تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


منصة التأويل

ملحق ثقافي
2/6/2009م
غازي حسين العلي

أقسى ما في الكلام التأويل، لأن له أكثر من معنى ووجه. ومع أن للتأويل منافعه أحياناً وخاصة في علم اللغة، غير أنه كثيراً ما يخلّف مشكلات عظيمة لا يكون المتلقي مستعداً لاستيعابها، أو تلقيها.

مؤخراً أثار قول الشاعر أدونيس بأن (الحضارة العربية في طريقها إلى الانقراض) مشكلة كبيرة، جعلت من المشهد الثقافي العربي، ولاسيما المشرقي منه، في حالة غليان وردود أفعال اختلف في حجمها ورؤاها وحججها. وكون أدونيس في الأصل شاعراً ومفكراً استثنائياً، يتوجب علينا تلقي هذه التصريحات بشيء من الروية والابتعاد قدر الإمكان عن قشر الحديث وألا نأخذ من الكلام غير ما هو ظاهر منه، وبخاصة أن قائله، كما نعرف جميعاً، له طريقته وخطابه الخاصان.‏‏

شخصياً لا ألوم من عتب على أدونيس على ما قاله، وكذلك الأمر بالنسبة لأدونيس نفسه، وعلينا أولاً أن نقرأ الكلام جيداً.. هل هو نوع من ردة الفعل على الوضع العربي البائس والإحساس باللاجدوى منه، أم أنه كلام يعنيه صاحبه شكلاً ومضموناً.‏‏

فإذا كان الأول، فكلنا يغضب أحياناً فيدفعه غضبه إلى قول ما لا يعنيه، وإذا كان الثاني، فإن أدونيس الذي يُعتبر أحد آباء الفكر العربي الحديث وواحداً من أعمدة (نهضته)، هو سبب من أسباب هذا (الانقراض) المفترض.‏‏

إن الحضارة العربية، ورغم ما تعانيه من حالات عجز وقطيعة واستئصال أحياناً، قادرة على تجاوز محنتها، وبخاصة أن الثقافة التي تشكل عمودها الفقري، ما تزال تؤكد موجوديتها على أنها واحدة من ثقافات العالم، وهذا ما نلمسه واقعاً حياً في كثير من أعمال الكتّاب العرب.‏‏

وما يساعد على بقاء هذه الحضارة وقدرتها على النهوض، ولو بعد أكثر من كبوة، أن اللغة العربية، لغة قادرة على الحياة، وهي ثرية وغنية بما يكفي لأن تجعل وجعلت من أدونيس نفسه واحداً من أعلام العالم وجزءاً من ثقافته ونسيجه.‏‏

ghazialali@yahoo-com‏

تعليقات الزوار

علدل نايف البعيني |  adela00961@yahoo.com | 02/06/2009 12:52

مشكور الأستاذ غازي العلي على فتحه هذا الموضوع للنقاش، فما يصدر عن شاعر ومفكر كبير كأدونيس يجب أن يؤخذ على محمل الجد حتى تبين الصورة فالحوار حول الكلام جاد وطويل.. ولكن هل يكفي أن نقول: أن اللغة العربية، لغة قادرة على الحياة، وهي ثرية وغنية بما يكفي لأن تجعل وجعلت من أدونيس نفسه واحداً من أعلام العالم وجزءاً من ثقافته ونسيجه.‏‏ لكي نطمئن؟ أترى اللغة العربية وحدها قادرة على التصدي للأفول اتلحضارة دون تفعيلها وجعلها قادرة على أن تكون من القوة أن تتصدى لكل تغيير.. موضوع غني ويحتاج لكثير من الجدية محبتي

يحيى محي الدين |  y-m-alden-333@mail.sy | 03/06/2009 11:44

الأستاذ الصديق غازي العلي :طابت أوقاتك لاتؤخذ الأمم من تلابيبها إلى الحضارة كما أن الحضارة ليست حلما جميلا ننام باكرا كي نراه وليست حيوانا غير قابل للتأقلم كي تنقرض نعلم جيدا ان الحضارة هي نتاج الفكر الإنساني وتعدد ثقافاته وليست الحضارة العربية هي محض عربية فربما قصد أدونيس ( الثقافة العربية ) التي تميز العرب وتخصهم وحدهم وله في ذلك رأي .... إن هذه الطروحات تدعونا بشكل مباشر أو غير مباشر لإعادة النظر بماهو ثقافي على مستوى الماضي والحاضر والمستقبل إنها دعوة للوقوف بشفافية الذات العربية أمام نفسها وامام التاريخ .

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية