وهو يعكس تجربة تستحق المتابعة والاهتمام خاصة أننا بدأنا في العمل ضمن اقتصاد السوق الاجتماعي, فكل مؤسسة فيهما خلال الفترة السابقة كانت تحمل مسؤولية التقصير والخسائر للمؤسسة الأخرى, فالمباقر تقول إن الصناعات الغذائية تشتري منها الحليب بأسعار أقل من الكلفة ما يوقعها في خسائر تقدر بحوالى 59 مليون ليرة سورية وبالتالي كانت تطالب بإلغاء إلزامها من الجهات الوصائية تجاه الصناعات الغذائية. وبالمقابل كانت المؤسسة العامة للصناعات الغذائية تقول سابقا إن مؤسسة المباقر تتسبب لشركات الألبان فيها بخسائر كبيرة نتيجة إلزامها بشراء الحليب من المباقر بأسعار أعلى من أسعار السوق ما يزيد من الكلفة ويضعف منافستها في منتجاتها التي تعتمد على الحليب, وفعلا الجهات الوصائية ألغت الإلزام بين الطرفين بما يحقق الريعية الاقتصادية لكل مؤسسة منهما.
وما حدث أن مؤسسة المباقر تبيع الحليب للقطاع الخاص غير أنه فيما بعد بدأت تظهر بعض المشكلات وكذلك فإن خسائر المؤسسة لم تتراجع كما كان مأمولا من التحرر من البيع للصناعات الغذائية. وكذلك فإن مؤسسة الصناعات الغذائية صار لها حرية الشراء من القطاع الخاص لكنها أيضا لم تحقق ما كانت ترجوه حيث تراجعت الخطط الانتاجية والتسويقية لشركات الألبان فيها بسبب عدم استقرار أسعار الحليب لدى القطاع الخاص وتذبذبها.
المهم أخيرا أن مؤسستي المباقر والصناعات الغذائية تبين لهما من خلال التجربة أن مصلحتها تكمن في التزام كل واحدة بالأخرى, وهذا ما دفعهما لتوقيع محضر اتفاق بينهما تتعهد فيه المباقر بتسليم كامل انتاجها من مادة الحليب إلى الصناعات الغذائية,كما تتعهد مؤسسة الصناعات الغذائية باستلام كامل كمية الحليب يوميا, مؤكدين أن هذا حدث بمحض إرادتهما وليس من خلال قرار حصر, فهل تقرأ الجهات الأخرى هذه التجربة قبل فوات الأوان?