وخاصة في الشمال السوري واستخدامهم كاوراق رابحة بعد ان رمى البيت الابيض بورقته التركية الخاسرة في الملف السوري.
ولكن على مايبدو ومن خلال العديد من التسريبات والمعلومات والتقارير الصحفية الواردة عن آخر المستجدات في العلاقات بين انقرة وواشنطن فانه تم الكشف عن صفقة بين البلدين حيث استطاعت الولايات المتحدة الأميركية ان تستجر اردوغان الى بيت الطاعة بجزرته الشهية المنطقة العازلة ولكن هذه المرة بالقياس الذي يناسب الطرفين حيث تشير المعلومات انه تم الاتفاق على اقامة منطقة في شمال سورية للاكراد تتصل بمنطقة اكراد العراق واقامة كينتون موحد بينهما يملأ المنطقة العازلة التي ارادها اردوغان منذ بداية الأزمة في سورية كما اغرى البيت الأبيض اردوغان بان هذه المنطقة ستعامل كمحافظة تابعة له في محاولة لاشباع غريزته العثمانية
الواضح ان ثمار التفاهم الجديد بين اردوغان وواشنطن بدأت تنضج وذلك بإعادة نشر الباتريوت الأميركي على الحدود التركية حيث بدأت بالأمس قوات الناتو وبشكل مفاجئ اعادة نشر بطاريات الباتريوت والتي هي اساسا نظام دفاع جوي وذلك في ولاية قهرمان مرعش جنوب تركيا بعد ان وصلت معدات التركيب الى قهرمان مرعش .
شحنات الباتريوت جاءت من إيطاليا، مجددا بعد ان كانت قد رحلت من المنطقة ذاتها أي قهرمان مرعش في نهاية 2015 وقد نشرت لاول مرة عام 2012 تحت اسم عملية السياج النشط والتي قام بها الناتو ضمن صيغة تصعيدية من الجانب التركي الذي ادعى اثناءها الخوف من هجمات سورية محتملة اضافة الى تهديد اميركي بشن عدوان على سورية.
ما الذي استبق إعادة نشر الباتريوت ؟
تقول بعض المصادر إن الأميركيين نظموا اجتماعاً في قاعدة انجيرليك الجوية التركية بين مجموعة من الاكراد الانفصاليين و ازلام اردوغان بحجة الهجوم على منبج السورية ، وترافق الاجتماع مع رعاية أميركية لاتفاق كردي - تركي، قضى بنقل الزعيم الكردي عبد الله أوجلان من سجنه الانفرادي في جزيرة ايمرلي إلى إقامة جبرية، تسمح له بلقاء شخصيات كردية مقربة من «حزب العمال الكردستاني» وفتح قنوات الحوار مع أنقرة، واستعادة المفاوضات في الملف الكردي مجدداً، وتقول المصادر إن الأتراك طلبوا من «حزب العمال الكردستاني» وقف العمليات جنوب شرق تركيا وحول ديار بكر، مقابل موافقتهم على دخول قوات كردية إلى منبج وغرب الفرات.
وقام الأتراك فور بدء عملية منبج بالضغط على «داعش» لوقف هجومه على مارع في ريف حلب الشمالي، والانسحاب منه دون قتال من كلكلبين، وكفر جبرين، وتسع قرى أخرى، يحاصر منها مارع، ويقطع طرق الإمداد بينها وبين إعزاز، وتهدف الخطوة إلى احتواء الأكراد أولاً بعيداً عن «داعش»، وسحب ورقة قتال التنظيم في المنطقة من الأميركيين كغطاء للتقدم الكردي فيها ، واستقدمت المخابرات التركية تعزيزات إضافية من إدلب، تضم مقاتلين من «الجبهة الشامية» وألوية «المعتصم بالله» التركماني، و «صلاح الدين»، و «نور الدين الزنكي»، لتلعب دور الحاجز أمام أي تقدم كردي نحو الشريط الحدودي في شمال حلب، أو نحو إعزاز وطرق الإمداد من تركيا نحو شرق مدينة حلب.
الكينتون العازل !!
تقول المعلومات وفق الصفقات المعلنة ان اردوغان رغم كل مايقوله لايعترض على نشوء كيان كردي سوري على حدود تركيا الجنوبي مقابل تقييد الكيان الكردي الذي سيحل مكان المنطقة العازلة التي حلم بها اردوغان والسيطرة التركية الاقتصادية على منافذ النفط من جيهان، و التحكم بتحويلات الاكراد المالية، وتجارته الخارجية، واحتكار مشاريع بناه التحتية، والتعامل مع هذا الكينتون الموجود في احلامهم على انه شبه محافظة تركية.
و لكن يبقى السؤال هل انتبه اردوغان الى ان هذا الكيان الذي يحاول زرعه مع اميركا سيعزله عن المنطقة العربية وستفقد تركيا جيرتها مع بوابتها للشرق سورية اضافة الى فصل حدوده عن العراق إذ لن تحاذي تركيا بعد ذلك، أيا من العراق أو سورية إلا عبر هذا الكينتون الكردي.
ما قصّة الباتريوت
ليس نشر الباتريوت في تركيا جديد على المنطقة وهو يفوق الأزمة في سورية عمرا واحداثا ففي عام 1990، بدات الاحداث في المنطقة العربية تتحرك خاصة بعد الحرب بين العراق والخليج وفي حرب الخليج وبعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتشكيل تحالف دولي عالمي من اجل انتهاز الفرصة والتدخل في الصدام بين العراق والكويت انذاك كان الحديث عن صواريخ السكود يدور بين أروقة القادة السياسيين والعسكريين في كل دول العالم، وبالأخص أمريكا؛ الأمر الذي دفع هؤلاء القادة إلى طرح خيار صواريخ باتريوت الأمريكية مقابل صواريخ السكود الروسية في ساحة المعركة الجديدة.
في أحداث حرب الخليج وبعد أن لوحت العراق بالضرب بصواريخ سكود انتهزت تركيا الفرصة للجوء إلى حلف الناتو وحصولها على صواريخ الباتريوت لتستطيع الدفاع عن نفسها، علما انه لم يتم توجيه أي ضربات لتركيا من قبل للعراق؛ الأمر الذي دعا مجلس الشيوخ الأمريكي إلى إصدار قرار بسحب صواريخ الباتريوت، ليتم سحبها وإخراجها من تركيا بعد عدة سنوات.
وفي عام 2003 وبعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الحرب على العراق، تم إعادة نشر الصواريخ لكون تركيا في حلف الناتو الذي يحارب العراق و بعد سنوات من الحرب والعدوان الاميركي على العراق ، جرت إعادة سحب الصواريخ من تركيا بقرار من مجلس الشيوخ الأمريكي ، بعد 10 سنوات من ذلك وعندما تأزم الوضع الغربي مع سورية ولوحت واشنطن بالعدوان تم نشر الباتريوت مجددا في تركيا مقابلا للوضع في سورية .
صواريخ الباتريوت تم نشرها اربع مرات وإعادة سحبها ثلاث مرات في عام 2015؛ فعملية النشر والسحب يبدو انها تخضع لمزاج العلاقة التركية مع واشنطن والاهداف الأميركية وليس لكون تركيا عضوا في الناتو وما يزيد الأمر غرابة أن الناتو وبقيادة أمريكا يصدر قرار سحب الصواريخ في كل مرة ومن دون إعلام أنقرة!