ولأن غالبية الإدارات لدينا باتت تمتلك مفاتيح التعامل مع تلك التهديدات بحرفية نتيجة تمترسها في مواقعها سنوات طويلة فهي تقدم جرعات رافعة لمعنويات المسؤولين عبر التضحية ببعض مفاصل الإدارات التي انتهى دورها لتعطي انطباعاً بأنها تترجم التوجيهات الحكومية على أكمل وجه والسبيل الأسهل لذلك باتباع موضة الاقالات.
نعم نحن بأمس الحاجة لإزاحة كل فاسد استغل ظروف البلد بأي موقع كان ولكن أن يقتصر العمل المطلوب لمواجهة حالات الترهل والفساد الإداري والمالي الفاضحة خاصة في إدارات اقتصادية هامة وحيوية إثر تراجع الأداء والخدمات فيها على الاقتصاد وخزينة الدولة والمواطنين على بعض الإعفاءات فهو أمر لم يعد مقبولا أو يرضي طموح وتعطش الشارع السوري لإحداث نقلة نوعية في الأداء العام لمختلف الجهات والوزارات العامة والأهم أنه لا يزال بعيدا جدا عن فهم معنى وجدوى مشروع الاصلاح الإداري.
والمثال الأكثر سطوعا عما تقدم المديرية العامة للجمارك التي خصها رئيس الحكومة بأكثر من اجتماع لم تخل بمجملها من اعتراف بارتفاع منسوب الفساد لدى العديد من إداراتها وعناصرها ما يستدعي وقفة قوية لمواجهته والعمل الجاد لتحسين الصورة السوداء في أذهان الناس عن أداء أهم مؤسسة اقتصادية بالبلد عبر سلسلة إجراءات يزمع اتخاذها وفق جدول زمني قصير.
ماننتظره أن يتغير في الجمارك العامة وفروعها بعد حركة التنقلات التي طالت 30 ضابطاً لتطوير الأداء وتسهيل وصول الأكثر كفاءة ونزاهة لمواقع المسؤولية وأن تكون الإجراءات والقفزات النوعية المرتقبة في عملها على قدر المستوى المأمول لاسيما لجهة مكافحة آفة التهريب المخرب الأكبر للاقتصاد الوطني سواء عبر المنافذ أم كحد أدنى في المستودعات والأسواق أم بتحصيل أكبر قدر ممكن من الإيرادات للخزينة عبر استيفاء الرسوم الجمركية الحقيقية لذلك فإن شعار الجمارك بخدمة الاقتصاد الذي اعتمدته للعام الحالي سيبقى دون الطموح إذا لم يترجم بفاعلية على أرض الواقع.