منذ العام 1977, كان فاوض وهو رئيس للحكومة (1996-1999) حول حجم الانسحاب من المناطق المحتلة( الضفة الغربية), حسب ماعرف باتفاق أوسلو ب(النبضات) وكل نبضة تساوي نسبة مئوية تعادل في المساحة مساحة )تل أبيب(, فالحديث إذاً عن الخطوط المتوازية أمر يتعلق بمدينة القدس التي تقسم حسب خطوط إثنية قومية, مايخلق انطباعاً بأنه من أجل السلام فإن على أولمرت وباراك أيضاً )الانتحار( كما يقول عكيفا الدار, والاستنتاج هوأن تتم العودة إلى ما عرض في العام 2000, بأن يكافأ الفلسطينيون بالسيادة فوق الأرض, والإسرائيليون بالسيادة ) تحت الأرض(,بما يمكنهم من مواصلة الحفريات أسفل المسجد الأقصى زاعمين أنهم توصلوا في وقت مبكر من أيلول الجاري إلى اكتشاف أجزاء من نفق الحشمونيئيم, الذي قالوا: إنهم اكتشفوه أول مرة في أيلول من العام 1996, حيث دارت أعمال قتالية داخل القدس سقط فيها العديد من الشهداء والجرحى, وإلا فإنه )لا يوجد شريك نتفاوض معه( مقولة جاهزة للانطلاق مجدداً.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية