|
مع سبق الإصرار والتصميم رجال (عوانس) أحرار وسعداء.. مجتمع إنهم عزاب أو أحرار كما يحبون أن يصفوا أنفسهم اختاروا حياة العزوبية عن سابق إرادة وتصميم. ينظرون إلى المتزوجين بقليل من الحسد وكثير من الإشفاق, والمتزوجون ينظرون إليهم كطيور متمردة شذت عن سرب الحياة. يعترف نادر. ع أنه يمتلك كل مقومات الزواج ومعطياته المادية والاجتماعية, ومع ذلك يؤكد جازماً (لن أتزوج) وقد تجاوز الثانية والأربعين فظروفه تتيح له الزواح بأحسن شكل لكنه يقول: (أشعر بأنني غير مؤهل لذلك من الناحية النفسية, ورغم ضرورة المادة ودورها في تسهيل مشروع الزواج, إلا أن الرغبة والإرادة لهما الاعتبار الأول, والإقدام على خطوة الزواج يستلزم شجاعة استثنائية, فهو ليس لعبة أو نزوة أو رغبة عابرة, إنه إقرار بأننا على استعداد لمشاركة الآخر أدق التفاصيل في حياتنا مع إدراكنا أن هذا الآخر ينحدر من بيئة وتربية وثقافة قد تكون مختلفة تمام الاختلاف عن بيئتنا وتربيتنا.. ويميل نادر إلى الاعتقاد بصعوبة اتخاذ قرار الزواج كلما طال أمد العزوبية فهي حالة من التعود النفسي والاجتماعي, التي تدخل مع الوقت في التركيبة النفسية للواحد منا, وتصبح للعازب خصوصية لا يتصور أن يتنازل عنها بسهولة.. من أجل امرأة أياً كانت. السبب هذه المرة مختلف.. لكن القرار واحد.. (لن أتزوج) هذا كان رد خالد كلاس/ موظف بنك/ قال: لا يوجد الوقت الكافي لأتزوج, وهو يعي أن عذره لا يستند إلى حجة مقنعة فتابع (لا تدهشوا من كلامي.. فالعمل قد جرني إلى دائرته المغلقة.. وتكفلي بإخوتي وأمي أكمل إطباق الدائرة عليّ تماماً.. لقد شغلتني المسؤوليات ومشكلاتها.. حتى نسيت أن لي حقاً في الحياة والزواج.. ونسيت أيضاً حاجاتي إليه وبعد أن خفت مسؤولياتي وتزوج إخوتي وكبروا.. كنت قد اعتدت على حياتي وحيداً, دون أن تشاركني امرأة.. والحياة الهادئة التي أعيشها الآن تمنعني من المجازفة بإدخال زوجة تزعزع استقراري, ولا يسألني أحدكم بعد اليوم لماذا لم أتزوج? فمن تذوق طعم الحرية سيصعب عليه التفريط بها.. ولا يفوت خالد فكرة المسؤوليات التي يلقيها الزواج على عاتق الرجل.. وهو لم يكد يرتاح من المسؤوليات بعد. وحين سألنا محمد. ع /مهندس/ لماذا لم تتزوج حتى الآن? رد علينا بسؤال مضاد: ولماذا أتزوج? فعلى الرغم من بلوغه الخامسة والأربعين, إلا أنه ما زال مضرباً عن الزواج وعن سابق إصرار.. ويشرح لنا وجهة نظره في هذا الموضوع بقوله: (ما دمت مكتفياً بما أنعم به من حرية وراحة بال وحياة اجتماعية صاخبة فما الداعي لأتزوج وأفسد عليّ حياتي?) ونسأله ألا تشكل له عزوبيته أي عائق أو حرج في الجلسات الاجتماعية? يقول: لم أشعر يوماً بأنني مقصى عن مشاركة أصحابي المتزوجين سهراتهم لأنني أعرف تماماً كيف أحترم المكان الذي أنا فيه والناس الذين أكون برفقتهم, ويتابع: إن الزواج طعم أو مقلب ويكفي أن نلقي نظرة واحدة على مشكلات المتزوجين لندرك حجم الخطأ الذي ارتكبوه ونتعظ منهم. أما عماد عسافين /أعمال حرة/ فيعترف أنه ليس ممن يهوون حياة الطيش واللهو إلا أنه لا يفكر بالزواج يقول: أشعر بحاجز يقف بيني وبين أي فتاة يمكن أن أختارها لتكون زوجتي.. فواقع الفتيات هذه الأيام لا يشجع أحدنا على الاقتراب من عالمهن الغامض, حيث يظهرن ما لا يمت لحقيقة سلوكهن بصلة والأهم أن مفهوم العزوبية يقترن بالحرية التي يجدر بالمرء ألا يتنازل عنها أياً كانت طبيعة المغريات التي يأتي بها الزواج. وعلى الضفة الأخرى يرى المتزوجون أن كل الحجج التي يتشدق بها العزاب لتبرير عزوبيتهم الأبدية وكل العبارات التي يطلقونها عن الحرية والسعادة إنما هي محض هراء هذا ما يعلنه رشيد اسكندر /متقاعد/ ومتزوج منذ ربع قرن مضيفاً إنه يرفض تزويج أي من بناته بعازب لا يملك مبررات منطقية لتأخر زواجه, فبرأيه الرجل المعتاد على حياة العزوبية التي تتسم بالطيش والفلتان لن يتمكن من رعاية أسرة بحكم العادة, والعزاب من وجهة نظره مصدر فساد وفوضى خاصة في الأماكن التي تجتمع فيها الأسر, إذ يبعثون على التوتر نتيجة قلق الموجودين على بناتهم من نظرات العزاب المفترسة والذين يعتقدون أنه ما من شيء يحول بينهم وبين صيد ثمين إضافة إلى أن العازب رجل أناني ونرجسي يحب ذاته إلى درجة يرفض معها مبدأ المشاركة ما يجعل الأهل يتجنبون المغامرة بحياة بناتهم مع نماذج مستهترة وغير مسؤولة. وعلى عكس رشيد فإن المهندس ياسر عيد ومن خلف أسوار القفص الذهبي, يصفق للعزاب مهنئاً ومباركاً ثباتهم على موقفهم.. فقد اكتشف أن الزواج مغامرة غير مضمونة النتائج ومن يدخلها يجب أن يكون وعيه في حالة سبات مؤقتة, فالأعباء والمسؤوليات التي تفرضها الحياة الزوجية تدفع الواحد منا ليسأل ماذا فعلت بنفسي?. وهكذا يصبح (العوانس من الرجال.. محط أحاديث ونقاشات أكثر من العوانس من النساء, وخاصة إذا كانوا مؤهلين للزواج.. من الناحية المادية تحديداً).
|