بهيكلكَ الشاحبِ كالظِلْ،
وقلبكَ الحافي كقلوبِ الرعاةْ،
منتبهاً إليه وغيرَ عابئٍ به
عبّدتَ طريقَ موتكَ الصاعدةَ
إلى أعالي السؤالْ...
لأنكَ رأيتَ ما كنتَ تقولُ: أرى
وأبغضتَ ما كنتَ تقولُ: أُبغِضْ
وتألمتَ جميعَ ما يُشتهى تأَلُّمُهْ
وسَعيتَ إلى ما لم يكن مَهْرباً أو ملاذاً
لأنكَ وارثُ ما فقدْتَ
وقتيلُ ما سبقَ أنْ بكيتْ...
لهذا، حبيبي، لهذا:
أنتَ لا تَصْلُح للذكرى.
كلُّ ما ليس “ماضياً”
لا مستقبلَ لهْ.
أجمل ما في “الآنْ”
أنهُ “ماضٍ”
يتأهّبُ لاستقبالِ نفسِهِ
على عتبةِ البابْ.
•
حيثُ القباحةُ هي الأصلْ
لا أحدَ يَنْسبُ الجمال إلى نفسِهْ.
.. .. .. .. ..
لأنكَ لستَ إلا ما حَلُمتْ،
لأنكَ “أنت” بالفطرةِ والوداعةِ وعِنادِ اليائسْ،
لأنكَ رسولُ “أنتَ” وصانعُ “أنتْ”،
لأنك هِبَةُ نفسكْ
لا أحدَ يَنْسبك إليكْ.
ينسبونكَ إلى ما أنكرْت
ينسبونك إلى غيرِ مادّتِكْ
ينسبونكَ إلى العدمْ
.. .. .. .. ..
ليس كلُّ من وُلِد في “مِذْود” يصيرُ مسيحاً. ولا كلُّ من شَكَلَ قلمَ رصاص خلف أذنهِ اليمنى يصيرُ بانيَ كاتدرائياتْ.
: الشاعرُ حيرةُ سؤالِهِ
وهِبَةُ أحلامِهْ.
•
الجمالُ ليس في حاجةٍ إلى مسقطِ رأسٍ يولد فيه، ولا إلى رعاةِ غنمٍ يقودونه إلى باب بيته.. أو إلى بابِ مقبرتِهْ.
الجمالُ بيتُ نفسِهِ وصانعُ نفسِهْ.
الجمالُ لا قبرَ لهْ.
الجمالُ مادَّتُكْ.
•
لأنني أحببتُك
لا أريد تلويثَ ذكراك بعبادتِكْ
•
أبداً!
لستَ في حاجةٍ إلى ما يُذَكّرُ الغيابَ بحضوركْ.
:الأرضُ متحفُ قدميكْ
والهواءُ
رئتُكَ المثقوبةُ بالغصّاتِ والدمامِلْ.
أيكون “بوشكين” هو مَن أوحى إليك:
“ما لم تَصِرْ ميتاً
ستعيشُ نادماً
أو مغلوباً”؟!..
.. .. .. .. ..
الآن،
إذا انتهتِ المبارزةُ
وهَلكت الوردةْ،
الآنَ،
إذ ما عادْ أحدٌ يخافُ من الموتى،
رماةٌ كثيرونَ وأَشِقّاءُ ندمٍ كثيرونْ
سيقفون في مواجهةِ غيابكَ.. ويشهقونْ:
“لو يمكنُ أنْ نبكي..”
•
قُمْ ممّا أنتَ فيهْ.
قُمْ، وامشِ!
قُمْ بقلبكَ الكاملِ، وحياتكَ غير الكاملةْ.
قمْ شاهقاً، ناحلاً وأنيقاً
كشَمَّةِ الوردْ.
قُمْ ممّا أنت فيهِ ونحنُ فيهْ..
لعلّ يُصَدِّقُ الذين يخافونَ قَوْمَتكْ
أنكَ ما عدتَ قادراً على القيامْ
ولعلّهم يستريحونْ.
•
الآنَ- وقد صرتَ سؤالَ نفسكَ الأخيرْ-
لا أُسَمِّيكْ
كي لا يُعيدَكَ الإفصاحُ
إلى عماءِ ما فَررْتَ منه.
: الغيابُ وحدهُ اسمُكْ
مرمريتا/شباط 2009