تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


معرض مهرجان المواسم الثقافي الأول بحمص ثماني تجارب... ثمانية أطياف

ملحق ثقافي
الثلاثاء 17 /1/2006
محمود شاهين

ضمن فعاليات مهرجان المواسم الثقافي الأول الذي شهدته كنيسة سيدة السلام بمدينة حمص ما بين 51و 12 الشهر الماضي،

أقيم معرض فني تشكيلي لثمانية فنانين ينتمون لأكثر من جيل واتجاه في التشكيل السوري المعاصر هم: عبد الله مراد، عبد القادر عزوز، عون الدروبي، فريد جرجس، كرم معتوق، نزيه أبو عفش، وائل قسطون..و محمود شاهين. ضم المعرض خمسين عملاً فنياً موزعاًعلى الرسم والتصوير والنحت المجسم والنافر، عالجت موضوعات إنسانية وطبيعية بأكثر من صيغة وتقنية ورؤية واسلوب، والتنوع هذا طاول حتى التجربة الواحدة. فعبد الله مراد الذي شارك بخمسة أعمال منفذة بألوان الزيت والأحبار المختلفة، تابع تهويماته التجديدية، مزاوجاً بين صلابة الخطوط وحضورها الطاغي في اللوحة، وانسياحات الألوان الساحرة المؤطرة بحدة أحياناً،‏

وبنعومة وتداخل أحياناً أخرى، ذلك لأن عبد الله من الفنانين المحكومين بلحظة التجلي، والتركيبة النفسية والفيزيولوجية التي يكون عليها أثناء ممارسة فعل الإبداع، ولأنه في الاساس الفنان الذي لم يكبر الطفل فيه، وصادق مع أدوات تعبيره ومع نفسه، ترتمي حالته الآنية بتلقائية عجيبة فوق سطح اللوحة، وهذا ما يفسر لنا تباين لوحاته واختلافها الدائم، بين مرحلة وأخرى، وأحياناً بين عمل وآخر، لكن دون التخلي عن الإطار العريض لشخصيته الفنية التي ارتادت مبكراً، حقول التجريد والاختزال والتلخيص. عبد القادر عزوز هو الآخر، يعلن في لوحاته الزيتية الخمس التي شارك فيها، عودة مظفرة إلى نوع من الواقعية الانطباعية المدهشة في عجينتها اللونية،‏

وطريقة مدها في جسم العناصر والمفردات التي اقتصرت على المنظر الطبيعي الخلوي المشغول بتأن وخبرة مطرزة بالعفوية، وبواقعية ثرة الألوان ، تتماهى بالانطباعية التي نفتقدها ونطلبها هذه الأيام بالحاح، كونها تبقى الفضاء الأرحب لانطلاقة الروح، واستراحة الأعصاب، وتغلغل الأحاسيس في نداوة الفن الأصيل، وولائم الابداع الإنساني الرفيع. عون الدروبي شارك بخمس لوحات زيتية تؤكد أنه مازال هو هو: المتململ، الباحث، المجرب في البرزخ الفاصل بين التشخيص المختزل والتجريد. تارة يقترب من هذا الحقل، وتارة من ذاك لكنه يبقى هو هو في الحالتين: المؤلف البارع للمساحات اللونية العفوية المشغولة بخبرة وانفعال وحساسية عالية تتأرجح في تألقها من عمل لآخر في أعماله الأخيرة،‏

عاد من حقل التجريد بالصيد الأجمل، إن على صعيد تكوين معمار اللوحة، أو الخروج والدخول في الدرجات اللونية المؤلفة لها، حيث التوازن والانسجام والشفافية وبراعة التوزيع التي لاتحتمل أي إضافة لونية أو خطية أو عنصراتية أو حذف!!. فريد جرجس المسكون هو الآخر بنزعة البحث والتجريب شارك بخمس لوحات زيتية تمثل آخر، نتائج بحثه التشكيلي المتمحور حول الانسان والبيت والطبيعة حيث يماهي بين هذه العناصر مجتمعة، ضمن تكاوين ساحرة ومدروسة، قوامها مساحات متداخلة بكثير من الشفافية، وبألوان يتحاور فيها الحار مع البارد، بانسجام فائق، مع الالحاح والتأكيد على عمارة متينة وقوية للعناصر، وعلى بعد دلالي عميق لعلاقة الانسان ببيته وقريته والطبيعة التي احتضنته. تنحاز اللوحة الجديدة للفنان جرجس إلى نوع جديد من التكعيبية المتماهية بالانطباعية، وإلى مضمون شاعري رومانسي يمجد الانسان والريف. كرم معتوق في أعماله الزيتية الأربعة، يمضي بعيداً في الاختزال والتكثيف الشكلي واللوني، لكن دون التخلي عن رهافة الألوان وشاعريتها والبراعة الفائقة في توزيعها، في جسد اللوحة وعناصرها المختلفة التي بدأت هي الأخرى تتكثف وتختصر إلى عنصر أو عنصرين، بينما كانت لوحته في السابق، تدخل بعدد كبير من الشخوص والعناصر، الشاعر والفنان نزيه أبو عفش، شارك بثلاث لوحات، واحدة منفذة بألوان الزيت، واثنتان بالحبر، في الثلاث تناول موضوعاً واحداً هو الشخوص المعروفة في تجربته والمستلهمة من الايقونة لناحية صوفيتها وطريقة معالجتها، لكن نزيه يبتعد كثيراً عن التنميق والتفاصيل الصغيرة والزخرف، لصالح لمسة لونية رهيفة، وخطوط بسيطة، واختزال كبير للملامح، وشاعرية صوفية طاغية تتسرب من شخصية الشاعر فيه إلى شخصية الرسام، ما يجعلنا نؤكد أن لوحة نزيه تشبه شعره والعكس صحيح أيضاً. النحات الشاب وائل قسطون شارك بثلاث عشرة منحوتة بينها لوحة نحت نافر، شاعرية الموضوع رمزية العناصر والدلالات أشبه بقصيدة مكتوبة، بالخطوط والسطوح أما باقي الأعمال فجلها منفذ بالخشب وجذوع الشجر، وأقلها بالبوليستر أو الرخام الصناعي. أعمال الخشب تتشابه كثيراً مع ما ينتج بهذه الخامة من أعمال النحاتين السوريين والعرب، حيث تساهم الطبيعة أو التكوين الطبيعي للغصن أو الجذع والنحات، في امتشاق تكوين المنحوتة، واستلال كتلتها التي يمكن القول إنها نتاج مشترك للطبيعة والنحات، وهذا ما يجعلها متشابهة إلى حد بعيد.، طرف الخيط الأهم في أعمال النحات قسطون، أعمال البوليستر، وبالتحديد العمل المعالج بنوع من التكعيبية أو الهندسية المختصرة والمعبرة والتي تذكرنا بتجربة النحات السوري الموهوب «فايز نصري» على قلة ماأعطى في هذا المجال، وأهمية هذا الذي أعطى هذا العمل الذي شكل أبرز ماعرضه النحات قسطون، يمكن أن يكون المنطلق إلى تجربة نحتية هامة، إذا ما تابعها وخاض غمارها برغبة وحب ودأب. كاتب هذه السطور، شارك بعشر منحوتات منفذة بكاملها من البوليستر، تتناول موضوعاً رئيساً ووحيداً هو المرأة في حالاتها المختلفة، بأسلوب واقعي تعبيري لايقف عند النمنمات والتفاصيل، لصالح كتلة مغلقة، وحركة تأتي من الداخل لتنعكس على السطوح الملفوفة والمترابطة بقوة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية