تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


تناقضات الانتماء تطرحها (خمسون) المسرح التونسي

شؤون ثقا فية
الأحد 4/5/2008
هناء الدويري

بعد مرور خمسين عاماً على استقلال تونس يقدم الفنان الفاضل الجعايبي (إخراجاً )وجليلة بكار (نصا) مسرحية بعنوان (خمسون) على مسرح دار الأوبرا بدمشق ضمن فعاليات دمشق عاصمة للثقافة العربية ,2008 وفيها يلتزمان بقضايا إنسانية وطرح ومناقشة إشكالية عامة يعانيها المجتمع العربي,

ألا وهي مشكلة التطرف بين أقصى اليمين وأقصى اليسار دون وجود أية آليات للحوار والانفتاح وتطهير كل من اليسار واليمين من أغراض تشويهية استبدادية للفكر العربي والثقافة العربية في ظل تراجع الحريات الفكرية واستبدال الحوار بالعنف .‏

طرح هذه الاشكالية يأتي عبر أسرة تونسية تعيش تناقضات الانتماءات المختلفة فالأبوان ينتميان إلى اليسار السياسي, في حين تفاجئهما ابنتهما أمل التي انتهت التوّة من دراستها الجامعية بعودتها من باريس مرتدية الحجاب ما يثير حفيظة الوالدين رافضين كل الرفض لخيار ابنتهما التي لم تسلم من تعذيب الأمن التونسي لها مع مجموعة من زميلاتها, لأن صديقة لهم تفجر نفسها في ساحة أحد المدارس, هذا العنف الذي بدا واضحا على خشبة المسرح, المسرح الذي فرغ من كل شيء إلا الواقع التونسي على مدار خمسين عاما, والذي عبر عنه الممثلون بلهجتهم التونسية المحكية وغير المفهومة بمجملها للشارع السوري, حيث بذل الجمهور جهدا كبيرا في تفسير بعض المصطلحات, إلا أن القضية العامة التي طرحتها المسرحية جذبته بالمطلق ليتابع صرخات الأم /جليلة بكار/ التي تنصاع لعاطفة الأمومة, رافضة قسوة الوالد الذي صمت إلى الأبد عبر إصابته بسرطان الحنجرة وفي الوقت نفسه ترفض تطرف ابنتها وتحاول أن تكون حبيسة هذين التطرفين داعية كليهما للحوار.‏

وفنون التعذيب جاءت على يد الجلادين و ذكريات أم أمل, وصورة الجلاد الذي أصبح سكيراً بعد أن أدى رسالته في محاسبة كل من حمل فكراً مخالفاً لما هو سائد, وقد أبدع جمال مدني في تأدية دوره واستطاع أن يرينا كيف أنه لا رأي له ولا قرار لا في أحوال الطقس ولا في الرياضة, ولا في الأمور الدينية والدينوية, طريقه واحد هو تنفيذ الأوامر وتحطيم كل من تسول له نفسه تجاوز الخطوط الحمراء, وإعمال الفكر, وتنتهي المسرحية بتوجيه أصابع الاتهام إلى كل منابع التحجر والتطرف وآليات القمع المولدة لها, ورفع شعار المسؤولية هي مسؤولية الجميع لتغيير ما في أنفسنا وما حولنا, ورغم أن هذه المسرحية لم تسلم من إشكالية الرقابة يبقى العمل المسرحي في إطاره الإنساني محط تنفس الصعداء وطرح مشكلات وقضايا المجتمعات بأشكالها كافة, والمخرج الجعايبي من أهم الوجوه البارزة في المسرح العربي المعاصر, شارك في تأسيس فرقة قفصة الوطنية في تونس عام 1978 كما شارك في تأسيس أول شركة مستقلة في تونس هي المسرح الجديد ,1976 في بحثه عن صيغة فن مسرحي نخبوي قدم مجموعة من المسرحيات التي التزمت القضايا الإنسانية بالمعنى العميق والتي لاقت استحسانا عربياً وعالمياً ومنها عشاق المقهى المشهور ,1995 فاميليا ,1993كوميديا ,1991 جنون .2001‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية