وافتتح الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب الندوة بكلمة أكد فيها أن التاريخ الطويل للعراق أثبت أن عروبته الحضارية والثقافية كانت الحارس الدائم لوحدته ونهضته, معتبراً أن التيار القومي الحي في العراق يجب أن يبقى على الدوام الضامن لوحدة العراق ووحدة جميع التيارات الأخرى الموجودة فيه,وأضاف جمعة إن من ينظر إلى حال العراق خلال سنوات الاحتلال الخمس يدرك تماماً أن الجرائم البشعة والإبادة الجماعية بحق الشعب العراقي هي الانجاز الوحيد الذي حققه الاحتلال الأميركي وحلفاؤه في العراق إلى جانب محاولاته الدؤوبة لإشعال مختلف أنواع الفتن والحروب الطائفية والمذهبية والعرقية, وتساءل جمعة هل حقاً أصبح العراق واحة للأمن والاستقرار والحرية والديمقراطية.. وتابع جمعة إن الإدارة الأميركية التي شنت هذه الحرب الكارثية تحت ذرائع وحجج ثبت زيف ادعاءاتها وحجم تضليلها وأكاذيبها راهنت على قبول الشعب العراقي بالاحتلال لكن هذا الشعب الأبي سرعان ما وقف مقاوماً لكل أساليب التضليل التي مورست ضده ونظم مقاومة شرسة لتحرير الأرض وطرد المحتل الأمرالذي أربك الإدارة الأميركية وجعلها تسبح في مستنقع لاقرار له ما دفعها للتنصل من مسؤولياتها كقوة احتلال وبالتالي إلقاء اللوم والمسؤولية على دول الجوار متهما إياها بتصدير الارهاب إلى داخل العراق, وخلص جمعة للقول إن هدف الولايات المتحدة من غزو واحتلال العراق هو سرقة موارده الطبيعية وخصوصاً النفط وإنهاء دوره في الصراع العربي الصهيوني وكذلك سرقة كنوزه الأثرية والقضاء على حضارته وإنسانه..
بعد ذلك ألقى الدكتور محمد صادق الهاشمي رئيس مركز العراق للدراسات كلمة رحب فيها بالمشاركين بالندوة ,ثم سلط الضوء على برنامج الندوة وفعالياتها مشيداً بالجهد الذي بذله اتحاد الكتاب العرب ورئيسه للتحضير لهذه الندوة, كما شكر سورية قيادة وشعباً لمساعدتها الشعب العراقي وكذلك لاستضافتها الندوة, بعد هذه الكلمة بدأت الندوة بمناقشة الموضوعات المدرجة على جدول أْعمالها والتي تركزت حول أبعاد المخطط الأميركي في المنطقة وإلقاء الضوء على الاتفاقية أو المعاهدة التي تنوي واشنطن توقيعها مع الحكومة العراقية.. الدكتور أحمد الدليمي من العراق تحدث في مداخلته عن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وكيف استغلته الإدارة الأميركية طيلة 12 عاماً من الحصار والتجويع بحق الشعب العراقي وصولاً إلى الاحتلال, ونبه الدليمي إلى خطورة ومساوئ هذا الفصل من الميثاق وخصوصاً عندما يتحول إلى أداة بيد القوة الكبرى المهيمنة على القرار الدولي.
أما الدكتور حميد السعدون فقد تحدث عن محنة أهل العراق في ظل الاحتلال منبهاً من خطر فرض معاهدة على العراق, وأوضح السعدون أن المطلوب في الوقت الراهن أمام الضغط الأميركي لتمرير المعاهدة هو رفع قدرة المفاوض العراقي من خلال إعطائه ورقة صد في وجه الاندفاع الأميركي كإجراء المصالحة والاسراع في الانماء الاقتصادي وتحسين الظروف الأمنية والاستفادة من المحيط العربي والاسلامي لتقوية مناعة الشعب العراقي.
الباحث عبد الحميد الغانم من سورية اعتبر في مداخلته أنه لا يمكن الفصل بين ما يجري في العراق وما يجري في المنطقة مشدداً على الترابط الوثيق بين المشروع الأميركي والمشروع الصهيوني,ورأى الغانم أن قوى المقاومة والممانعة هما في ذروة الاستهداف الأميركي, والصهيوني وذلك بعد فشل الحرب الأميركية على العراق وعدم تحقيقها لأي من أغراضها نتيجة ثبات وقوة المقاومة العراقية, وكذلك بعد الهزيمة المذلة التي تلقتها (إسرائيل) في جنوب لبنان خلال عدوان تموز عام ,2006 وأوضح الغانم أن الاستراتيجية الأميركية في المنطقة تقوم على أساس تقسيم دول المنطقة إلى كانتونات صغيرة على أسس عرقية ودينية ومذهبية حتى تبقى (إسرائيل) القوة الرئيسية في المنطقة.
أما الباحث الفلسطيني ماهر رجا فقد شدد على ضرورة بقاء العراق كقوة مثال في المقاومة والصمود في وجه ما يخطط له ولو كلف ذلك الكثير من التضحيات والشهداء وأضاف:إن قوة المثال هي التي تحيي الشعوب محذراً من تحول العراق إلى مجرد دولة مسالمة محروسة باتفاقيات النفط , حيث لاقيمة لها إلا من خلال ما تملكه من نفط وأموال لادور لها ولا ظلاً معتبراً أن العراق يمثل بوابة الأمة الشرقية وهو ليس نفطاً بمقدار ما هو حضور وشخصية عربية هامة وتمنى رجا ألا تنجح الولايات المتحدة بتكبيل العراق بمعاهدة تشرعن الاحتلال وتبقيه أسير المخطط الأميركي الذي يتلاقى مع المشروع الصهيوني ويسير معه جنباً إلى جنب في عموم المنطقة وهدفهما المشترك إبقاء العراق تحت الاحتلال المباشر.
أما الباحث خيري عبد الرزاق الجاسم فقد رأى أنه لابد للمفاوض العراقي من المناورة وإضاعة الوقت بالتفاوض إلى حين انتهاء ولاية بوش, لعل وعسى يصل إلى البيت الأبيض رئيس ديمقراطي ولاسيما وقد أبدى مرشحا الحزب الديمقراطي رغبتهما بالانسحاب من العراق إذا ما آلت الأمور إلى أحدهما.
بدوره أكد الدكتور علي أبو الخير مدير مركز الفارابي للدراسات في مصر أن المقاومة استطاعت أن تعدل الميزان المائل في المنظومة العربية وهذا ما ساهم بانحسار التمدد الصهيوني على حساب الدول العربية (فإسرائيل) انسحبت مهزومة من جنوب لبنان كما انسحبت من قطاع غزة وقامت ببناء الجدار العنصري حول نفسها, أي إنها بدأت بالتقوقع حول نفسها بعد أن كان شعارها الحدود من النيل إلى الفرات وهذا ما يوضح مدى أهمية وضرورة دعم المقاومة العراقية الباسلة التي لابد لها أن تجبر الاحتلال الأميركي في يوم من الأيام على التقهقر والانسحاب وهي التي عرقلت امتداد المشروع الأميركي شرقاً وغرباً كما شدد أبو الخير على ضرورة دعم سورية لأنها الدولة العربية الوحيدة التي لا تزال تحتضن المقاومة العراقية, واللبنانية, والفلسطينية.