وفي رسالة إلى رؤساء وفود الدول المشاركة في الاجتماع الـ 16 لرؤساء الأجهزة الأمنية الخاصة والوكالات الأمنية ومؤسسات تطبيق القانون من الدول الأجنبية الشريكة لوكالة الأمن الفيدرالي الروسي قال بوتين: إننا نقف إلى جانب اعتماد أسلوب شامل في مكافحة الإرهاب ونشر إيديولوجيته وتمويل الجماعات المسلحة غير الشرعية وندعو إلى التخلي عن إتباع سياسة ازدواجية المعايير في مكافحة التهديد الرئيسي للحضارة المعاصرة».
ودعا بوتين المجتمع الدولي إلى العمل على تنفيذ القرارات الرئيسية لمجلس الأمن الدولي في هذا المجال مشيرا إلى أن تزايد عدد الأعمال الإرهابية المرتكبة في مختلف أنحاء العالم يشهد على ضرورة بذل جهود مشتركة في مجال مكافحة الإرهاب الدولي.
وأكد بوتين أن الخطر الجدي يأتي من الإرهابيين الأجانب الذين مروا بإعداد إيديولوجي وتدريب على الأعمال التخريبية في مناطق الصراعات المسلحة حيث يواصلون بعد عودتهم إلى بلدانهم القيام بأنشطة إرهابية ما يعرض هذه البلدان لأخطار شديدة مضيفا: إن «هذا المورد البشري للإرهاب الدولي يجب تحديده بسرعة والتخلص منه في الوقت المناسب».
الدفاع الروسية:
واشنطن عقبة أساسية لهزيمة «داعش»
في الأثناء أكدت وزارة الدفاع الروسية أن دعم الولايات المتحدة للإرهابيين يمثل عقبة رئيسية أمام القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في سورية.
وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء إيغور كوناشينكوف في تصريحات للصحفيين إن «العائق الرئيسي الذي يعرقل القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في سورية ليس قدراته القتالية بل دعم الأمريكيين له وتلاعبهم معه».
وأضاف كوناشينكوف إن كل الهجمات الأخيرة لإرهابيي «داعش» في عمق البادية السورية «انطلقت من منطقة التنف على الحدود السورية الأردنية حيث يوجد جنود أمريكيون» مشيرا إلى أن «نحو 300 إرهابي من «داعش» وصلوا من الركبان في 28 أيلول إلى منطقة القريتين وحاولوا فرض سيطرتهم على مرتفعات استراتيجية حول البلدة».
ولفت المسؤول العسكري الروسي إلى أن «إرهابيي «داعش» شنوا في اليوم نفسه سلسلة هجمات منسقة على الطريق بين تدمر وديرالزور حيث التفوا على مواقع للقوات السورية بعد أن حصلوا على إحداثيات دقيقة يمكن الحصول عليها عبر الاستطلاع الجوي فقط».
واعتبر كوناشينكوف أنه «إذا كان الجانب الأمريكي يعتبر هذه العمليات «حوادث غير متوقعة» فإن القوات الجوية الفضائية الروسية في سورية مستعدة لبدء تدمير جميع مثل هذه المفاجآت في منطقة انتشار الجنود الأمريكيين».
وختم المسؤول العسكري الروسي تصريحه بالقول إن «نجاحات الجيش السوري بدعم من الطيران الروسي في التحرير السريع لوادي الفرات يبدو أنها تتناقض مع خطط الأمريكيين».
لافروف:حل الأزمة في سورية عبر الحوار
من جانبه جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في سورية عبر الحوار وعلى أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 مؤكدا أن مستقبل سورية يجب أن يحدده الشعب السوري وحده.
وقال لافروف في حديث صحفي نشر أمس إن روسيا أصرت منذ بدايات الأزمة في سورية على الحل بالوسائل السلمية من خلال الحوار الموسع بين مختلف الأطراف كما دعت المجتمع الدولي إلى مد يد المساعدة إلى الشعب السوري لإنهاء الأزمة والحيلولة دون دعم الإرهابيين في الداخل السوري.
