لكي تتابع تنفيذ المشروع الصهيوني الأميركي الهادف إلى إضعاف سورية وإخراجها من المعادلة في المنطقة وتقول الكثير من وسائل الإعلام الغربية أن احتضان ما يسمى المجلس الوطني السوري من قبل مسؤولي هذه الدول في بداية الأزمة في سورية ما هو إلا مدخل ضروري للوصول إلى المجموعات الإرهابية المسلحة في الداخل السوري.
وفي هذا المجال قالت صحيفة الغارديان في حديثها حول توجه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا للتعامل مباشرة مع المجموعات الارهابية المسلحة في سورية وانهاء دور مجلس اسطنبول إن هذا المجلس لم يكن في الاساس سوى طريق اجباري على الغرب ان يسلكه للوصول الى الارهابيين بحجة دعم المعارضة السورية بعد الباسها لبوسا مدنيا يعطي الذرائع الكافية للتدخل في الشأن الداخلي السوري.
حديث الصحيفة عن فقدان الغرب للثقة بمجلس اسطنبول يفتقد للموضوعية ويبدو انها تذرعت بذلك لاخفاء حقيقة المشروع الغربي اذ ان الثقة بالمجلس لم تتوافر اصلا انطلاقا من علم الغرب المسبق ان من كان ينظم لهم المؤتمرات ويحشد لهم الدعم السياسي ما هم الا افراد معزولون سياسيا ولكنهم يشكلون ستارا للمرور تحته الى الداخل السوري واقامة العلاقات مع المجموعات الارهابية المسلحة وعندها لن يبقىأي دور يذكر لمجلس اسطنبول ليلعبه سوي انتظار نتائج الرصاص الذي يريد الغرب ان يجعله حكما بين السوريين في سياق حلمه لاسقاط الدولة السورية كبوابة لاستباحة المشرق العربي.
الصحيفة قالت ان الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فقدت الثقة ب المجلس الوطني وتسعى الى بناء المزيد من الروابط المباشرة مع المسلحين في الداخل الذين يحصلون على معظم أموال التبرعات من الدول الخليجية معتبرة اذ ازدياد قوة الجماعات المتطرفة دفع الغرب لاقامة العلاقات مع المسلحين بشكل مباشر في ظل غياب أي دور للمجلس.
واشارت الصحيفة الى ان وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون زارت اسطنبول السبت الماضي للقاء افراد من المعارضة المسلحة في الداخل وتعزيز التعاون العسكري والامني مع الحكومة التركية في حين زار مبعوث بريطانيا الخاص بالتنسيق مع المعارضة السورية جون ويلكس اسطنبول الاسبوع الماضي وعقد لقاء مع شخص وصفته وزارة الخارجية البريطانية بأنه ممثل سياسي بارز عن الارهابيين وبحث معه افاق التعاون المستقبلي.
وفي معرض تدليلها على تطور العلاقات بين الغرب والمجموعات المسلحة في سورية كشفت الصحيفة عن مشاركة ويلكس وسفير الولايات المتحدة لدى سورية روبرت فورد في اجتماع غير معلن نظمه معهد بروكينغز الامريكي فرع الدوحة بالعاصمة المصرية القاهرة مطلع الشهر الحالي وحضره ممثلون عن ميليشيا الجيش الحر بهدف تشكيل لجنة واسعة النطاق للتوصل الى خطة متفق عليها.
وقالت الصحيفة.. ان بريطانيا اعلنت الاسبوع الماضي منح المعارضة السورية مساعدات قيمتها 5 ملايين جنيه استرليني لكنها أصرت على أن جميع المستفيدين يجب أن يكونوا من جماعات المعارضة الداخلية واستثنت بذلك مجلس اسطنبول مشيرة الى أن اللقاءات التي عقدتها كلينتون في اسطنبول لم تشمل اعضاء المجلس.
كما ركزت الصحيفة على ان حكومة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تواجه ضغوطا شديدة وخاصة من قبل الرئيس السابق نيكولا ساركوزي للتدخل بصورة مباشرة الى جانب المعارضة السورية وقد أكد فابريس بلانش خبير الشؤون السورية بجامعة ليون أن وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس أدرك أن باريس استثمرت كثيرا من رأس المال السياسي في دعم مجلس اسطنبول غير أن الحكومة الجديدة القت بدلا من ذلك بثقلها وراء بعض الفارين في محاولة منها لحشد المجموعات المسلحة وتنظيمها في مواجهة الدولة السورية. واعتبرت الصحيفة ان الغرب يتجه للتدخل في مصادر تمويل المسلحين في سورية بغية توحيد وجهتها واستثمارها في تحقيق اهدافها حيث يعلم الغرب ان هناك كما كبيرا من الاموال الخليجية تتدفق الى المسلحين ولابد من استثمارها مؤكدة ان المسلحين يتبعون من يقدم لهم المال والسلاح ولذلك يجب على الغرب ان يلعب دورا في هذا الاطار ولذلك يتم تسهيل تحويل الاموال وايصالها من الدول الغربية الى داخل سورية اذ ان هناك قنوات باتت موثوقة من قبل داعمي المسلحين في دول الخليج والغرب تستخدم لايصال الاموال.
وقالت الغارديان نقلاً عن دبلوماسيين غربيين أن شيخا كويتيا لم تكشف عن هويته يلعب أيضا دورا رئيسيا في توجيه الاموال التي تم جمعها في منطقة الخليج الى الجماعات المتشددة والسلفية داخل سورية.
وفي ظل كل هذه الحقائق يبدو جليا ان ما ادعته مشيخات النفط والغرب الاستعماري من حرص على دماء السوريين ما هو الا خدعة ارادوا المرور بها الى الداخل السوري لتعطيل الحلول السياسية للازمة وتسعير الاوضاع وايصال السلاح للارهابيين في سعي محموم لتدمير سورية وتعطيل دورها في مواجهة المشاريع الغربية ولكن السوريين كانوا على درجة عالية من الوعي اذ انهم التقطوا خيوط المؤامرة على بلدهم منذ البداية وبدؤوا بتفكيكها.