تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


ميم دال

ملحق ثقافي
2/6/2009م
نزيه أبو عفش

لأنك، بلا هوادةْ،

بهيكلكَ الشاحبِ كالظِلْ،‏‏

وقلبكَ الحافي كقلوبِ الرعاةْ،‏‏

منتبهاً إليه وغيرَ عابئٍ به‏‏

عبّدتَ طريقَ موتكَ الصاعدةَ‏‏

إلى أعالي السؤالْ...‏‏

لأنكَ رأيتَ ما كنتَ تقولُ: أرى‏‏

وأبغضتَ ما كنتَ تقولُ: أُبغِضْ‏‏

وتألمتَ جميعَ ما يُشتهى تأَلُّمُهْ‏‏

وسَعيتَ إلى ما لم يكن مَهْرباً أو ملاذاً‏‏

لأنكَ وارثُ ما فقدْتَ‏‏

وقتيلُ ما سبقَ أنْ بكيتْ...‏‏

لهذا، حبيبي، لهذا:‏‏

أنتَ لا تَصْلُح للذكرى.‏‏

كلُّ ما ليس “ماضياً”‏‏

لا مستقبلَ لهْ.‏‏

أجمل ما في “الآنْ”‏‏

أنهُ “ماضٍ”‏‏

يتأهّبُ لاستقبالِ نفسِهِ‏‏

‏‏

على عتبةِ البابْ.‏‏

•‏‏

حيثُ القباحةُ هي الأصلْ‏‏

لا أحدَ يَنْسبُ الجمال إلى نفسِهْ.‏‏

.. .. .. .. ..‏‏

لأنكَ لستَ إلا ما حَلُمتْ،‏‏

لأنكَ “أنت” بالفطرةِ والوداعةِ وعِنادِ اليائسْ،‏‏

لأنكَ رسولُ “أنتَ” وصانعُ “أنتْ”،‏‏

لأنك هِبَةُ نفسكْ‏‏

لا أحدَ يَنْسبك إليكْ.‏‏

ينسبونكَ إلى ما أنكرْت‏‏

ينسبونك إلى غيرِ مادّتِكْ‏‏

ينسبونكَ إلى العدمْ‏‏

.. .. .. .. ..‏‏

ليس كلُّ من وُلِد في “مِذْود” يصيرُ مسيحاً. ولا كلُّ من شَكَلَ قلمَ رصاص خلف أذنهِ اليمنى يصيرُ بانيَ كاتدرائياتْ.‏‏

: الشاعرُ حيرةُ سؤالِهِ‏‏

وهِبَةُ أحلامِهْ.‏‏

•‏‏

الجمالُ ليس في حاجةٍ إلى مسقطِ رأسٍ يولد فيه، ولا إلى رعاةِ غنمٍ يقودونه إلى باب بيته.. أو إلى بابِ مقبرتِهْ.‏‏

الجمالُ بيتُ نفسِهِ وصانعُ نفسِهْ.‏‏

الجمالُ لا قبرَ لهْ.‏‏

الجمالُ مادَّتُكْ.‏‏

•‏‏

لأنني أحببتُك‏‏

لا أريد تلويثَ ذكراك بعبادتِكْ‏‏

•‏‏

أبداً!‏‏

لستَ في حاجةٍ إلى ما يُذَكّرُ الغيابَ بحضوركْ.‏‏

:الأرضُ متحفُ قدميكْ‏‏

والهواءُ‏‏

رئتُكَ المثقوبةُ بالغصّاتِ والدمامِلْ.‏‏

أيكون “بوشكين” هو مَن أوحى إليك:‏‏

“ما لم تَصِرْ ميتاً‏‏

ستعيشُ نادماً‏‏

أو مغلوباً”؟!..‏‏

.. .. .. .. ..‏‏

الآن،‏‏

إذا انتهتِ المبارزةُ‏‏

وهَلكت الوردةْ،‏‏

الآنَ،‏‏

إذ ما عادْ أحدٌ يخافُ من الموتى،‏‏

رماةٌ كثيرونَ وأَشِقّاءُ ندمٍ كثيرونْ‏‏

سيقفون في مواجهةِ غيابكَ.. ويشهقونْ:‏‏

“لو يمكنُ أنْ نبكي..”‏‏

•‏‏

قُمْ ممّا أنتَ فيهْ.‏‏

قُمْ، وامشِ!‏‏

قُمْ بقلبكَ الكاملِ، وحياتكَ غير الكاملةْ.‏‏

قمْ شاهقاً، ناحلاً وأنيقاً‏‏

كشَمَّةِ الوردْ.‏‏

قُمْ ممّا أنت فيهِ ونحنُ فيهْ..‏‏

لعلّ يُصَدِّقُ الذين يخافونَ قَوْمَتكْ‏‏

أنكَ ما عدتَ قادراً على القيامْ‏‏

ولعلّهم يستريحونْ.‏‏

•‏‏

الآنَ- وقد صرتَ سؤالَ نفسكَ الأخيرْ-‏‏

لا أُسَمِّيكْ‏‏

كي لا يُعيدَكَ الإفصاحُ‏‏

إلى عماءِ ما فَررْتَ منه.‏‏

: الغيابُ وحدهُ اسمُكْ‏‏

مرمريتا/شباط 2009‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية