تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


منــــيرة ثابـــــت الوعـــي في مواجـــهة الطغـــيان والاستعـــمار ..!!

ملحق ثقافي
الثلاثاء 17 /1/2006
محمد عيــد الخربوطلي

وعندما كانت طالبة تدرس الحقوق كانت تمارس الكتابة الصحافية وتهاجم الحكومة والاستعمار معاً، واستطاعت مع صغرها أن تثير بمقالاتها الشرسة التي كانت تنشرها في جريدتي أبي الهول والصباح قلق الحكومة،

مما جعل وزير المعارف أن يستدعي مدير المدرسة الفرنسية، إلى مكتبه ويطلب منه أن يمنع منيرة ثابت من الكتابة في السياسة معللاً بأن هذا هو رأي مجلس الوزراء، واعترض مدير المدرسة على ذلك وقال له: إن مدرسته تمنح طلابها حق الكتابة في الصحف ومعارضة الحكومة والهجوم عليها أيضاً مهما كانت العواقب. ونظراً لمقالاتها الجريئة في الصحف، وفي سنها المبكرة، كانت أول فتاة عربية تقف أمام النائب العام وهي دون السن القانونية، ليحقق معها بنفسه في جريمة سبب وقذف صحفي، وكان عمرها 17 سنة، وقد جرى التحقيق معها بأمر صادر من دار المندوب السامي البريطاني في مصر إلى رئيس الوزراء المصري الذي حوله إلى وزير العدل للتنفيذ، أما التهمة الموجهة إليها فكانت مهاجمتها للتدخل الأجنبي في شؤون البلاد ومهاجمتها للمندوب السامي البريطاني والاستعمار وبعد أن وجهت التهمة إليها قالت بمنتهى الشجاعة: "إنها تهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه". وضجت المحكمة بكثرة الحضور من مندوبي الصحافة ووكالات الأنباء العالمية، فمحكمتها كانت أول حدث تاريخي من نوعه في البلاد، وهو محاكمة فتاة صحافية بأمر من الاستعمار، وكانت غاية المندوب السامي البريطاني في تهذيبها، وبعد مداولات طويلة أمام النائب العام طاهر باشا نور وبحضور وزير الحقانية زكي باشا أبو السعود، قرر النائب العام إعفاءها من المسؤولية الجنائية لصغر سنها. والحقيقة أن الاستعمار تضايق منها لأنها أصدرت صحيفتين سياسيتين في وقت واحد باسمها في عام 1926، إحداهما يومية بالفرنسية اسمها الأمل والأخرى عربية أسبوعية بنفس الاسم، وأطلق عليها لقب (عميدة الصحفيات) بعد أن سجل اسمها صحافية عاملة في النقابة الأهلية. دور والدها وسعد زغلول في بناء شخصيتها: كانت منيرة منذ بدايتها بالصحافة تركز على قضايا المرأة وحقوقها السياسية، فكانت ترى أن المرأة لا بد وأن تكون لها دور بارز في قضايا وطنها، وأن دورها لا يقل عن دور الرجل، ولا بد أنها استمدت هذه القوة في المطالبة بحقوقها وحقوق المرأة من أبيها وصديقه الزعيم سعد زغلول. قالت في مذكراتها: "كان أبي وسعد زغلول من العوامل القوية التي دفعت بي مبكراً لهذا الطريق، فقد تلقيت منهما الإيحاء الفكري والنفسي، فقد حدثني والدي كثيراً في شؤون المرأة في مصر والخارج وذكر لي بصفة خاصة تاريخ حركة النساء في إنكلترا، وظل أبي يملأ رأسي بهذه الأفكار حتى كاد أن ينفجر، وقد تلقفني الزعيم سعد زغلول وأنا في هذه الحالة عام 1924، إذ اتصلت به وحضرت مجالسه وعطف عليّ وشجعني ثم أكمل تعبئة رأسي بالأفكار الباقية في ميدان السياسة والنهضة النسوية والاجتماعية" وتقول: "وما أن سمعت ذات يوم أن القوم يضعون دستوراً لمصر حتى أدركت أن الوقت قد حان لأن أتزعم حركة نسائية تشبه حركة نساء إنكلترا، فأخذت أكتب المقالات للصحف العربية والفرنسية، وكنت أبدي رأيي في شؤون مصر وبحق المرأة في الانتخاب وعضوية البرلمان". وكانت منيرة قد طالبت قبل فتح البرلمان المصري بقليل في 15 آذار 1924 بأن يكون فيه مكان مخصص للمرأة حتى تشارك في هذا الاحتفال، وكان لها ذلك، فقد خصص مكان للسيدات في شرفة الزوار في البرلمان. الصحيفة القنبلة: في أواخر عام 1925 استطاعت منيرة ثابت أن تحصل من اسماعيل صدقي وزير الداخلية على ترخيص بإصدار صحيفتين سياسيتين في وقت واحد كما ذكرنا وكانت الصحيفتان تطالبان بحقوق مصر في الحرية والاستقلال، وقد صدر العدد الأول من صحيفة الأمل العربية وكانت تحمل في صدرها كلمة تؤكد أنها صحيفة الدفاع عن حقوق المرأة وكان العدد الأول كما وصفه مصطفى أمين قنبلة فقد تضمن هجوماً على الإنكليز وعلى الملك فؤاد، لذلك كانت صحيفتها أوسع انتشاراً، ولم تكتف منيرة بهذا النجاح إنما تابعت بنشر أفكارها بصحيفتها الفرنسية حتى أزاحت بها جميع الصحف الأجنبية التي كانت تصدر في مصر، وتفوقت عليهم في التوزيع. وأهم ما ناقشت صحفها قضايا المرأة، مثل: - الدفاع عن المدرسات واستمرارهن في العمل بعد الزواج. زواجها: كانت منيرة تطبع صحيفتيها في دار البلاغ عند عبد القادر حمزة، فأعجب بشجاعتها وكتابتها الثائرة وحماسها وصمودها، وتطور الإعجاب إلى حب، وبالرغم من أنه يكبرها بعشرين سنة وجدت فيه فتى أحلامها، وأرادت صحف الحكومة أن تستغل هذا الحب وتشهر بها وبعبد القادر، فعلم بذلك سعد زغلول فنصحهما بالإسراع في زواجهما وتم لهما ذلك، فتركت منيرة الميدان الصحافي وتفرغت للبيت، وتوقفت صحيفة الأمل العربية بعد العدد الصادر في 8 تشرين الأول عام 1928، لكنها لم تترك نشاطها في الجمعيات النسائية، ومع ذلك سرعان ما انفصلت عن زوجها بهدوء، فعادت إلى الحياة الصحافية وانضمت لأسرة تحرير الأهرام. تواريخ مهمة في حياتها: - في عام 1939 فكرت في إصدار كتابها الأحمر باللغتين العربية والفرنسية في موضوع فلسطين رداً على الكتاب الأبيض البريطاني، وتقول الأديبة وداد سكاكيني في كتابها سابقات العصر: "إنها شرحت فيه الظلم والعدوان اللذين أصابا أهل فلسطين حتى شردهم الطغيان". - في عام 1936 كانت الوحيدة التي هاجمت معاهدة 1936 على صفحات الأهرام. - في عام 1946 كانت الصحفية الوحيدة التي هاجمت مفاوضات (بيفن و صوفي). - في عام 1948 فكرت في إعادة إصدار مجلة الأمل مرة أخرى ولكن كانت ريح الصحافة في مصر قد اتجهت اتجاهاً آخر لم تألفه ولم يألفها. - في عام 1957 رشحت نفسها لأول برلمان بعد الثورة عن الدائرة الثالثة بالقاهرة فاكتسحتها في 25 يوماً، فأشرفت على أبواب البرلمان، لكنها فوجئت في آخر لحظة بقرار قفل جميع الدوائر التي فيها وزراء، وكان فتحي رضوان قد انتقل إلى دائرتها فطبق عليها قرار الفصل، بعد ذلك أصيبت بمرض خطير في عينيها فسافرت إلى إسبانيا للعلاج على نفقة الدولة ثم عادت بعد نجاح الجراحة. - في عام 1967 أنهكها العناء والشقاء والمرض وتوفيت في أيلول في نفس العام. المراجع: 1 - سابقات العصر وعياً وسعياً وفناً. وداد سكاكيني. 2 - منيرة ثابت أول كاتبة سياسية عربية. مجلة المثقف العربي مصر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية