ويعتبر الاقتصاد السوري من الاقتصادات المستفيدة من تحويلات المقيمين بالخارج ولعل من المهم التساؤل عن التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لتراجع تحويلات السوريين الان ، خاصة وان الاقتصاديين غالبا مايثيرون هذا الجانب معتبرين ان لها اثرا ايجابيا من ناحية مساهمتها في التخفيف من الفقر والرفع من حجم الاستهلاك الذي يساهم في حث عجلة الاقتصاد على الدوران وزيادة نشاطها بما يعين على توفير ارضية لخلق وحدات انتاجية لتلبية الطلب المتزايد.
اضافة الى امكانية تشكيل نوع من الرأسمال القابل للاستثمار في مجال من المجالات. كما تساهم هذه التحويلات في تقليص عجز ميزان الاداء وفي الرفع من احتياطي العملة الصعبة لتغطية الواردات.
وعلى الرغم مما سعت اليه الحكومة اخيرا من زيادة في الانفاق الاجتماعي في مسعى لحماية الاستقرار وسط الظروف الاستثنائية التي تشهدها البلاد لكن زيادة الانفاق الحكومي لايمكن ان يستمر الى مالانهاية مما يعني ان تحويلات السوريين المهاجرين ستظل حيوية للاقتصاد .
يقول مصدر حكومي للثورة ان ميزان المدفوعات بصدد وضع استثنائي عام 2012 ومن شأن اي تدهور في تدفقات العملة الصعبة ان يتسبب في تآكل قدرة سورية على تمويل الواردات في وقت تواجه صادراته منافسة محتدمة من منتجين اقل تكلفة مثل الصين ومن المرجح ان يزيد عجز ميزان المعاملات الجارية في 2012.
وتشكل تحويلات المغتربين السوريين الى المحافظات السورية دمشق وحلب ودرعا هى الاعلى قيمة مقارنة بحجم المبالغ المحولة الى المحافظات السورية الاخرى وان معظم هذه الحوالات ترسل من اجل شراء الاراضي وبناء العقارات السكنية وتسديد اقساط الجمعيات السكنية او شراء الالات الثقيلة والمعدات الصناعية التي تحتاجها المطاعم وورش الصناعة بمعنى استثمارات ريعية بينما يذهب نحو 30٪ منها للمتطلبات الاسرية خاصة اذا كان لدى الاسر السورية ابناء يدرسون في الجامعات والمعاهد العلمية.
واذ يصعب تحديد رقم لتحويلات السوريين الرسميه لاتمثل الاخيرة ايضا اجمالي التحويلات نظرا لكون الكثير من الاموال تمر بقنوات لاتسجل فيها وتفيد الدراسات ان التحويلات على مستوى العالم تتوزع على الشكل الآتي:
50٪ الى 70٪ تحويلات غير رسمية، غير ان ذلك لايلغي اهمية هذه التحويلات على النمو الاقتصادي الاجمالي!
اذ تعتبر التحويلات حفنة من الاموال الخارجية مثل الاستثمارات الاجنبية المباشرة وهي رساميل تجوب البلاد بحثا عن فرص للاستثمارات ولكن وفقا للتحليلات الاقتصادية فان الاموال السورية التي تستثمر في الدول العربية تساوي على الاقل جميع الاموال الاجنبية التي تستثمر في البلاد سنويا والتي سجلت نحو 700 مليون دولار خلال السنوات القليلة الماضية فيما تساوي الاموال السورية المستثمرة في الدول العربية فقط رسميا ثلثي هذا المبلغ او حتى تضاهي هذا المبلغ.
وهذا الامر يعني اننا متأخرون كثيرا على صعيد النمو باستخدام تحويلات المغتربين مايطرح - اليوم - تحديات كثيرة امام الحكومة لتحفيز ومضاعفة النمو غير الحيادي عبر جعل الاموال السورية غير حيادية لاتقتصر فقط على دعم الموازنات الاستهلاكية للعائلات فالعملية ممكنة لكن اذا استخدمت القنوات الملائمة لاستخدام الاموال السورية المهاجرة كالاستثمار في الصناعات التحويلية والقطاع الزراعي والصناعي .