وأضاف لافروف أن موسكو شددت في مختلف المحافل الدولية وبشكل دائم على ضرورة الحفاظ على استقلال سورية ووحدة وسلامة أراضيها وعلى أن مستقبل البلاد يجب أن يرجع إلى الشعب السوري بنفسه وبطريقة قانونية تماماً ومن خلال الحوار الوطني.
ولفت لافروف إلى أن الإرهاب والتطرف في سورية بلغا مستويات هائلة وقد اهتز العالم بأسره للفظائع اللاإنسانية التي يرتكبها تنظيم «داعش» الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية الأخرى مشيرا إلى أن التهديدات الإرهابية الناجمة عن الإرهابيين الموجودين في سورية امتدت إلى خارج البلاد وطالت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأسرها.
وبين لافروف أن روسيا اتخذت قرارها بمساعدة الحكومة السورية بناء على طلبها بهدف تخليص البلاد من الإرهابيين لافتا إلى أهمية الدور الإيراني لحل الأزمة في سورية.
وأوضح لافروف أن الاجتماعات الدولية حول سورية في آستنة خطوة مهمة نحو تسوية الأزمة داعيا في الوقت ذاته جميع الجهات الفاعلة إلى التخلي عن أطماعها الجيوسياسية الخاصة والمساهمة الكاملة في إعادة الاستقرار والأمن إلى سورية ومنطقة الشرق الأوسط.
وأكد لافروف أنه لا يمكن استئصال الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا باستخدام القوة فقط مشيرا إلى أن ما تتميز به السياسة الروسية هو أنها لا تهدف إلى تحقيق مكاسب ضيقة وليست لها أغراض خفية مطالبا في هذا الصدد الولايات المتحدة بإقامة تنسيق حقيقي في مجال محاربة الإرهاب والتحديات الخطيرة الأخرى.
وشدد لافروف على عدم شرعية التحالف الدولي المزعوم بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية من ناحية القانون الدولي موضحا أنه من وجهة نظر السوريين والقانون الدولي فإن هذا التحالف غير مرغوب فيه في سورية.
وقال لافروف «عندما تستخدم المعايير المزدوجة ويتم تقسيم الإرهابيين إلى سيئين وغير سيئين وجر الدول في تحالف انطلاقا من اعتبارات سياسية بدون مواقفة الأمم المتحدة على هذا النشاط فمن الصعب الحديث عن فاعلية محاربة الإرهاب حيث بدأ تنظيم «داعش» بالتدهور بعد ضربات القوات الجوية الفضائية الروسية وتقدم الجيش السوري».
وأشار لافروف إلى أن أعمال الولايات المتحدة في سورية تثير العديد من التساؤلات مبينا أنهم مرة يضربون القوات السورية عن طريق الخطأ كما يدعون ومرة أخرى يقومون بتحريض إرهابيين آخرين على مهاجمة المواقع الاستراتيجية التي تم بسط سلطة الدولة السورية عليها وفي بعض الأحيان يقومون باستفزازات خطيرة ضد العسكريين الروس تهدد حياتهم كما أن الكثير من حالات إصابة المواقع المدنية بشكل غير متعمد كما يقال تؤدي إلى مقتل المئات من المدنيين.
من جهة ثانية وفي لقاء صحفي على هامش منتدى أجهزة الاستخبارات والأمن الروسية في مدينة كراسنودار أكد لافروف ضرورة التعاون الفعال بين أجهزة الاستخبارات لمكافحة الإرهاب والكشف عن مواقع الإرهابيين ووقف الأعمال الإرهابية والابتعاد عن المعايير المزدوجة واستخدام الإرهابيين والمتطرفين لتحقيق أهداف سياسية.
بورتنيكوف: التنظيمات الإرهابية
تفقد السيطرة على مواقعها
إلى ذلك أكد مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف أن التنظيمات الإرهابية الدولية وفي مقدمتها «داعش» تتعرض لخسائر كبيرة في كل من سورية والعراق وتعد لإقامة شبكة إرهابية عالمية جديدة.
