هذا الانخفاض في سعر صرف الليرة يبقى ضمن الإطار المعقول البعيد عن مثارات القلق، ففي الوقت الذي سجل فيه الدولار الأمريكي خلال الأسابيع الثلاثة الماضية المرصودة من قبل مصرف سورية المركزي ارتفاعاً بمواجهة الليرة السورية وصل إلى ( 56 ) قرشاً تراكمياً، فإن حجم الارتفاع لهذا الأسبوع المرصود وحده وصل إلى ( 53 ) قرشاً، ما يعني أن الدولار ارتفع سعره بالليرة السورية ليرة واحدة وتسعة قروش خلال مدة شهر تقريباً، فقد أشار مصرف سورية المركزي في آخر تقاريره الأسبوعية إلى أن الدولار الأمريكي قد افتتح تداولاته الأسبوعية تجاه الليرة السورية عند مستوى 65.25 ليرة وأنهاها عند مستوى 65.78 مسجلاً ( ارتفاعاً قدره 53 قرشاً بمعدل 0.80 % ) في حين افتتح اليورو تداولاته الأسبوعية تجاه الليرة السورية عند مستوى 80.44 ليرة وأنهاها عند مستوى 80.60 ليرة ( مسجلاً ارتفاعاً قدره 16 قرشاً بمعدل 0.20 % ) ما يعني أن اليورو ارتفع سعر صرفه خلال هذا الأسبوع المرصود بنحو 48% بالنسبة لحجم الارتفاعات السابقة خلال ثلاثة أسابيع، حيث كان قد ارتفع خلالها بمقدار ( 37 ) قرشاً وخلال هذا الأسبوع المرصود وحده ارتفع بمقدار ( 16 ) قرشاً ليصل حجم الارتفاع التراكمي خلال شهر إلى ( 53 ) قرشاً بمواجهة اليورو الواحد وهذا رقم طبيعي جداً.
إلى ذلك أشار مصرف سورية المركزي في تقريره إلى سياساته السابقة التي كان قد اعتمدها منذ بداية شهر أيلول الماضي إلى تحريك سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية بما يتناسب مع تحركات أسعار صرف العملات العالمية المكونة لوحدة حقوق السحب الخاصة، والتي تم ربط الليرة السورية بها منذ مطلع 2007 ، وبشكل يعكس حركة العرض والطلب المحلي على العملات الأجنبية، ويعود مصرف سورية المركزي للتذكير بأن قراره هذا يأتي عقب العقوبات الأمريكية الأخيرة التي أدت إلى عرقلة حركة التحويلات بالدولار الأمريكي ولجوء سورية إلى الاستعاضة عن الدولار الأمريكي بالعملات الأخرى، وذلك بعد أن عمد مصرف سورية المركزي إلى تثبيت سعر صرف الليرة مقابل الدولار منذ بداية الأزمة وحتى بداية شهر أيلول الماضي بهدف تأمين استقرار سعر الصرف وكفاية الاحتياطيات الأجنبية، منوهاً مصرف سورية المركزي إلى أن هذا القرار يضمن تحريك سعر صرف الليرة مقابل الدولار استقراراً أكبر في سعر صرف الليرة مقابل العملات الأخرى، وعكس الجزء الأكبر من التحركات العالمية على سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي.
ونوّه مصرف سورية المركزي مجدّداً إلى قيامه عند منتصف أيلول الماضي بإدراج عملة اليوان والروبل بنشرة أسعار العملات اليومية الصادرة عن المصرف لتسهيل التعاملات التجارية نظراً للتوجه نحو دول الشرق وفي مقدمتها الصين، واستمر مصرف سورية المركزي باتخاذ خطوات جديدة تتماشى مع احتياجات السوق المحلية، حيث يقول بأنه قد سمح للمصارف وشركات الصرافة بإصدار نشرات خاصة بها ضمن هامش 1% بين سعري الشراء والبيع مع استمرار رقابة مصرف سورية المركزي على هذه النشرات بناء على قرار لرئاسة مجلس الوزراء بهذا الشأن، حتى تتمكّن السوق المحلية من استعادة عافيتها حسب قوانين قوى العرض والطلب.
كما عمد مصرف سورية المركزي إلى التدخل المباشر بائعاً وشارياً للقطع الأجنبي مع المصارف ومؤسسات الصرافة وفق سعر التدخل الذي يتم تحديده بعد الاطلاع على السعر الرائج في السوق وحركة العرض والطلب في اليوم السابق وبحيث يشكل السعر سعراً مرجعياً للمصارف ومؤسسات الصرافة لوضع نشرات سعر الصرف الخاصة بها، ما أسهم بصورة فعالة في استقرار السوق المحلية وعودة سعر الصرف إلى الانخفاض بشكل تدريجي ومدروس، ومن الجدير ذكره أن تدخل مصرف سورية المركزي في السوق مستمر لإبقاء سعر الصرف عند مستويات توازنية عادلة.
هذا ويظهر تحليل مراكز القطع الأجنبي للمصارف المرخصة انخفاضاً في نسبة المراكز المدينة بالدولار الأمريكي إلى إجمالي المراكز المدينة بالعملات الأجنبية مقيمةً بالدولار الأمريكي إلى مستوى 88.63 % مقارنةً بـ 90.07 % للأسبوع السابق ، في حين سجلت نسبة المراكز الدائنة بالدولار الأمريكي إلى إجمالي المراكز الدائنة من جميع العملات الأجنبية مقيمة بالدولار الأمريكي ارتفاعاً إلى مستوى 17.23 % مقارنةً بـ15.81 % في الأسبوع السابق، وتجدر الإشارة هنا إلى تركز بقية مراكز القطع الأجنبي الدائنة لدى المصارف المحلية المرخصة بشكل رئيسي في العملات العربية.
هذا وتشهد السوق المحلية تحسناً ملحوظاً في تعاملات اليورو بالعمليات التجارية، حيث لوحظ ذلك من ارتفاع المراكز الدائنة باليورو لدى المصارف العاملة في السوق السورية بعد إعلان مصرف سورية المركزي وقف تعاملاته بالدولار الأمريكي والتحول نحو العملات الأخرى.