هل ثمة نوع من التقارب أم التقابل بين عبارة «باومن» وعبارة «غرامشي»: (إن تشاؤم العقل لا يقاومه إلا تفاؤل الإرادة)..؟
يلتصق بقول غرامشي تساؤل عميق يصل حد التشكيك بقدرة العقل على توليد التفاؤل.. وبالتالي وعلى طريقة العدميين كل تفكير مبالغ به يؤدي وصولاً إلى لا جدوى الحياة.
هل هناك نوعٌ من الأحجية الفلسفية أراد صيدنا بها الناقد الإنكليزي تيري إيلغتون حين عنّون أحد كتبه بـ(أمل بلا تفاؤل)..؟
وكأنما ينحاز إيغلتون إلى الأمل وليس للتفاؤل.. فالأول يمكن لمسارات العقل أن توصل إليه وليس ضرورياً أن توصل إلى الثاني.. وعلى رأيه (من العقل أن تأمل في شيء مرجّح).
وفق أرنست بلوخ، فيلسوف الأمل، فإن الإنسان كائن ناقص يسعى للكمال ولهذا لا يمكن أن يحيا دون أمل.
مفرطاً في «أمله» كان (بلوخ).. لدرجة أنه حين سُئِل: «هل يمكن للأمل أن يخيب؟» يمكن لك أن تتخيل جوابه من خلال استيلاده «جدلية الأمل».. لديه تجديد الأمل يولد من خيبته، في حركة دائمة لا تلين.. ولهذا وصفوه بالفيلسوف «صفر اليأس».
على طريقة «بلوخ» وحين يصبح معدّل اليأس ليس «صفراً»، لكن بحدوده الدنيا، هل يتوازى ذلك حتماً بارتفاع مؤشرات «الأمل»..؟
لعلي سأكون أكثر كرماً منهم جميعاً وألصق الأمل في أحد تفريعات حضوره، بكل طاقة إيجابية تستولد «التفاؤل».. ولعل بطل فيلم (الأيام الثلاثة القادمة- the three next days) جون برينان، أداء الممثل راسل كرو، سيلتهم كل طاقات التفاؤل وموجبات الأمل خلقاً لظرف خاص جداً يقارب المستحيل.. متمكّناً من تهريب زوجته من السجن جراء حكم بالمؤبّد.
كل ما فعله (برينان- كرو) البروفيسور المثقف، البعيد عن كل عنف، أنه استجلب محفّزات الأمل.. وأخفض معدلات اليأس لتصبح صفراً.. متخلّصاً من أي مخزون للتشاؤم يفسد خطته التي طبّقت تفاؤل الإرادة..فحصّل السعادة.
lamisali25@yahoo.com