وقال بورتنيكوف خلال افتتاح اجتماع دولي لرؤساء الأجهزة الأمنية والخاصة ووكالات تنفيذ القانون الشركاء لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي أمس في مدينة كراسنودار الروسية «بفضل الإجراءات الفعالة والتنسيق بين الجيش العربي السوري ووحدة القوات الجوية الروسية وكذلك نتيجة عمليات قوات التحالف في العراق تتعرض التنظيمات الإرهابية الدولية وفي مقدمتها داعش لخسائر حساسة كبيرة في القوى البشرية والمعدات وقد فقد قادة هذه التنظيمات السيطرة على أراض شاسعة وعلى العديد من نقاط الإسناد والدعم وعدد من المناطق النفطية».
وأشار بورتنيكوف خلال الاجتماع الذي يحضره 116 وفدا من 74 دولة و4 منظمات دولية إلى انخفاض حاد في القدرات الاقتصادية للتنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط والتي كانت تسمح بتمويل ليس فقط المجموعات المسلحة الكبيرة في هذه المنطقة ولكن أيضا أنصارها في الخارج.
ولفت مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إلى أن قادة التنظيمات المحظورة في روسيا مثل «داعش» والجماعات الإرهابية الأخرى يعدون لمهمة إقامة شبكة إرهابية عالمية جديدة وقال «إن قادة داعش وغيرها من التنظيمات المنضوية تحت لوائه وبشعورهم وإحساسهم بالفشل تقريبا في بناء دولة الخلافة في سورية والعراق قرروا كمهمة استراتيجية عالمية لهم إنشاء شبكة إرهابية دولية جديدة».
وأكد بورتنيكوف أن قادة التنظيمات الإرهابية الدولية يعيدون حاليا توزيع القوات والوسائل المتاحة لهم وينشرون المسلحين عمدا خارج منطقة الشرق الأوسط ويركزون على مناطق غير مستقرة بهدف خلق بؤر جديدة للتوتر والنزاعات المسلحة فيها.
وأشار بورتنيكوف إلى أن المسلحين ينتقلون بشكل مكثف إلى منطقة أفغانستان حيث توجد بالفعل مواقع لـ»داعش» ما يسمح لهم بالحصول على فرص التسلل إلى بلدان آسيا الصغرى وإيران والصين والهند لافتا إلى أن الإرهابيين يحاولون استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات ضد روسيا.
ولفت بورتنيكوف إلى أن بعص العناصر الإرهابية الذين قاتلوا في سورية والعراق «اكتسبوا خبرة في صنع أسلحة كيميائية بدائية واستخدامها» موضحا أن ذلك تبين خلال إجراء تحقيقات في القضايا الجنائية ذات الصلة في روسيا.
وأشار المسؤول الروسي إلى أن قياد ات الإرهابيين أقامت علاقات وثيقة مع مجموعات كبرى للإجرام المنظم في أوروبا وروسيا تزود الإرهابيين بالسلاح والمستندات الشخصية المزيفة.
وحذر بورتنيكوف من أن «الوحدات السيبرانية» التي يشكلها الإرهابيون قد تحاول شن هجمات إلكترونية لإحداث كوارث تكنولوجية وبيئية مؤكدا أن المستوى التقني للهجمات السيبرانية الإرهابية ومدى خطورتها في ارتفاع مستمر ومبينا أن عدد المواقع الإلكترونية التي أطلقتها التنظيمات الإرهابية الدولية عبر العالم تجاوز 10 آلاف موقع.
وطالب بورتنيكوف بإنشاء قاعدة معلومات عالمية موحدة لمكافحة الإرهاب ووضع مجمع معلومات خاصة عن الإرهابيين الأجانب الذين رصدتهم الأجهزة المختصة في مختلف الدول مشيرا إلى أن هيئة الأمن الروسية تواصل العمل على تطوير «بنك المعلومات الدولي لمحاربة الإرهاب» باعتباره آلية فعالة لتنفيذ الاستراتيجية العالمية للأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب.