تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


أجنحة خفية ؛

ملحق ثقافي
الثلاثاء 17 /1/2006
صلاح إبراهيم

عفا الزمن عن رغبات طفولته، وأبقى رغبة امتلاك جناحي طائر يدغدغنا كحلم وردي، وتدفعانه للقول بين الفينة والأخرى: الطيران قوة ومتعة وحرية، والطائر حر ما دام بمقدوره الطيران متى وحيث يريد.

جاره الميال بطبعه للمشاكسة قال له: الطائرة لبت رغبات الإنسان،وحلت الكثير من مشاكله، والإنسان المعاصر ليس بحاجة لأية أجنحة.. إلا في الخيال- كما يقال- لم يرق له جواب جاره هذا لأنه أغفل متعة الطيران بجناحين خاصين، فأسرع ورسم على صفحات وجهه عدم رضاه، الجار وإمعانا في إثارته تابع القول: ليست كل الأجنحة تساعد على التحليق، وضرب مثلا الدجاج وعجزه عن الطيران رغم امتلاكه أجنحة، وأعرب عن أمله ألا تكون الأجنحة التي يحلم بها من نمط أجنحة الدجاج،واسترسل قائلا: أجنحة الطيور تمكنها من الابتعاد عن الخطر والهروب منه والبحث عن قوتها، وبناء أعشاشها وحده الإنسان ابتدع فكرة متعة الطيور بالطيران!. رأي الجار هذا ورغم ما أثار في نفسه من حنق صامت دفعه للقول: حبذا لو استطاع الإنسان مبادلة عضو من أعضائه بجناحين؟ واعترته الدهشة عندما قاده تفكيره إلى استحالة الاستغتاء عن أي عضو في الجسم من قحف الرأس إلى أخمص القدمين. من واجباته بيديه، وسرعان ما ارتسمت أمامه صورة كأس شرابه ورغيف خبزه والملعقة، والشوكة وأزرار القميص وقال: كيف سأتعامل مع هذه الأشياء البسيطة والمهمة وغيرها الكثير من دون الأصابع بشكل خاص، واليدين بشكل عام، وجزم أنه ليس من الحكمة استبدال اليدين أو القدمين بأي جناح من أجنحة طيور العالم،فالعمل والوقوف، والركض والمشي بضعة أمتار والنزول إلى الشارع،ورفع اليد التي لا تستجيب لأي أمر يصدر إليها؟! وتابع قائلا: الطائر للطيران.. والإنسان للمعرفة.. وبمقدور هذا الأخير أن يطير بالأجنحة الخفية لخياله من بلد إلى آخر، ومن عاصمة إلى أخرى ومن زمن إلى آخر، وهذا بحد ذاته أرقى أنواع الطيران وأمتعها، وأسرعها، ولن تمنعه حواجز الدنيا من الوصول إلى المكان الذي يرغب ويتمنى بذات السرعة والسهولة واليسر.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية