أو كدخل لمهنة لها مريدوها ، بعد أن تضخمت قائمة الفقراء بأعداد طارئة ، أو بعض الكسالى ممن يجدون التسول مهنة تملأ جيباً دون أن يتصبب عرق الجبين ، و لو هُدر ماء الوجه على الأرصفة .
لن تطيل البحث عنهم إن كنت مؤمناً بأهمية مد يد العون للفقراء ، أو كنت مدركاً لضرورة التكافل و التضامن الاجتماعي ، أو كنت مرهف الإحساس مستشعراً بوجع الآخر ، كفاقدي أبسط شروط الحياة البشرية على أرصفة تزخر ببؤساء ركلتهم أزمة إلى ما دون خط الفقر يصارعون تشرداً و جوعاً .
و لكن من المضحك المبكي أن يستوقفنا متسول ، لا يدخر جهداً و لا دعوة عازفاً على أوتار أوجاعنا ، في محاولة لاستدرار العطف كمنطلق لاستهداف الجيب بيت القصيد ، وكأن هذا المتسول لا يدرك أن العوز بات حالة عامة ، في ظل ارتدادات حرب طالت الجيوب كافة ، و أنه و الآخرون ممن يد لهم يده طالباً حسنة في تردي مستوى معيشي سواء .
قد يستوقفك طالباً ثمن ربطة خبز أو وجبة طعام ، و أنت منهمك بجدول حساب من طرح لضروريات مائدتك ، و من قسمة لراتبك النازف الذي يلفظ آخر أنفاسه قبل أن يصرخ صرخة الولادة في جيبك ، و قد تشعر بالحرج و هو يستجدي أجرة مواصلات بينما قررت السير على أقدامك المنهكة لتختصر شيئاً من النفقات .
ظاهرة التسول في شوارعنا باتت لافتة ، بعد أن تضخمت أعداد المتسولين من جميع الأعمار ذكوراً و إناثاً ، بينما الحلول غائبة لوضع حد لهذا الاستعراض التراجيدي ، حتى كادت أرصفتنا أن تكون مسرحاً لعرض رواية البؤساء من ذوي العاهات و الحاجات ، بينما تتصارع في قلوبنا مشاعر الشفقة و المسؤولية المجتمعية بين أن نساعدهم لنجعلهم اتكاليين أو ندعهم في أحضان الفقر !!..