و خصوصاً في عصر التكتلات السياسية والاقتصادية الدولية الكبرى، وفي وقت تواجه فيه بلدان العالم الإسلامي مسؤوليات تاريخية دقيقة وتحديات صعبة، ما يجعل من هذا المؤتمر بارقة أمل للشعوب العربية والاسلامية التي تتطلع بجدية ليتم تداول أوضاعها والتوافق على توجهات تضمن الدفاع عن قضايا الأمة والمساهمة في بناء عالم يسوده السلام العادل بعيداً عن الاحتلال والعنصرية والهيمنة.
لذلك من المتوقع أن يناقش المؤتمر الذي يعقد برئاسة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو عدداً من الموضوعات المدرجة على جدول أعماله والتي تتعلق بالأوضاع الاقليمية والدولية والقضايا الراهنة وفي مقدمتها عملية السلام في الشرق الأوسط، والصراع العربي الاسرائيلي والأوضاع على الساحات الفلسطينية والعراقية والأفغانية والباكستانية، علاوة على خطة الفعاليات بمناسبة الذكرى الـ 40 لتأسيس منظمة المؤتمر.
كما سيبحث المؤتمر قضايا المنظمة الحالية منها ملف الارهاب وظاهرة العداء للاسلام والتصدي للممارسات المعادية له والنزاعات العرقية بين المسلمين في عدة بلدان وعدداً من القضايا السياسية والعامة والخاصة المتعلقة بالمنظمة ولاسيما موضوع الميثاق الجديد لمنظمة المؤتمر الاسلامي الذي يعتمد أغلبية الثلثين لإجازة القرارات.
فبالرغم من أن المشاكل التي أدت لإنشاء منظمة المؤتمر الاسلامي ولاسيما قضية فلسطين والصراع العربي الاسرائيلي لاتزال مستمرة و«اسرائيل» تواصل ارتكاب مجازرها بحق أشقائنا الفلسطينيين وترتكب المزيد من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية، إلا أنه لايزال في نفس الوقت أمام العرب والمسلمين فرصة كبيرة وسانحة لمواجهة هذه الجرائم وفك الحصار وربما اتخاذ القرارات والمواقف الضاغطة التي تضمن لهم حقوقهم وإعادة ماسلب منهم وإزالة أسباب النزاعات التي وجدت في بلدانهم، إذا توفرت النية الحقيقية لديهم وعقد العزم على مايمكن أن يتم التوافق عليه وإلا سيبقى حجم هذه المؤتمرات وماسيليها لاتتعدى المحيط الذي تنعقد فيه سواء كان ذلك من بدء معالجة القضايا الداخلية التي يعانونها مروراً بالضغوطات الدولية انتهاء بالسعي لإقامة وتحقيق السلام العادل والشامل من خلال فكرة توسيع «مبادرة السلام العربية» لتشمل الدول الاسلامية ووضع خطة سلام بغية إعادة بناء الثقة وإظهار الجدية لدى هذه الدول في التوجه نحو الأمن والاستقرار، و خاصة بعد الطروحات التي قدمها الرئيس الأميركي باراك أوباما وتوجه إدارته الجديدة لحل النزاعات و المشكلات القائمة في مناطق الصراع.
وأبرز هذه الطروحات حل الدولتين الذي يضمن إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وانسحاب اسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة، حيث يحتل ذلك شرطاً أساسياً لتحقيق السلام في المنطقة وبدونه ستظل هذه المنطقة على فوهة بركان قابل للانفجار في أي لحظة، إضافة إلى طرحه الحوار على إيران فيما يخص برنامجها النووي، وفي ظل عدم انصياع الاحتلال الاسرائيلي لأي قرار دولي يتعلق بإعادة الأمن والاستقرار التي تنشد السلام.
فالتصريحات التي سبقت انعقاد المؤتمر تدل على حساسيته وعلى سقف التوقعات الرسمية والشعبية منه لجهة اتخاذ القدر الكافي من القرارات لحل كل الأزمات التي تؤرق العالم الإسلامي وتنعكس بالنتيجة على العالم بأسره.