سوى منظومة الأدوات التي تستخدمها واشنطن في الحرب على سورية، وهي الأدوات التي تَشكّل منها معسكر العدوان الذي لم يُوفر وسيلة قذرة إلا واستعملها عبثاً من دون أن يتمكن من بلوغ الغايات الشيطانية الصهيو-أميركية المرسومة.
محادثاتُ جنيف لم تتقدم خطوة واحدة، وكان من شأن تنفيذ الاتفاق أن يدفعها للأمام أو يُسهل تحركها. الفصلُ بين الإرهابيين وبين الذين تعتبرهم واشنطن مُعتدلين، لم يجرِ، وقد تعمّدت أميركا عدم القيام بهذا الفصل.
مئاتُ الانتهاكات للاتفاق لم تدفع بالولايات المتحدة لتتحرك أو لتُصدر بياناً تدين فيه استهداف التنظيمات الإرهابية المدن والأحياء السكنية - حلب أنموذجاً -، وفي المقابل استمر تدفق المال والسلاح والإرهابيين عبر الحدود التركية لمُعتدلي أميركا قبل دواعشها، ناهيك عن التعطيل الأميركي لتنفيذ الاتفاق، وبالتالي ضرب موجباته ومنع تحقق أهدافه، فإنّ ما صدر عن واشنطن من مواقف تصعيدية، وما تم رصده من مواقف وإجراءات على الأرض تدل بشكل قاطع على أنّ منظومة العدوان بالقيادة الأميركية ليست بصدد الذهاب إلّا لمزيد من جولات التصعيد التي لن تؤدي إلّا لصدامات جديدة ولحروب مفتوحة لا تنتهي، خصوصاً مع تزوير الوقائع الذي تقوم به، وخاصة مع تراخي العالم مع واشنطن رغم معرفته التامّة بأنها صانع الإرهاب وراعيه ومُنتجه.
روسيا قالتها: نحن من نفد صبرنا وليس الأميركيون. الرسالة الروسية هذه، والرسائل الأخرى التي انطوت عليها زيارة وزير الدفاع لسورية، والتصريحات الأخيرة لرئيس الأركان، ربما تكون وصلت رداً على نص مسرحية نفاد الصبر الأميركي، غير أن إدارة أوباما - كيري - آشتون التي تُسجل في هذه الأثناء محاولة العودة لنقطة الصفر وللمربع الأول تحتاج في الواقع لحركة أخرى ولأداء غير كلاسيكي يجعلها تُفكر، تُعيد الحسابات، تتخلى ربما عن تدوير المشكلات والملفات للإدارة القادمة.
سورية التي صبرت وصابرت وتحملت كثيراً ما زالت الكلمة المفتاحية في يدها، وما زالت مكنوزة بالقدرة والاقتدار، وما زال سقف مخزونها من الصبر والتحمل عالياً، لكنّها كما كانت دوماً تعمل بنفس طويل، فإنّها - بالتعاون مع الأصدقاء والحلفاء - قد لا تُؤجل بعد اليوم ولوقت طويل المفاجآت التي أعدتها لمنظومة الأعداء، وللأدوات الخليجية السلجوقية، وللمُشغلين من وراء البحار.. وإذا كان المبتدأ اليوم حلب، فمروحة الخبر غداً كل سورية.